الإمارات والسعودية تواصلان مسيرة العمل المشترك بـ"استراتيجية العزم"
"استراتيجية العزم" تستكمل مسارا طويلا من العمل المشترك بين الإمارات والسعودية، الذي بُني على أسس تاريخية صلبة.
رفعت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مستوى العلاقات بين البلدين إلى مراحل غير مسبوقة، اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديا وتنمويا وعسكريا عبر 44 مشروعا استراتيجيا مشتركا.
وتأتي المشروعات ضمن "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولا من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية وخلال 12 شهرا.
- قرقاش: مجلس التنسيق السعودي الإماراتي يحمل بشرى للبلدين والمنطقة
- وزراء يشيدون بالاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي ومخرجاته
وتستكمل "استراتيجية العزم" مسارا طويلا من العمل المشترك بين البلدين الشقيقين بُني على أسس تاريخية صلبة، تعززها روابط الدم والمصير المشترك، وتحكمها وحدة الرؤى والمصالح في التعامل مع جميع القضايا الخليجية والعربية والعالمية، الأمر الذي جعلها نموذجا فريدا للعلاقات الثنائية بين الأشقاء.
ويرتبط البلدان بعلاقات تاريخية وشراكة استراتيجية راسخة وشاملة ومواقف ورؤى متطابقة، فضلا عما تحظيان به من تقدير وثقة دولية كبيرة، إيمانا بأن الدولتين قادرتان بالتعاون والتنسيق مع دول عربية شقيقة على إعادة التوازن والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وضمان مصالح شعوبها.
وأسهمت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية في حفظ وتعزيز الأمن القومي الخليجي والعربي عبر عديد من المواقف التاريخية في الملفات كافة، وتحقيق التطلعات في الأمن والتنمية والاستقرار، والأهم من ذلك كله إعادة الأمة إلى مكانها وتأثيرها الطبيعي في أحداث المنطقة والوقوف بحزم في وجه الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضدها.
ويرجع الفضل في تأسيس العلاقات المتينة بين البلدين إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود طيّب الله ثراهما، اللذين حرصا على توثيقها باستمرار وغرسها بذاكرة الأجيال المتعاقبة حتى تستمر على نهج التنسيق ذاته والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، بما يكفل الانسجام التام والكامل لكل القرارات المتخذة من البلدين الشقيقين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وتمثل العلاقات الثنائية وبجهود ودعم قيادتي البلدين ركنا أساسيا من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي، وتراهن شعوب المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج على التحالف السعودي-الإماراتي في تحقيق تطلعاتها في الأمن والتنمية والاستقرار.
ولم يأتِ ذلك من فراغ، وإنما من معطيات وشواهد بليغة ترتبط بعلاقاتهما التاريخية وشراكتهما الاستراتيجية الراسخة والشاملة، ومواقفهما ورؤاهما المتطابقة، فضلا عما تحظيان به من تقدير وثقة دولية كبيرة تؤكد أن البلدين قادران بالتعاون والتنسيق مع دول عربية شقيقة في مقدمتها جمهورية مصر العربية على إعادة التوازن والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية وضمان مصالح شعوبها.
وقطعت العلاقات الثنائية بين الإمارات والسعودية خلال العقد الأخير خطوات استراتيجية مهمة جعلت منها نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالا على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.
وقد عبّر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن هذه القناعة خلال الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للإمارات في 3 ديسمبر/كانون الأول 2016، حينما غرد عبر حسابه الشخصي على تويتر قائلا: "علاقات المملكة ودولة الإمارات تجاوزت العلاقات الدبلوماسية والتحمت لتكون علاقة العضد بعضيده.. نسأل الله أن يحمي هذا الجسد الواحد".
وتؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن المملكة العربية السعودية تشكل صمام أمان في وجه المشاريع التي تستهدف شق وحدة الصف العربي، وهذا ما عبر عنه صراحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال الزيارة التاريخية نفسها حين قال: "إن دولة الإمارات آمنت دائما بأن المملكة العربية السعودية هي عمود الخيمة الخليجية والعربية، وأن أمنها واستقرارها من أمن واستقرار الإمارات وغيرها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى".
وأضاف: "إن التاريخ العربي سوف يتذكر على الدوام المواقف التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة محاولات التدخل في المنطقة العربية، من قبل أطراف خارجية لها أطماعها فيها".
وحرصت القيادة في البلدين الشقيقين على ترسيخ العلاقات فيما بينهما، وبرز ذلك جليا من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو/أيار 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
وشكلت هذه اللجنة تحولا نوعيا في العلاقات بين البلدين، وعملت على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمنا واستقرارا لمواجهة التحديات في المنطقة، في إطار كيان قوي متماسك بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وشكل توجه دولة الإمارات والمملكة إلى تأسيس مجلس تنسيقي ثنائي نقلة نوعية ومرحلة جديدة في مسار العلاقات الثنائية، لكونه يدشن نافذة وقناة للاتصال المباشر والمستمر بينهما مما يساعدهما على اتخاذ القرارات اللازمة للتعامل مع القضايا الملحة بشكل آن وفعال، ووفق أسس وقواعد مدروسة ومحددة مسبقا.
وفي الشهر نفسه من عام 2016 وقع البلدان على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بينهما يهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، حيث نصت الاتفاقية على أن يجتمع المجلس بشكل دوري، بالتناوب بين البلدين.
وفي ترجمة سريعة لنتائج إنشاء المجلس التنسيقي جاء انعقاد "خلوة العزم" التي التأمت على مرحلتين الأولى في 21 فبراير/شباط 2017 بأبوظبي بمشاركة أكثر من 150 مسؤولا حكوميا وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين، والتي بحثت سبل تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بينهما بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، وتعكس حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في المجالات ذات الأولوية.
وانعقدت المرحلة الثانية من "خلوة العزم" في 13 أبريل/نيسان 2017 بالرياض، وناقشت آليات تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين، وإيجاد حلول مبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، من خلال عدد من المواضيع أهمها البنية التحتية والإسكان، والشراكات الخارجية، والإنتاج والصناعة، والزراعة والمياه، والخدمات والأسواق المالية، والقطاع اللوجستي والنفط والغاز والبتروكيماويات، والشباب والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية وريادة الأعمال، والسياحة والطاقة المتجددة، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة.
وتعد العلاقة بين الإمارات والسعودية صمام أمان لحفظ الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخ البلدين حافل بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو دعم الدول العربية، حيث تعمل السعودية والإمارات على التعاطي بشكل موحد مع القضايا والمستجدات من خلال مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات، والذي تجلى في قضايا اليمن وإيران وغيرهما من القضايا التي تواجه المنطقة، مما شكل سدا منيعا أمام تلك التحديات، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف، والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
وتجلى التأثير الإيجابي للشراكة الإماراتية-السعودية على الأمن القومي الخليجي بعدما لعب البلدان دورا كبيرا في مواجهة ما كان يحاك لمملكة البحرين الشقيقة في عام 2011، وقادا تحركا عاما لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبر إرسال قوات "درع الجزيرة" إلى البحرين، انطلاقا من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول المجلس، وهو الأمر الذي كان له عظيم الأثر في إعادة حفظ الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين.
ولعب البلدان دورا محوريا في الحفاظ على التماسك داخل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي هذا السياق جاء القرار الذي اتخذته كل من الإمارات والسعودية ومعهما مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية في الخامس من شهر يونيو/حزيران 2017 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد استنفاد كل المحاولات الدبلوماسية لإعادة قطر إلى الإجماع الخليجي والعربي، وبعد أن فاض الكيل جراء سياساتها ومواقفها الأخيرة التي تنطوي على تهديد واضح للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
ويحسب للإمارات والسعودية أنهما كشفتا الأدوار التخريبية التي تقوم بها إيران في زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة ولعل مخرجات القمتين الخليجية-الأمريكية، والقمة الإسلامية-الأمريكية بالرياض في شهر مايو/أيار 2017 تؤكد ذلك بوضوح.
وجاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ومشاركة الإمارات القوية والفاعلة مدعوما من دول المنطقة، ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.
ولم يكن التحالف العربي، خصوصا في وجهه الإماراتي السعودي، وليد لحظة عابرة في العلاقات بين البلدين الشقيقين وإنما جاء استمرارا وتتويجا لعلاقات امتدت جذورها في التاريخ وأخذ بعده الحاضر والمستقبلي من الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة في البلدين في بناء علاقات أخوية متميزة بينهما ترقى إلى حجم الآمال والتطلعات لشعبي البلدين في بناء صرح خليجي قوي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق طموحاتهما في عيش آمن ومستقر ومزدهر يمتد إلى كل دول المنطقة بعيدا عن أي تهديدات خارجية.
وانضم البلدان إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتصدي للتطرف والإرهاب، حيث شاركا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014، كما تقوم الإمارات والسعودية بدور محوري ورئيسي في الحرب الدولية ضد التطرف والإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية، وهي جهود تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع.
وتلعب السياحة بين البلدين دورا مهما وحيويا في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب مزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة لتطوير هذا القطاع، بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية لما تتمتع به من مقومات أساسية تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقا في الدولة.
وتجسد العلاقات الثقافية بين البلدين مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما، التي تعززت عبر قنوات متعددة أبرزها قطاع التعليم الذي شهد في البدايات سفر طلاب الإمارات إلى السعودية للالتحاق بمدارس مكة المكرمة والإحساء والرياض، في حين تستقبل الجامعات والمعاهد الإماراتية اليوم عددا كبيرا من الطلاب السعوديين.
وتمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء من خلال إقامة العديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو على مستوى التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة التي تعمل في هذا السبيل والمبدعين والمثقفين في البلدين، ضمن رؤية ترتكز إلى أن العلاقة بين البلدين الشقيقين تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي لا يضاهى.
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjEwOCA=
جزيرة ام اند امز