دفعة تاريخية نحو حل الدولتين.. قرار مجلس الأمن يتوج جهود الإمارات
خلال مرحلة حرجة للغاية وبالغة الدقة من عمر حرب غزة، جاء اعتماد مجلس الأمن مشروع القرار الذي تقدمت به دولة الإمارات، ليكون بمثابة تضميد لجرح ينزف، وإنقاذ أوضاع باتت على شفا الانهيار.
قرار يعالج تحديات عديدة ويتضمن خطوات ملموسة ومهمة للغاية لزيادة تدفق المعونات إلى قطاع غزة بأَمان ودون عوائق وعبر كافة الطرق المتاحة.
ويوم الجمعة، اعتمد مجلس الأمن مشروع قرار إماراتيا يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع.
قرار جاء بعد مفاوضات ماراثونية أجرتها الإمارات مع الولايات المتحدة الأمريكية على مدار 5 أيام متتالية، أرجئ خلالها التصويت على القرار نحو 4 مرات، لضمان تمريره وعدم استخدام الفيتو الأمريكي، وهو ما نجحت فيه دولة الإمارات بالفعل، نصرةً لأهل غزة بشكل خاص والإنسانية بشكل عام.
فما أبرز ما جاء في القرار؟
بموجب القرار الذي اعتمده مجلس الأمن فإنه يطلب من أطراف النزاع تسهيل وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وعلى نطاق واسع، إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.
وبغية تسريع وتيسير وتعجيل عملية توفير المساعدات مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المعونة إلى المحتاجين، طلب القرار -الذي يعد الأول من نوعه في مجلس الأمن- إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع توفير شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية.
وبحسب ديباجة القرار فإنه يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار، يكون مسؤولاً في غزة عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة.
وأكد القرار ضرورة التزام الأطراف المتنازعة بالتنسيق مع المنسق للوفاء بولايته دون تأخير أو عوائق، مشددًا على أهمية حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
وفيما دعا القرار الأطراف، ولأول مرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى وقف الأعمال العدائية، وكرر التزام مجلس الأمن الثابت برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً الى جنب بسلام وحدود آمنة ومعترف ليها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وطالب القرار بإدخال الوقود إلى غزة استجابة للاحتياجات الإنسانية، داعيًا جميع الأطراف للامتثال إلى القانون الدولي الإنساني ويشجب جميع الهجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية، وكذلك كافة الأعمال العدائية ضد المدنيين.
سياق إصدار القرار؟
واستجابةً للأوضاع الكارثية في قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر بلا هوادة وانقطاع الخدمات الأساسية والشح الكبير في المواد الإغاثية المنقذة للحياة، كان توقيت القرار شديد الأهمية؛ فمعدلات الجوع والعطش بلغت مستويات غير مسبوقة تنذر بحدوث مجاعة لنصف مليون شخص في القطاع، فيما يعاني القطاع من نقص حاد حتى في أبسط المواد الطبية، مما يصعب معالجة المرضى والجرحى ويهدد بتفشي الأمراض والأوبئة.
الإمارات تنتصر لغزة بمجلس الأمن.. قرار تاريخي بتوسيع المساعدات
وجاء القرار بعد الزيارة التي نظمتها دولة الإمارات لأعضاء مجلس الأمن الحاليين والمقبلين إلى معبر رفح والعريش في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي كشفت أن عمليات إيصال المساعدات إلى غزة بهيئتها الحالية غير كافية، وأن هناك حاجة ملحة لتسريع إيصال المساعدات وتوسيع نطاقها، خاصة أن آلاف الشاحنات والمساعدات مكدسة في طوابير طويلة بانتظار الدخول إلى غزة.
تلك الزيارة شهد خلالها الوفد الزائر الضغط الهائل الذي تواجهه مصر على معبر رفح رغم جهودها الحثيثة في تيسير إيصال المساعدات, وضرورة بلورة استجابة دولية لتخفيف الأعباء ودعم العمليات الإنسانية.
أهداف القرار:
يسعى لمعالجة تحديات عديدة خلال مرحلة حرجة للغاية وبالغة الدقة، خاصة بعد أن أكد مسؤولو الأمم المتحدة وفي مقدمتهم الأمين العام أنطونيو غوتيريش أن الأوضاع باتت على شفا الانهيار، وبات واضحاً الحاجة لاعتماد مثل هذا القرار الذي يتضمن خطوات ملموسة ومهمة للغاية لزيادة تدفق المعونة إلى قطاع غزة بأَمان ودون عوائق وعبر كافة الطرق المتاحة.
جاء القرار استجابةً للتكليف الصادر عن القِمّة العربية-الإسلامية التي عُقِدَت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في عبء تحملته دولة الإمارات، باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن، بالتنسيق الوثيق والعمل عن كثب مع فلسطين ومصر خلال صياغة القرار لضمان التوصل إلى نص يستجيب للأوضاع الإنسانية في غزة.
ما أهمية القرار؟
يعد أول مرة يشير فيها قرار لمجلس الأمن إلى أن حل الدولتين يتفق مع القانون الدولي، وليس فقط مع قرارات الأمم المتحدة، ويشمل هذا حق تقرير المصير.
ليس هذا فحسب، بل إن القرار يعد الأول من نوعه منذ عام 2009 والذي يشير إلى «دولة فلسطين»؛ فهو يؤكد أن قطاع غزة يعد جزءًا لا يتجزأ من الأرض المحتلة لعام 1976، ويشير إلى حل الدولتين، حيث يُعد قطاع غزة جزءًا من الدولة الفلسطينية.
القرار -كذلك- يعد الأول من نوعه الذي يشير إلى ضرورة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، بل إنه يعد أيضا علامة فارقة؛ كونه يقر لأول مرة أن خدمات الاتصالات من الخدمات الأساسية للحفاظ على حياة المدنيين، في ظل انقطاع هذه الخدمات عن أهل غزة؛ الأمر الذي يعرقل تقديم الخدمات الإنسانية لهم.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTA4IA== جزيرة ام اند امز