قد تكون دولة الإمارات هي الدولة الوحيدة في التاريخ الحديث والمعاصر التي ارتبط جوهر وجودها، وكل إنجازها الحضاري، وحضورها الدولي بإنسان؛ هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات.
فقد تجسدت فيه كل القيم النبيلة، التي توارثها الإنسان العربي المسلم على هذه الأرض، مثل النخوة والشهامة والكرم والصبر والحلم والمروءة والتسامح والمثابرة والإصرار وغيرها.
واستطاع هذا الإنسان أن يبني دولة بالإنسان وللإنسان، وأن يبدأ بتوحيد الإمارات السبع، وأن يجمع حوله بحكمة وصبر حكامها، وأن يحقق التجربة الوحدوية العربية الوحيدة التي استطاعت الصمود والاستمرار، وحققت التنمية، والرفاهية، والازدهار.
لقد كانت نقطة التحول التاريخية الكبرى هي قيام الاتحاد ذاته، في ظل ظروف صعبة على المستوى الإقليمي؛ حيث العراقيل التي كانت تضعها القوى الدولية والإقليمية، وحيث الضعف العربي بعد هزيمة ،١٩٦٧ وحرب اليمن، وكذلك على مستوى الإمارات السبع؛ حيث الظروف الاقتصادية العسيرة، وانشغال كل إمارة بتحقيق احتياجات سكانها.
هنا جاءت رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الثاقبة، وبصيرته النافذة، وعزيمته الصلبة، وصبره الجميل، واستطاع مع إخوانه حكام الإمارات بناء أهم وأنجح تجربة اتحاد في التاريخ العربي الحديث.
واستطاع كذلك أن يحقق إنجازات قرن في جيل واحد كما عبر أحد الكتاب الغربيين، فما تم في دولة الإمارات في جيل واحد يستغرق قرنا من الزمان وأكثر في دول أخرى.
وقد يظن البعض أن مجرد اتحاد الإمارات السبع كان يمكن أن يغير الأحوال. والحقيقة أن الاتحاد كان هو المقدمة، وفتح الباب فقط.
وهنا يأتي ثاني الإنجازات وهو بناء دولة حديثة لشعب مستقر وسعيد، وقد كان التحدي الأكبر هو كيف يمكن انتشال غالبية سكان دولة الإمارات من حالة الضعف الاقتصادي والأمية، وانعدام وسائل الحياة الحديث؟ وكيف يمكن إقناع الناس أن الاتحاد هو خير عميم على الجميع لذلك عليهم التمسك به ودعمه؟
هنا جاءت حكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في مشاركة خيرات الأرض مع جميع سكان هذه الأرض، وهنا كانت البداية بالإنسان؛ ومن الإنسان بدأ بناء دولة حديثة على كل المستويات: من مؤسسات الحكم الحديثة التي تحقق مصالح المواطنين وتنهض بهم. إلى تأسيس بنية تحتية من طرق وخدمات ومدارس وجامعات ومستشفيات حديثة.
وفوق كل ذلك الاستثمار في الإنسان الإماراتي. فاستطاع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؛ وفي وقت قصير تكوين جيل متعلم ومدرب من المواطنين من مختلف الإمارات قادر على قيادة الدولة.
ومع بناء الدولة الحديثة جاء الإنجاز الثالث. وهو ترسيخ هوية واحدة لأبناء الإمارات السبع، فأصبح الجميع يفخر بأنه إماراتي, وأنه من عيال زايد، كان ذلك ثمرة من ثمرات عدله الذي يشهد به الجميع، وأبوته الحانية على الجميع، وإنسانيته التي شملت كل المواطنين والمقيمين.
نجح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الإنسان والقائد في بناء مجتمع العدل، والتعاون والتراحم، والتسامح، والانفتاح على جميع بني البشر، فكانت دولة الإمارات أعظم نموذج للتسامح في عالم اليوم، وكان شعبها من أسعد شعوب الأرض، وذلك لأن قيمة العدل والمساواة وحب الخير للجميع كانت من أهم القيم التي رسخها القائد الإنسان في شعبه.
ورابع الإنجازات التي حققها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد النادر والإنسان الحكيم هي رعاية واستثمار النعم التي أنعم الله بها على دولة الإمارات، فعلى الرغم من وجود الثروة النفطية، إلا أن حكمة زايد دفعته للاهتمام بكل مصادر الخير ولو كانت بسيطة، ويمكن أن تتجاهلها وتهملها الناس في زحمة الخير الذي أفاض الله به على البلاد.
فاهتم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بالزراعة خصوصا زراعة النخيل وجعل من دولة الإمارات واحدة من أهم الدول في ذلك، واهتم بالتشجير وزراعة الغابات.
واهتم بالصيد البحري، واهتم بالإبل، واستطاع بحكمته حفظ كل الاقتصاد المتوارث من الضياع، واستثماره وتحويله إلى مصدر رزق للمواطنين. وحقق ما يسمونه اليوم بالتنوع الاقتصادي.
وخامس الإنجازات كان بناء مجتمع يقوم على حكم القانون، وسيادة القانون، وأن جميع الناس مواطنين، ووافدين، وزائرين سواسية أمام القانون، فكانت الإمارات بفضل حكمة زايد القائد والإنسان واحدة من أكثر دول العالم نجاحا في تحقيق حكم القانون.
وللعلم فإن حكم القانون وانتشار العدالة وشعور الناس أن القانون يحمي حقوقهم هو أهم سبب لنجاح دولة الإمارات وازدهار اقتصادها، وتقدمها.
وسادس الإنجازات ترسيخ علاقات مع دول الجوار والأقاليم والعالم تقوم على الحكمة والتوازن وبعد النظر، فقد حرص، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على أن تكون علاقات الإمارات مع جيرانها ومع العالم العربي علاقات أخوية عميقة تترفع عن صغائر الأمور، ولا تدخل في صراعات ولا صدامات، تمد يد العون للجميع، وتسعى للصلح بين المتخاصمين حتى جاء وقت كان في أبوظبي ممثلون عن الحكومة ومعارضوها من دول عربية مختلفة مثل اليمن والعراق والجزائر.. إلخ، كل ذلك تم بسبب حكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسعة صدره، وحنكته السياسية وكرمه.
وسابع الإنجازات وضع دولة الإمارات في موقع دولي يقوم على العمل الإنساني والتعاون الاقتصادي والعمل الخيري، حتى أصبح العالم أجمع يحب دولة الإمارات إلى درجة تجعل من الصعب أن تجد عدواً للإمارات في أي مكان في العالم، لأن دولة الإمارات لها أياد بيضاء في العمل الخيري في كل الأزمات التي يعيشها العالم؛ دون تفرقة بين المحتاجين على أساس الدين أو العرق أو اللغة.
وأصبحت الدبلوماسية الإنسانية والدبلوماسية الاقتصادية عنوانا لعلاقات الإمارات بالعالم.
لقد ترك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ميراثا من المحبة في كل الدنيا لا يقدر بمال، ولا تساويه كل كنوز الأرض.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة