في ظل الحرب الدامية المدمرة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لمدة 49 يوماً قبل توقفها لهدنة إنسانية، تحتفل الأمم المتحدة (29 نوفمبر/تشرين الثاني) بما تطلق عليه "اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني".
وكانت الجمعية العامة للمنظمة الدولية قد حددت هذا الاحتفال السنوي في قرار لها عام 1977، كتعويض رمزي للشعب الفلسطيني عما لم يتحقق له من قيام دولة مستقلة على جزء من أرض فلسطين التاريخية، بحسب قرار التقسيم الذي أصدرته نفس الجمعية العامة رقم 181 عام 1947، أي ثلاثين عاماً بعد هذا القرار.
وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإن ما بات يعرف بقرار التقسيم كان ينص على "أن تُنشأ في فلسطين (دولة يهودية) و(دولة عربية)، مع اعتبار القدس كيانا متميزاً يخضع لنظام دولي خاص. ومن بين الدولتين المقرر إنشاؤهما بموجب هذا القرار، لم تظهر إلى الوجود إلا دولة واحدة هي إسرائيل".
ويواصل موقع الأمم المتحدة تفسير صدور قرار احتفال التضامن بقوله، أن الشعب الفلسطيني ما زال "يعيش أساساً في الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي إسرائيل؛ وفي بلدان عربية مجاورة؛ وفي مخيمات اللاجئين بالمنطقة".
ويضيف الموقع الأممي أهداف هذا اليوم التضامني الدولي، بأنه يوفر "فرصة لأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحل بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها". ويعدد الموقع بعدها أشكال ومظاهر هذا الاحتفال التضامني، من قيام الحكومات والمجتمع المدني سنويا بأنشطة شتى احتفالاً به، وهي تشمل، فيما تشمل، إصدار رسائل خاصة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم عقد الاجتماعات، وتوزيع المطبوعات وغيرها من المواد الإعلامية، وعرض الأفلام. بينما تعقد جلسة خاصة في مقر الأمم المتحدة، للجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، ويكون من بين المتحدثين فيها الأمين العام، ورئيس الجمعية العامة، ورئيس مجلس الأمن، وممثلو هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات الحكومية الدولية، وفلسطين، ومتحدث باسم المجتمع الدولي للمنظمات غير الحكومية المعتمدة لدى اللجنة.
هذا هو "اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" كما أقرته المنظمة الدولية بدوافعه وأهدافه ومظاهره، وهذا هو أمامنا وحولنا الواقع الحقيقي الذي يعيشه هذا الشعب بعد 46 عاماً من بدء الاحتفال به، وبعد 76 عاماً من سببه الرئيسي وهو صدور قرار التقسيم الذي لم يطبق منه سوى إقامة الدولة اليهودية، بينما يعيش الشعب الفلسطيني إما تحت الاحتلال أو في الشتات أو تحت القصف في غزة والقمع وزحف الاستيطان في الضفة الغربية.
إن الشعب الفلسطيني، كما توضح مجريات العدوان الإسرائيلي الحالي عليه، وكما بات العالم كله تقريباً، عدا إسرائيل، يجمع في ظل هذا العدوان، على أن الحل الحقيقي لهذا الصراع الدامي الممتد لنحو قرن من الزمان، هو العودة لتطبيق القرار سبب الاحتفال التضامني السنوي، أي قرار تقسيم فلسطين، وإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين بجوار دولة إسرائيل.
لقد أدرك العالم بعد احتفالات ومظاهر تضامنية سنوية دامت 46 عاماً مع الشعب الفلسطيني في اليوم الذي حددته الأمم المتحدة لهذا، أن التضامن الوحيد الذي ينهي مآسي وآلام هذا الشعب هو أن يحصل على دولته المستقلة ضمن حل الدولتين، بما يوفر له أمنه وهويته وكرامته والحد الأدنى من احتياجاته الإنسانية.
وبدون هذا الحل – الحق، فكما بات أغلب قيادات العالم يصرحون باقتناع تام، لن يكون هناك استقرار أو أمن أو سلام، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية، بل وفي مجمل المنطقة وبما يهدد العالم كله.
الحل واضح وقديم – متجدد: إقامة الدول الفلسطينية المستقلة واعتراف أعضاء المجتمع الدولي ومنظمته (الأمم المتحدة) بها، وبعدها يمكن التفاوض على كل القضايا المعلقة.
diaarashwan@gmail.com
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة