الإمارات وتركيا.. 3 قمم في 5 أشهر تعزز الشراكة الاستراتيجية
تتوج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى دولة الإمارات، النقلة النوعية التي تشهدها علاقات البلدين على أكثر من صعيد.
وتكتسب تلك الزيارة أهمية خاصة، كونها تأتي بعد نحو شهر من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، لتركيا في 10 يونيو/حزيران الماضي، كانت الثانية له خلال أقل من عامين بعد الزيارة التي أجراها 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 التي كانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين.
وتعد الزيارة الحالية هي الثالثة التي يجريها أردوغان لدولة الإمارات خلال 18 شهرا بعد زيارتين أجراهما في فبراير/شباط ومايو/أيار عام 2022.
5 زيارات متبادلة بين قادة البلدين خلال فترة قصيرة، تخللها أيضا عقد قمة عبر تقنية الاتصال المرئي في 3 مارس/آذار الماضي، شهد خلالها الزعيمان توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، الأمر الذي يبرز النقلة النوعية التي وصلت إليها علاقات البلدين، ويؤكد مضي علاقات البلدين إلى مستقبل زاهر.
وتعد قمة اليوم بين الجانبين هي القمة الثالثة بينهما خلال 6 أشهر، بعد قمتي يونيو/ حزيران (إسطنبول)، ومارس/آذار (قمة عن بعد) الماضيين.
كما تعد القمة السادسة التي تجمعهما خلال عام بعد مشاركتهما في 3 قمم دولية وهي قمة مجموعة العشرين بإندونيسيا منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقمتي "منتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغير المناخ " في 17 يونيو/حزيران 2022، و20 أبريل/ نيسان 2023، اللتان عقدتا عن بعد بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
كما تعد المباحثات التي تجمع الزعيمين هي السابعة بينهما خلال 6 أشهر، بعد المباحثات الهاتفية التي جمعتهما في 6 فبراير/شباط و30 مارس/آذار و18 و28 مايو/أيار الماضيين.
قمم متتالية ومباحثات متواصلة خلال وقت قصير الأمر الذي يعكس قوة وصلابة العلاقات بين البلدين، وحرص قيادات البلدين على التواصل المستمر والتنسيق الدائم بما يسهم في تحقيق ازدهار ورخاء البلدين.
ويؤمن البلدان بأن تعزيز العلاقات الثنائية لن يسهم فقط في الحفاظ على المصالح المشتركة، ولكنه يعزز أيضاً من ازدهار المنطقة وتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين.
5 زيارات متبادلة.. محطات تاريخية
شهد العامان الماضيان نقلة نوعية في علاقات البلدين، توجت بـ5 زيارات متبادلة بين قيادات البلدين.
وتعد الزيارة الحالية للرئيس التركي إلى دولة الإمارات هي الثالثة له للدولة بعد زيارتين أجراهما مايو/أيار وفبراير/شباط 2022، فيما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارتين لتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويونيو/حزيران الماضي.
أولى تلك الزيارات، أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وكانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، بعد فترة فتور.
وخلال الزيارة، تم عقد قمة إماراتية تركية تم في أعقابها توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات بين البلدين، إلى جانب إعلان دولة الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.
وبعد 3 أشهر، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة لدولة الإمارات، منتصف فبراير/شباط 2022 في خطوة وصفت بـ"التاريخية" وكانت الأولى له منذ نحو 9 أعوام، تعزيزا ودعما للعلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
وشهدت الزيارة توقيع نحو 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبروتوكولات بين عدة جهات في دولة الإمارات ونظيراتها في تركيا تهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع الشراكات بين البلدين في مجالات الاستثمار والصحة والزراعة بجانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها.
ودشنت الزيارتان "التاريخيتان" صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين بلدين مهمين في المنطقة، تصب في صالح دعم الأمن والاستقرار وتحقيق الرخاء والازدهار.
وأثمرت الزيارتان جملة من الفوائد في مقدمتها تعزيز العلاقات المشتركة ونقلها إلى مرحلة جديدة هدفها دعم وتطوير كل ما يحقق التنمية والازدهار للبلدين الصديقين.
وما بين الزيارتين وعقبهما شهد البلدان زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة واتفاقيات مشتركة، ساهمت بشكل كبير في تسريع خطى التعاون.
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة للإمارات 17 مايو/أيار 2022 قام خلالها بتقديم التعازي إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في وفاة فقيد الأمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وتهنئته بتولي رئاسة البلاد.
شراكة اقتصادية شاملة
العلاقات الثنائية بين الإمارات وتركيا شهدت تطورات إيجابية متلاحقة توجت بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما في مارس/آذار الماضي، خلال قمة رئاسية عبر تقنية الاتصال المرئي عقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مع الرئيس التركي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال القمة أن الاتفاقية تعبر عن الإرادة المشتركة لانطلاق مرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
وبين أنها "ستسهم في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي.. ودفع مسيرة التنمية في البلدين نحو مستقبلٍ مُشرق".
وأشار إلى أن توقيع الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقات البلدين خلال الفترة الماضية حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40 % عن عام 2021، و112% عن عام 2020، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.
وأوضح أن "الاتفاقية لا تستهدف فقط تحفيز التبادل التجاري والاستثماري والنمو الاقتصادي المشترك، بما يعزز جودة حياة الشعبين الصديقين.. لكنها تؤسس أيضاً لشراكة تنموية حقيقية وبناء مصالح مشتركة وتوطيد علاقات استراتيجية أكثر قوة ومتانة بين البلدين".
وأكد توجه دولة الإمارات نحو تعزيز الشراكات التنموية في المنطقة، بما يدعم السلام والتعاون ويحقق تطلعات الشعوب، نحو التنمية والاستقرار والازدهار.
من جانبه، قال الرئيس رجب طيب أردوغان "نكتب اليوم معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا".
وتابع أن "الجهود المشتركة للجانبين من أجل تعزيز علاقاتهما الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخنا المشترك وثقافتنا وقيمنا تسهم أيضاً بشكل كبير في ازدهار ورفاهية واستقرار منطقتنا والعالم".
ويتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية وخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031 وأن تزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%".
وبموجب هذه الاتفاقية سيتم إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على ما يمثل أكثر من 93% من قيمة التجارة البينية غير النفطية، وهو ما يعزز من فرص نمو التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بالمقارنة بنحو 19 مليار دولار حاليا.
قمة يونيو.. تعزيز الشراكة
وبعد 3 أشهر من قمة مارس/آذار، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بزيارة إلى تركيا في 10 يونيو/حزيران الماضي، أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تناولت علاقات الصداقة ومسارات التعاون والفرص الواعدة لتوسيع آفاقه في مختلف المجالات التي تعزز التنمية والتقدم في البلدين وتسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية والشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.
ورحب الرئيس التركي بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مؤكداً أن زيارته تشكل دفعاً قوياً لتطور العلاقات بين البلدين نحو الآفاق التي يتطلعان إليها وبما يخدم شراكتهما ومصالحهما المتبادلة.
واستعرض الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي ما حققه البلدان من نمو في مسار علاقاتهما في جميع الجوانب، وفي مقدمتها الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا المتقدمة إضافة إلى الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والسياحة وغيرها وذلك في إطار الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان خلال شهر مارس/آذار 2023.
وأعربا في هذا السياق عن ترحيبهما بالمستوى المتطور الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين والذي يبعث على التفاؤل بتحقيق مزيدٍ من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي المستدامين.
وأكد الجانبان خلال اللقاء حرص دولة الإمارات وتركيا على ترسيخ نموذج للتعاون والشراكة في المنطقة، يقوم على قاعدة التنمية المستدامة ودعم جهود السلام والاستقرار الإقليميين لبناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة وتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام.
وأشارا في هذا الإطار إلى أهمية العمل المشترك والتعاون البنَّاء لإيجاد الحلول المناسبة لمختلف التحديات والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم أجمع.
من جانبه أعرب الرئيس التركي عن حرصه على تعزيز العمل المشترك مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لما فيه خير البلدين الصديقين وشعبيهما وبما يعزز السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وقال إن بلاده تولي علاقاتها مع دولة الإمارات أهمية خاصة كونها شريكاً مهماً في دعم التنمية الاقتصادية والاستقرار والسلام على المستويين الإقليمي والعالمي.
قمة يوليو.. مستقبل واعد
ويرتقب أن ترسم القمة التي يعقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي اليوم والمباحثات التي ستعقد خلالها، خارطة طريق لتعزيز الشراكة بين البلدين، والانطلاق بالعلاقات إلى مستقبل واعد يدعم ازدهار ورخاء واستقرار البلدين والمنطقة.