حملة افتراءات تركية قطرية ضد الإمارات.. و"إيريني" السبب
الهدف الرئيسي للعملية إيريني هو مراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا
هجوم متزامن ومنسق شنته وسائل إعلام تركية وقطرية على الإمارات خلال الأيام الماضية، وما زال متواصلا، ضمن حملة افتراءات تستهدف جهود الإمارات لدعم الأمن والاستقرار بالمنطقة وتجفيف منابع الإرهاب وفضح مموليه.
جاء الهجوم بالتزامن مع إطلاق العملية الأوروبية العسكرية "إيريني" لمراقبة حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، الأمر الذي من شأنه القضاء على مشروع أنقرة التخريبي، كونها تنهي تدفق الأسلحة التركية على المليشيات التابعة لحكومة الوفاق غير الدستورية برئاسة فايز السراج.
وتلقت تلك الحملة القطرية التركية صفعة قوية، أثبتت كذبها، بعد أن نفى الجيش السوداني صحة أحد أبرز المزاعم التي روجتها قناة "الجزيرة" القطرية، في إطار سلسلة فبركاتها، وأكد أن القناة "كاذبة".
تفنيد حملة الافتراءات
وبدأت "الجزيرة" القطرية بالتنسيق مع وكالة "الأناضول" التركية الرسمية ووسائل الإعلام التي تدور في فلكهما فبركة سلسلة تقارير حول تدخلات إماراتية مزعومة ونقل أسلحة لدعم الجيش الوطني الليبي.
وفي إطار تلك الحملة، تمت فبركة العديد من الأخبار والاستعانة بتصريحات وحوارات مع عناصرهم الموالين لهم مثل المدعو خالد المشري رئيس ما يسمى مجلس الدولة الليبي، الذي زعم في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية أن الإمارات تتدخل في ليبيا منذ 2013.
تصريحات المشري يكفي لتفنيدها التعرف على سطور قليلة من سيرته الذاتية.
يشغل خالد المشري الإخواني ذو النفوذ الواسع في طرابلس، منصب رئيس ما يسمى "مجلس الدولة الليبي"، ويصفه المراقبون بالحاكم الفعلي في طرابلس والمسيطر على قرارات المجلس الرئاسي، بسبب علاقاته الوطيدة بالمليشيات والمخابرات القطرية والتركية ويعدّ حاليا "عميل" قطر الأول في طرابلس.
كما يعد المشري الحاكم الفعلي للتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة، التي تتخذ من العاصمة طرابلس ومؤسساتها ستارا للسيطرة على مقدرات ليبيا وإيواء المتطرفين.
والمشري هو أحد أبرز قادة تنظيم الإخوان في ليبيا، حيث اعتقل بين عامي 1998 و2006، بعد ثبوت تورطه في التآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية.
وكان المشري من بين المؤسسين لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لإخوان ليبيا.
أما عن تفنيد ما تبثه تلك الحملة من أكاذيب، فقد بثت قناة الجزيرة تقريرا يزعم وصول طائرة إماراتية إلى السودان على متنها مسؤولون إماراتيون "لبحث إرسال مرتزقة سودانيين إلى ليبيا".
ولكن الجيش السوداني نفى، في بيان أصدره، الخميس، صحة ما بثته قناة "الجزيرة" القطرية، وبيّن أنه سيتخذ جميع الإجراءات القانونية ضد القناة "الكاذبة".
وأكد العميد ركن عامر محمد الحسن، الناطق الرسمي للقوات المسلحة السودانية، أن الطائرة الإماراتية كانت تنقل مساعدات من دولة الإمارات إلى بلاده بمناسبة شهر رمضان.
ووجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان الشكر لدولة الإمارات "قيادة وشعبا وأبناء الشيخ زايد لدعمهم السخي والمتواصل لإخوتهم السودانيين بلا منّ ولا أذى".
تأتي الأكاذيب القطرية التركية دون دلائل، في وقت توثق فيه العديد من الفيديوهات نقل تركيا الآلاف من المرتزقة التابعين لجماعات إرهابية إلى ليبيا.
وفي وقت سابق، كشف اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، أن مليشيات السراج استقدموا مجموعات كبيرة من المرتزقة السوريين ومن جنسيات أخرى تجاوز عددهم أكثر من 17 ألف مرتزق، انتقلوا من سوريا إلى ليبيا، عبر تركيا.
صراحة الإمارات
وتعد الحملة المنسقة الأخيرة ليست الأولى من نوعها، ولكنها تأتي في إطار موجة جديدة من الكذب والافتراء، بعد فشل الحملات السابقة.
ويتوقع تزايد وتيرة وشدة الحملة في تلك الأيام الماضية، بتقارير من نسج خيال وسائل الإعلام القطرية والتركية، خصوصا بعد بيان الخارجية الإماراتية، الذي فضح التدخلات التركية ودعمها للإرهاب في ليبيا، ونزل هو الآخر كالصاعقة على الحلف التركي القطري الإخواني.
وأكدت دولة الإمارات تمسكها بالحل السياسي في ليبيا وضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري وشامل.
وشددت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان أصدرته الخميس، على دعم دولة الإمارات للحل السياسي للأزمة الليبية عبر مسار مؤتمر برلين، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، مؤكدة أنه الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.
وأشادت الخارجية الإماراتية بما حققه الجيش الوطني الليبي من تصدٍ للعمليات الإرهابية، وسعيه الحثيث لتحقيق الاستقرار ومواجهة المليشيات المتطرفة والإرهابية في ليبيا.
وأعربت عن بالغ قلقها من التدخل التركي في الشؤون العربية، بما في ذلك الشأن الداخلي الليبي والتصعيد الميداني المصاحب لهذا التدخل، وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية المسلحة عبر نقل المقاتلين الأجانب من تشكيلات مسلحة مدرجة على قوائم الإرهاب إلى الأراضي الليبية، في مخالفة سافرة لقرارات مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن تهريب الأسلحة الثقيلة والخفيفة، في خرق لقرارات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين وجهود المجتمع الدولي الداعية إلى وقف إطلاق النار.
كما أعربت الخارجية عن رفضها القاطع للدور العسكري التركي الذي يعرقل فرص وقف إطلاق النار، ويجهض جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي شامل.
وكانت الدول التي شاركت في مؤتمر برلين، يناير/كانون الثاني الماضي، ومن بينها تركيا، قد تعهدت باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، وبعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، سعيا منها إلى إعادة السلم إلى هذا البلد الذي تمزّقه حرب أهليّة، ولكن تركيا لم تلتزم بما تعهدت به.
ونهاية مارس/آذار الماضي، جرى الإعلان عن انطلاق مهمة "إيريني" الجديدة، التي يوجد مقر قيادتها في روما الإيطالية، قبالة سواحل ليبيا، وقد جاءت بعد انتهاء مهمة "صوفيا" البحرية، المخصصة لتعقب شبكات تهريب المهاجرين.
والعملية إيريني لديها سلسلة من المهام الثانوية، لكن الهدف الرئيسي لها تنفيذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، الذي تفاهم بشأنه رؤساء الدول والحكومات وممثلو المنظمات الدولية في برلين في يناير/كانون الثاني.
ومن المتوقع أن تجمع العملية معلومات حول صادرات النفط غير القانونية من ليبيا، ومكافحة تهريب البشر وتدريب البحرية الليبية.
وتم التخطيط للمهمة بداية لمدة عام واحد، ومن المقرر أن تكون لدى عملية "إيريني" وحدات في الجو وفي البحر، وستكون قادرة على تفتيش السفن المشتبه بامتلاكها أسلحة في البحر، كما ستقدم صور الأقمار الصناعية مساعدة في هذا الخصوص، وهذا من شأنه منع تسليم الأسلحة.
ويعد إطلاق تلك العملية في حد ذاته فشلا لمحور تحالف الشر القطري التركي الإخواني، وانتصارا لمحور مصري إماراتي دولي يدعو إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا، ووقف التدخلات الخارجية في تلك الأزمة وعلى رأسها تدخلات تركيا، كما تجهض تلك العملية مطامع أردوغان بالاستيلاء على النفط الليبي.
أهداف الحملة
وفي إطار ما سبق ذكره، يمكن القول إن أهداف الحملة القطرية التركية الإخوانية ضد الإمارات، التي فشلت مسبقا، تتمثل فيما يلي:
- محاولة تركيا وقطر امتصاص غضب الرأي العام في كلا البلدين حول فشل النظامين الذريع جراء تدخلاتهما في ليبيا.
- حملة الافتراءات الجديدة تحاول تقديم تبرير مسبق لإحباط متوقع لعمليات تهريب أسلحة من تركيا إلى المليشيات التابعة لحكومة الوفاق غير الدستورية برئاسة فايز السراج، وترويج معلومات كاذبة عن الصراع في ليبيا.
- محاولة عبثية لكسب الرأي العام الداخلي في البلدين لاستمرار تدخلهما في ليبيا ورفض التعاون مع العملية "إيريني"، الأمر الذي قد ينذر بصدام معها.
- ترويج أكاذيب وافتراءات ضمن حملة مستمرة يقوم بها البلدان في محاولة عبثية لتشويه صورة الإمارات، خصوصا بعد بيان الخارجية الذي فضح التدخلات التركية في ليبيا ودعمها للإرهاب.