الإمارات وتركيا.. نقلة بالعلاقات تعززها مباحثات وزيارات متبادلة
نقلة نوعية تشهدها علاقات الإمارات وتركيا في الآونة الأخيرة، تتوجها زيارات ومباحثات متواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين.
ويصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دولة الإمارات، الإثنين، في زيارة تأتي بعد 3 أشهر من الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لتركيا، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
- إعلام تركي: زيارة أردوغان للإمارات تعزز الاستثمارات والتجارة
- أردوغان: يسعدني أن أبدأ 50 عامًا أخرى من صداقتنا مع الإمارات
وخلال تلك الزيارة تم وضع الأسس والقواعد لبدء مرحلة جديدة من الشراكة والعلاقات الواعدة بين البلدين، بما يصب في صالح دعم أمن واستقرار المنطقة وتحقيق ازدهار وتنمية البلدين.
وتعد زيارة الرئيس التركي للإمارات إحدى ثمار تلك الزيارة الناجحة.
كما تعد القمة المرتقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي هي الثانية خلال 3 شهور، فيما تعد المباحثات التي ستجري خلالها هي الرابعة خلال الفترة نفسها، بعد إجرائهما مباحثات هاتفية مطلع ديسمبر/كانون الثاني الماضي، و8 فبراير/شباط الجاري.
كما تخلل الفترة نفسها زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين، بما يعكس الرغبة المتبادلة لتعميق وترسيخ علاقات التعاون والشراكة.
وبالتوازي مع تلك الزيارات والمباحثات، تشارك تركيا في "إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم.
لفتات ودلالات
وتعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات هي الأولى له خارج البلاد، بعد تعافيه من الإصابة بفيروس كورونا قبل أيام.
وحرص الرئيس التركي على إتمام الزيارة في موعدها المقرر، بعد تعافيه، دون إرجائها، في رسالة تعكس حرصه على تسريع خطى التقارب والتعاون مع الإمارات، بعد الزيارة الأخيرة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بلاده.
أيضا في لفتة طيبة، حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، على إجراء اتصال هاتفي، الثلاثاء، مع أردوغان اطمأن خلاله على صحته خلال فترة إصابته، داعياً الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل ويمتعه بموفور الصحة والعافية وأن يتجاوز هذا العارض الصحي في أقرب وقت.
من جانبه، أعرب الرئيس التركي عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على هذه اللفتة الكريمة، وما أبداه من مشاعر طيبة تجاهه وشعبه، متمنياً له دوام الصحة والسلامة ولدولة الإمارات وشعبها كل خير.
محطة تاريخية
زيارة الرئيس التركي تأتي بعد 3 شهور من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي كانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين.
وجسدت تلك الزيارة دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عبر مد جسور الصداقة والتعاون والتسامح بين الشعوب وبناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة.
كما حملت الزيارة رسائل متبادلة عكست بوضوح رغبة البلدين في تسريع خطى التعاون بينهما، وأولى تلك الرسائل كانت الحفاوة البالغة التي قوبل بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من الرئيس التركي والمسؤولين الأتراك والإعلام التركي.
أما الثانية فتمثلت في الحصاد المثمر والوافر للزيارة، فعلى الصعيد السياسي تم عقد قمة إماراتية تركية تناولت مباحثات مهمة، إضافة إلى توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات بين البلدين، إلى جانب إعلان الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.
وثالث تلك الرسائل يتلخص في التوافق المثمر بين الجانبين، والذي كشفته تصريحات مسؤولي البلدين ورغبتهما في بدء مرحلة جديدة وواعدة من العلاقات والتعاون.
وفي هذا الصدد، وصف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المباحثات التي أجراها مع الرئيس أردوغان بأنها "مثمرة".
وأعرب عن تطلعه "إلى فتح آفاق جديدة وواعدة للتعاون والعمل المشترك يعود بالخير على البلدين ويحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعاتهما إلى التنمية والازدهار".
بدوره، رحب الرئيس التركي بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، معربا عن ثقته بأن زيارته تمهد لمرحلة جديدة مزدهرة وواعدة من العلاقات والتعاون الذي يصب في مصلحة البلدين وشعبيهما والمنطقة.
مباحثات وزيارات
وسرعان ما تم ترجمة نتائج تلك الزيارة على أرض الواقع، وبدأ البلدان صفحة جديدة في العلاقات.
فبعد يومين من الزيارة، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من الرئيس أردوغان مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية وسبل تطويرها.
وبعدها بنحو أسبوعين، أجرى مولود تشاووش أوغلو وزير خارجية تركيا زيارة إلى الإمارات في 15 من الشهر نفسه، لتعزيز التعاون بين البلدين، أجرى خلالها لقاءات منفصلة مع كل من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.
وفي اليوم نفسه (15 ديسمبر/كانون الأول)، قدم سعيد ثاني حارب الظاهري أوراق اعتماده إلى الرئيس التركي، سفيرا لدولة الإمارات لدى أنقرة.
وتمنى الرئيس التركي للسفير الإماراتي التوفيق في مهام عمله، وتطوير العلاقات الثنائية وتعزيزها في مختلف المجالات التي تجمع البلدين، مؤكدا استعداد بلاده لتقديم كل دعم ممكن لتسهيل مهامه.
وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى مصطفى شنطوب، رئيس الجمعية الوطنية الكبرى لجمهورية تركيا "البرلمان"، زيارة لدولة الإمارات أجرى خلالها مباحثات مع صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، تناولت تطوير العلاقات البرلمانية بين الجانبين.
وأكد البروفيسور مصطفى شنطوب أن دولة الإمارات وجمهورية تركيا تدخلان مرحلة مهمة وديناميكية على صعيد العلاقات بين الجانبين، مشددا على حرص بلاده على بناء علاقات متميزة مع دولة الإمارات.
جاء هذا اللقاء بعد شهر من مباحثات بين غباش وشنطوب بإسطنبول في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تناولت سبل تعزيز علاقات التعاون البرلمانية بين الجانبين، وذلك على هامش مشاركة وفد الشعبة البرلمانية في أعمال الدورة السادسة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
أيضا أجرى توغاى تونسير، سفير تركيا لدى الإمارات، عدة لقاءات في أكثر من مجال لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات عدة، حيث استقبله محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع في مكتبه بوزارة الدفاع.
وتم خلال اللقاء بحث سبل تطوير علاقات التعاون الدفاعي والعسكري بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
كما بحث تونسير مع عبدالله محمد المزروعي رئيس اتحاد غرف الإمارات ورئيس مجلس إدارة غرفة أبوظبي في 3 فبراير/شباط الجاري، سبل تعزيز علاقات التعاون الوثيقة بين دولة الإمارات وتركيا، لا سيما في مجال العلاقات التجارية والاستثمارية.
رسائل إيجابية
وإضافة إلى اللقاءات والمباحثات والزيارات، لم يفوت الرئيس التركي على مدار الفترة الماضية مناسبة إلا وأرسل خلالها رسائل إيجابية عن أهمية تطوير العلاقات بين البلدين لشعوبها بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام.
ففي منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبّر الرئيس التركي عن أمل بلاده في تطوير العلاقات الثنائية مع دولة الإمارات وتعزيزها في مختلف المجالات.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكد الرئيس أردوغان أن زيارته المرتقبة إلى دولة الإمارات "ستفتح صفحة جديدة" بين البلدين.
وقبل يومين من الزيارة، أكد الرئيس التركي أن التقارب الذي بدأ بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة يكتسب زخما جديدا من خلال زياراتنا المتبادلة.
وأعرب من خلال مقال في صحيفة "خليج تايمز" عن ترحيبه بتطوير العلاقات تجاه مجالات التعاون البلدين، مؤكدا أن "زيادة التعاون سيفيد المنطقة أيضا".
وتعد زيارة أردوغان محطة جديدة على طريق تعزيز العلاقات بين البلدين، حيث يرتقب أن تسهم في تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفتح المجال أمام استثمارات جديدة، إضافة إلى دعم الأمن والاستقرار والسلام وتعزيز الازدهار الإقليمي.