حدث تاريخي غير مسبوق في المنطقة، إقامة قداس للبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في دولة عربية إسلامية شرق أوسطية
حدث تاريخي غير مسبوق في المنطقة، إقامة قداس للبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في دولة عربية إسلامية شرق أوسطية، ما كان ممكن أن تفعلها غير دولة الإمارات، وما كان سيتخذ قرارها غير قائد يملك جرأة كمحمد بن زايد.
عظمة هذه المبادرة تأتي لأنها تسير عكس المسارات التي نشهدها من صراعات وفتن، وتسيد للخطاب المتشدد والجماعات المتعصبة التي اختطفت القرار وأرادت أن تفرض على البشرية عقائدها الانعزالية، وتقود العالم إلى حروب كونية، لكن زعيماً عربياً بحجم محمد بن زايد يقدم مبادرة لرجل في مكانة البابا فرنسيس يحمل سمات شخصية غير تقليدية كسرت العديد من القوالب البابوية الجامدة، وفتحت ذراعها للآخر من الأديان والمذاهب والأعراق بأريحية هي الأخرى غير مسبوقة في تاريخ الفاتيكان.
أما زيارة مبعوث نظام الحمدين إلى البابا قبل يومين من الحدث العالمي التاريخي محاولة للتشويش، حالها حال ذبابة دخلت في غفلة وأرادت إفساد جمال المشهد فتم «كشها» وإغلاق النافذة
ومن باب الطرافة أراد نظام الحمدين نظام التناقض والازدواجية أن يفسد هذا الحدث التاريخي، فأرسل مبعوثاً له إلى البابا يوم الخميس ليقدم ادعاءات نظام الحمدين بشأن الأزمة الخليجية، حقيقة "إن لم تستح فافعل ما شئت!".
ليت المبعوث عرض على قداسة البابا صوراً لمعاناة أهله وجماعته وأبناء عمومته من الغفران من أبناء المري الذين طردهم وشردهم نظامه وجردهم من جنسيتهم، وهو يتحدث عن ادعاءات بمعاناة أسر قطرية، وليته عرض على البابا صوراً لضيوف الدوحة الذين يعيشون في كنف نظامها، مثل زعماء طالبان وزعماء النصرة والقتلة المأجورين وخالد شيخ محمد وبقية الإرهابيين، وهو يدعي على جيرانه بتهديد أمن المنطقة!
أرادوا إفساد مشهد تاريخي عظيم يجمع عظماء ورجال دولة وشخصيات عالمية بأحجام العمالقة، لا يعرف قيمتها ولا تقديرها ذلك النظام الصغير الذي دأب على الخراب والدمار، نظام له يد مغموسة في أحداث إرهابية راح ضحيتها مسيحيون ومسلمون.. وهل ننسى ذبح الأقباط في ليبيا وقطر هي الداعمة للإرهاب فيها؟
البابا فرنسيس شخصية تفتح ذراعها للجميع على أمل أن يقدروا هذه الفرص، ففي مقالة جميلة للزميل إميل أمين من جمهورية مصر العربية، وهو بالمناسبة قبطي يقول عن البابا فرنسيس «لماذا هو محبوب من مسلمي العالم؟».
حمل فرنسيس إلى العالم مفهوماً جديداً بقوله «لم توجد الكنيسة لتدين الناس بل لتضعهم وجهاً لوجه مع المحبة الخالصة النابعة من صميم رحمة الله، وحتى يتم ذلك -يقول مراراً- يجب الخروج من الكنائس والرعايا، الخروج والذهاب للبحث عن الناس حيث يعيشون ويتألمون، وحيث يعيشون آمالهم».
لم يحدد البابا فرنسيس الناس بالمسيحيين فقط أبداً، بل إننا رأيناه في حديثه عن مسلمي الروهينجا تقدمياً أكثر بكثير جداً من أطراف عربية وإسلامية، حين استنكر ما تقوم به حكومة بورما البوذية من إحراق وإغراق واضطهاد للمسلمين هناك، والذين وصفهم خليفة بطرس بأنهم «أخوة أشقاء لنا، إشكاليتهم الوحيدة أنهم مسلمون».
التقاطة الشيخ محمد بن زايد لفرادة هذه الشخصية وما يمكن أن تعنيه وتسفر عنه زيارتها لمنطقتنا ذكية جداً، لا تخلو مكاسبها السياسية عن مكاسبها الإنسانية أبداً، بل حتى مكاسبها الاقتصادية، ذلك تفكير استراتيجي ذو ثلاثة أبعاد، يعرف حجم الحجر الذي سيلقى وقُطْر الدوائر التي ستحدث واتساعها.
أما زيارة مبعوث نظام الحمدين إلى البابا قبل يومين من الحدث العالمي التاريخي محاولة للتشويش، حالها حال ذبابة دخلت في غفلة وأرادت إفساد جمال المشهد فتم «كشها» وإغلاق النافذة.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة