تقنيات الاستمطار المبتكرة تحد من شح المياه.. الإمارات تسبق بخطوة
توظف الإمارات تقنيات الاستمطار المبتكرة لمعالجة شح المياه؛ وذلك ضمن جهود مواجهة تداعيات التغير المناخي .
وعملت دولة الإمارات بفضل الرؤى الاستباقية لقيادتها الرشيدة على تبني وتطوير ودعم مختلف التقنيات والابتكارات الحديثة المجدية لضمان تأمين موارد مستدامة للمياه والتي تعد الأمطار أحد مصادرها الرئيسية وذلك انطلاقًا من دورها الريادي في معالجة القضايا ذات الاهتمام الدولي ومن ضمنها الأمن المائي إذ يعد شُحّ الموارد المائية ونقص إمداداتها أحد التداعيات الرئيسية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي التي يشهدها العالم حاليًا.
وتحرص الإمارات على تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات الناجحة انطلاقًا من إيمانها الكامل بأهمية دعم العمل المناخي على مستوى العالم والذي تجسد في إطلاق مبادرتها الاستثنائية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050 وذلك تماشيًا مع دورها العالمي الرائد وسجلها الحافل في إطلاق المبادرات والمشاريع المبتكرة التي لها أكبر الأثر في مواجهة تداعيات التغير المناخي وهو ما ينسجم مع مسيرة الإمارات للخمسين عاما المقبلة.
واستعرضت وكالة أنباء الإمارات "وام" في التقرير التالي جهود الإمارات في استدامة الموارد المائية حيث تعتبر تقنيات الاستمطار مساهمًا مهمًا في إعادة هندسة كوكب الأرض عن طريق الحد من الجفاف وتعزيز موارد المياه وضمان استدامتها، وقد عملت دولة الإمارات على تنفيذ وتطوير عمليات الاستمطار منذ قرابة عقدين من الزمن ضمن سعيها الحثيث لمواجهة نقص الموارد المائية.
ويساهم استمطار السحب في التخفيف من التأثير الناجم عن الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى الجفاف وارتفاع معدلات تبخر المياه.
وتستخدم تقنية تلقيح السحب من أجل تحسين العمليات الفيزيائية الدقيقة التي تحدث في السحابة، لاستخراج المزيد من المياه وتحسين كميات الهطول المطري لتصل بحسب معدل النسب العالمية إلى 18%.
وتشمل الآثار المستقبلية المحتملة لتغير المناخ العالمي فترات أطول للجفاف في بعض المناطق وزيادة في عدد العواصف الاستوائية في مناطق أخرى.
وللمساهمة في منع تأثير التداعيات طويلة الأمد لتغير المناخ على الأجيال القادمة، حرصت دولة الإمارات على تبني وتطبيق تقنيات الاستمطار للمساهمة في التخفيف من الآثار الناجمة عن نقص موارد المياه الطبيعية من خلال تعزيز هطول الأمطار وذلك للتكيف مع التحديات التي يفرضها الجفاف في شبه الجزيرة العربية، والمناطق الجافة وشبه الجافة على نطاق عالمي.
"إنجازات عملية في مجال الاستمطار"
وقد باشرت دولة الإمارات تنفيذ عمليات تلقيح السحب في عام 2002 من خلال المركز الوطني للأرصاد ضمن اهتمامها الدائم بقضايا الأمن المائي، واعتمدت في ذلك النهج التقليدي في عمليات الاستمطار والمتمثل في إطلاق الشعلات المكونة من الأملاح الطبيعية منها كلوريد البوتاسيوم عند قاعدة سحب الحمل الحراري بوجود التيارات الهوائية الصاعدة.
وركزت العمليات في سنواتها الأولى على تيارات الحمل الحراري المتكررة خلال فصل الصيف على طول سلسلة جبال الحجر في شمال شرق دولة الإمارات.
وبحلول عام 2010، بدأ المركز الوطني للأرصاد بتلقيح السحب المناسبة المتواجدة على مدار العام في جميع أنحاء الدولة.
"بنية تحتية متكاملة لتلقيح السحب"
ويعد المركز الوطني للأرصاد الجهة المسؤولة عن تنفيذ عمليات الاستمطار على مستوى دولة الإمارات، حيث يمتلك بنية تحتية مميزة مدعومة بأصحاب الخبرات المتقدمة والتقنيات والوسائل المتطورة التي تضم أكثر من 100 محطة للرصد الجوي وشبكة رادارات متكاملة تغطي كافة أنحاء الدولة، وطائرات لتنفيذ عمليات الاستمطار، بالإضافة إلى مصنع لإنتاج شعلات تلقيح السحب عالية الجودة.
"البحث العلمي في مجال الاستمطار"
وإلى جانب جهودها العملية في مجال الاستمطار، أسست الدولة في العام 2015 برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار التابع للمركز الوطني للأرصاد تحت رعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة ، بهدف تعزيز التقدم العلمي وتطوير تقنيات جديدة في مجال علوم الاستمطار. ويقوم البرنامج بالإشراف على منح بحثية تقدم للمشاريع التي تساهم في تطوير حلول مبتكرة في مجال أبحاث الاستمطار.
وصمم هذا البرنامج الذي يديره المركز الوطني للأرصاد في أبوظبي كجزء من عمله في دعم الأبحاث المتعلقة بالاستمطار، بهدف تشجيع وتعزيز التقدم العلمي والتقني في مجال الاستمطار. ويقدم البرنامج منحة تبلغ قيمتها 1.5 مليون دولار أمريكي موزعة على 3 سنوات لكل واحد من المقترحات البحثية في مجال الاستمطار بمعدل 550 ألف دولار لكل عام كحدٍ أقصى.
وعلى مدى ثلاث دورات قدم البرنامج منحا لـ 9 مشاريع بحثية مبتكرة في مجال الاستمطار، وقد فتح البرنامج باب استقبال المقترحات البحثية لدورته الرابعة مطلع العام الجاري، وسيتم الإعلان عن المشاريع الحاصلة على منحة الدورة الرابعة من البرنامج في يناير 2022، كما وتفاعل مع البرنامج من خلال حملاته التعريفية واستراتيجياته للتواصل الخارجي 1811 باحثاً وعالماً و806 مؤسسات بحثية من 70 دولة، مما ساهم في تقديم 451 مقترحاً بحثياً خلال أربع دورات.
وساهمت المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج في تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال من ضمنها استخدام المواد النانوية، والطائرات بدون طيار، وتصميم غرفة محاكاة السحب، ونظام المحرك النفاث لتكوين التيارات الصاعدة للسحب، وغيرها. وسجل الباحثون الحاصلون على منحة البرنامج 4 براءات اختراع، وقاموا بنشر 74 مقالة في مجلات علمية محكّمة، كما شاركوا كذلك في 97 مؤتمار دوليا، وقاموا بتنفيذ 8 حملات ميدانية لتجربة وقياس فعالية المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج بالتنسيق الكامل مع المركز الوطني للأرصاد وبإشرافهم المباشر.
وقد حقق برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي ساهم في التأكيد على مكانة دولة الإمارات الرائدة في هذا المجال العلمي، حيث شكل البرنامج وجهة جاذبة لشبكات الأبحاث المعترف بها عالمياً، ونجح في تطوير عملية نقل المعارف الضرورية لضمان تأمين موارد مستدامة للمياه في دول العالم المعرضة لمخاطر الجفاف.
جدير بالذكر أن الإمارات أعلنت في مايو 2021 عن مساعيها لاستضافة المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف "COP28" في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في أبوظبي في عام 2023. وقد لقيت هذه الخطوة استجابة إيجابية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم نظرا لسجل الدولة الحافل في مجال ابتكار التكنولوجيا النظيفة والخبرة الممتدة التي تتمتع بها الدولة باعتبارها دولة رائدة في مجال البيئة والطاقة النظيفة.
aXA6IDMuMTQ1LjYyLjM2IA== جزيرة ام اند امز