ربما تكون الذكرى الرابعة لعملية "عاصفة الحزم" التي وافقت السادس والعشرين من مارس 2019 مناسبة مهمة لتقييم ما حققته من أهداف.
ربما تكون الذكرى الرابعة لعملية "عاصفة الحزم" التي وافقت السادس والعشرين من مارس 2019 مناسبة مهمة لتقييم ما حققته من أهداف وما تواجهه من تحديات خلال الفترة المقبلة في ظل مراوغات مليشيات الحوثي المستمرة، وتهربها من استحقاقات اتفاق السويد الذي وقعته الأطراف اليمنية برعاية أممية مطلع ديسمبر الماضي 2018. إن حصاد أربع سنوات من انطلاق عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" يؤكد عدة حقائق مهمة، أولها أن التحالف العربي الذي قادته المملكة العربية السعودية وبمشاركة قوية من دولة الإمارات العربية المتحدة، استطاع أن يعيد التوازن الاستراتيجي إلى المنطقة، وأن يثبت من خلال الفعل والتحرك الاستباقي أن الدول العربية قادرة على الدفاع عن أمنها واستقرارها في مواجهة أية تدخلات خارجية، إذ أن ترك اليمن لحالة الفوضى التي كانت سائدة فيه عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، ووصولهم إلى العديد من المحافظات الجنوبية، كان يعني تحول اليمن إلى بيئة مهددة للأمن والاستقرار الإقليمي، يمكن أن تصل تداعياتها إلى العديد من الدول العربية، ومن هنا فقد شكلت "عاصفة الحزم" التي انطلقت في السادس والعشرين من مارس 2015، ضرورة أمنية واستراتيجية ليس فقط للدفاع عن بلد عربي شقيق في مواجهة مليشيات إرهابية مدعومة من إيران، وإنما أيضاً للدفاع عن الأمن القومي العربي بوجه عام.
لقد أسهمت دولة الإمارات طيلة الأربع سنوات الماضية بدور رئيسي وفاعل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، على كافة الأصعدة، فخاضت قواتها المسلحة المعارك والمواجهات على الأرض، وقدمت أغلى ما تمتلك من دماء أبنائها وأرواحها، كما انخرطت بفاعلية في جهود البناء والإعمار والتنمية
الحقيقة الثانية هي قوة وتماسك التحالف العربي في اليمن وإصراره على المضي قدماً في استكمال الأهداف التي انطلق من أجلها، فرغم محاولات العديد من الأطراف الخارجية، وعلى رأسها إيران وتنظيم الحمدين وجماعة الإخوان المسلمين، إثارة الشقاق والانقسامات بين دول التحالف، إلا أن هذه المحاولات باءت جميعها بالفشل؛ بفضل الإرادة السياسية الموحدة لقيادتي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتي حافظت على هذا التحالف الذي أصبح الآن وبعد مرور أربع سنوات يعبر عن الإدراك العربي المشترك لضرورة التوحد في مواجهة المخاطر والتهديدات. الحقيقة الثالثة لا تنفصل عما سبق، وهي هزيمة المشروع الإيراني- الحوثي في اليمن، فلا شك أن الحصاد الأهم لأربع سنوات من عملية "عاصفة الحزم" هو القضاء التام على أحلام إيران التوسعية في اليمن الشقيق، فرغم سعيها الدؤوب لتقديم كافة أشكال الدعم لمليشيات الحوثي بدءاً من إرسال المستشارين العسكريين، مروراً بتقديم الأسلحة والمعدات العسكرية وإرسال المقاتلين، وبتقديم كافة أوجه الدعم المالي والسياسي والإعلامي السخي واللامحدود لهذه الجماعة الإرهابية، إلا أن قوات التحالف العربي والجيش الوطني اليمني تصدت لهذه المليشيات، وألحقت بها هزائم فادحة ومتتالية، كما قضت "عاصفة الحزم" على خطط إيران الهادفة إلى إيجاد موضع قدم لها في اليمن لتهديد أمن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وابتزاز المجتمع الدولي بتهديد سلامة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب.
الحقيقة الرابعة هي نجاح التحالف العربي في الحيلولة دون وقوع اليمن بين براثن الإرهاب، فبالتوازي مع التصدي لمليشيات الحوثي الإرهابية، تعاونت قوات التحالف العربي مع الجيش اليمني في مواجهة التنظيمات الإرهابية في اليمن، وعلى رأسها تنظيما "القاعدة" و"داعش"، اللذان كانا يسعيان إلى استغلال الأوضاع المضطربة في اليمن من أجل تعزيز نفوذهما هناك.. تكفي الإشارة هنا إلى أن "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فرع اليمن" ، والذي كان يصنف قبل عملية عاصفة الحزم باعتباره واحدا من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، تراجعت قوته الآن بصورة كبيرة نتيجة تدخل التحالف العربي، ويحسب للقوات الإماراتية في اليمن أنها أسهمت بدور رئيسي في التصدي لتنظيم القاعدة وطرده من معاقله الرئيسية، وتحديداً في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، وزنجبار ومدينة جعار وشبوة.
الحقيقة الخامسة هي أن مليشيات الحوثي الإرهابية لا يمكن أن تكون طرفاً جاداً في عملية سلام حقيقية، لأنها مرتهنة بالكامل لإيران، وتنفذ توجيهاتها، وقد جاء اتفاق السويد ليؤكد ذلك بوضوح، فرغم أن هذا الاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في الحديدة ثم انسحاب المليشيات من المدينة ومينائها الاستراتيجي، لكن الحوثيين عرقلوا تطبيق الاتفاق وتعمدوا خرق بنوده، بل إنهم أظهروا مؤشرات عدة خلال الأيام الماضية على إمكانية التراجع عنه، وهذا ما يفهم من تصريحات رئيس ما يسمى بـ"اللجان العليا للثورة"، محمد علي الحوثي، التي أشار فيها إلى أن جماعته لن تتخلى عن مدينة الحديدة الساحلية، وأن منافسيه من الحكومة المعترف بها دوليا، أساءت تفسير الاتفاق.
وفي مقابل هذا الموقف المراوغ من اتفاق السويد ومسار السلام في اليمن بوجه عام، فإن التحالف العربي أظهر خلال الأربع سنوات الماضية رغبته الجادة في إحلال السلام في اليمن، ولكن وفق المرجعيات المتعارف عليها، والمتمثلة في القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، كما أبدى تجاوباً مع جهود المبعوث الأممي الرامية إلى تيسير المساعدات الإنسانية للشعب اليمني.
لقد أسهمت دولة الإمارات طيلة الأربع سنوات الماضية بدور رئيسي وفاعل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، على كافة الأصعدة، فخاضت قواتها المسلحة المعارك والمواجهات على الأرض، وقدمت أغلى ما تمتلك من دماء أبنائها وأرواحها، كما انخرطت بفاعلية في جهود البناء والإعمار والتنمية، ومولت العديد من المشروعات الخدمية والمجتمعية لتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق، وبلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها لليمن منذ أبريل 2015 وحتى ديسمبر 2018 نحو 18 مليار درهم استفاد منها ما يزيد على 17 مليون يمني منهم 11 مليون طفل و3.2 مليون امرأة، ولهذا ستبقى صورة الإمارات مشرفة لدى الشعب اليمني الشقيق، وستظل تضحياتها خير شاهد على انحيازها لعروبتها وانتصارها لمبادئها وقيمها الأخلاقية والإنسانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة