«عملية إنترفاكس».. أوكرانيا تتعلم القتال بـ«رصاصة واحدة»

في حرب استنزاف طويلة الأمد، تعاني أوكرانيا من نقص واضح في الذخيرة، ما يدفعها إلى ابتكار أساليب قتالية أكثر فاعلية، بتنسيق مكثّف مع شركائها الغربيين.
وتنظم المملكة المتحدة برنامجًا تدريبيًا يحمل اسم «عملية إنترفاكس» لتأهيل الجنود الأوكرانيين على «استغلال كل طلقة»، خصوصًا أنهم «لا يملكون ذخيرة ليبددوها»، بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر» الأمريكي.
ويهدف التدريب الغربي إلى جعل الجنود الأوكرانيين «فتّاكين قدر الإمكان»، مع الاقتصاد في الذخيرة، في ظل الافتقار إلى ترسانة كبيرة كتلك التي يمتلكها الروس. وكشف العقيد بوردمان، قائد «عملية إنترفاكس» التي تقودها المملكة المتحدة، أن التدريب مصمَّم لضمان استخدام الجنود الأوكرانيين لكل طلقة بأقصى قدر من الفاعلية.
وقال بوردمان: «لا يتمتع الأوكرانيون برفاهية امتلاك كميات هائلة من الذخيرة كما يفعل الروس، ما يعني أنه يتعيّن عليهم استغلال ما لديهم بأفضل طريقة ممكنة».
وقد استهلكت حرب أوكرانيا كميات هائلة من الذخيرة، وفي ظل ترسانتها المحدودة، كثيرًا ما وجدت نفسها في وضع غير ملائم، تعاني خلاله من نقص حاد في الأسلحة والذخائر. ومن هنا، أصبح القتال بفعالية في ظل هذه الظروف جزءًا رئيسيًا من التدريب الذي قدمته المملكة المتحدة، إلى جانب 13 دولة حليفة، لأكثر من 56 ألف جندي أوكراني.
وفي معرض حديثه عن التدريب على الأسلحة الصغيرة، كالبنادق، قال بوردمان: «نركّز على ضمان أن يكون الجنود الذين ندربهم على أعلى درجة من الفتك». وأضاف: «إن جعل كل طلقة مؤثرة، حرفيًا، أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأوكرانيين. لذا نقضي وقتًا طويلًا في ميادين التدريب، لضمان إتقان الرماية، كي يكون الجنود مستعدين عند وصولهم إلى الجبهة».
وأوضح بوردمان أن الهدف لا يقتصر على تدريب الجنود على البقاء، بل يتعداه إلى جعلهم أكثر فتكًا وفعالية. ورغم تطور الصناعة الدفاعية الأوكرانية، لا تزال البلاد تعتمد على الأسلحة والذخائر الغربية. كما واجهت كييف في بعض الفترات نقصًا خطيرًا بسبب استنزاف مخزونات الحلفاء، وتعليق الولايات المتحدة لبعض حزم الدعم العسكري، وسط أزمات سياسية داخلية.
وبسبب هذا النقص، اضطر الجنود الأوكرانيون أحيانًا إلى ترشيد استهلاك الذخيرة، وهو ما جعلهم غير قادرين على استهداف الخصم حتى حين يكون في مرمى البصر، وفقًا لما ذكره جنود أجانب قاتلوا في صفوف أوكرانيا.
وقد دقّت هذه الأزمة ناقوس خطر لدى الجيوش الغربية، التي تتابع تفاصيل الحرب عن كثب لاستخلاص الدروس حول طبيعة الأسلحة والتكتيكات اللازمة في الحروب الحديثة. وفي الشهر الماضي، حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» من أن روسيا تنتج في ثلاثة أشهر ما يعادل إنتاج الحلف في عام كامل من الذخيرة، داعيًا إلى «قفزة نوعية» في قدرة أوروبا الدفاعية.
وتحاول شركات الدفاع الكبرى، إلى جانب الشركات الناشئة، سد هذه الفجوة، لكن التحديات اللوجستية لا تزال هائلة.
من جانبه، كشف بوردمان عن أن حرب أوكرانيا تتضمن أنماطًا قتالية لم يشهدها الغرب منذ عقود، وهي تحمل دروسًا حيوية للحلفاء، مشيرًا إلى أن هذه الديناميكية تنعكس بوضوح في برنامج التدريب.
وقال إن بعض الجنود الأوكرانيين يمتلكون خبرة ميدانية، لا سيما في الخنادق، لدرجة أنهم يعارضون أحيانًا التعليمات التقليدية من المدربين، مؤكدين أنها «لا تصلح لهذا النوع من القتال».
لكن بوردمان شدد على أن ملاحظاتهم مرحّب بها، وأن هناك «تفاهمًا متبادلًا ثريًّا للغاية». وأوضح أن برنامج التدريب يشبه إلى حد كبير ما يُقدم للمجندين الأساسيين في المملكة المتحدة، مع تركيز إضافي على تكتيكات التعامل مع الألغام، والحرب بالطائرات المسيّرة، والحرب الإلكترونية.
كما أشار إلى أن المملكة المتحدة وحلفاءها يستفيدون بدورهم من تدريب الأوكرانيين، إذ يحصلون على تقييمات مباشرة حول طبيعة القتال ضد القوات الروسية. وقد قررت أوكرانيا مؤخرًا تمديد مدة تدريب «إنترفاكس» من 35 يومًا إلى قرابة 50 يومًا، في محاولة لتعظيم الجاهزية والفاعلية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTUg جزيرة ام اند امز