ماياكي الأوكرانية.. معاشات على خط الجبهة
يتكدسون في مجموعات ينتظرون وصول معاشاتهم التقاعدية في شاحنة بريد نجحت في الاقتراب من خط الجبهة في بلدة ماياكي شرق أوكرانيا.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يغادرون فيها منازلهم ويتجمعون على جانب الطريق بمدخل البلدة، فلقد سبق أن بلغتهم قبل ذلك أنباء بأن شاحنة في طريقها إليهم لكنها لم تنجح في الاقتراب من خط الجبهة، واضطرت للتراجع.
واليوم، ورغم أن معظمهم يتوقع تكرار السيناريو نفسه، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الذهاب إلى نقطة تجمعهم على أمل ظهور شبح الشاحنة البريدية.
ينتظرون هناك لساعات قليلة، يتبادلون التحية ويتجاذبون أطراف الحديث، ثم تضطرهم أجسادهم الهشة إلى سلك طريق العودة المحفوفة بأشجار تحول خيبتهم إلى حوارات تجوب تفاصيل المعارك وصعوبة العيش منذ بدء العملية العسكرية الروسية في بلدهم في فبراير/ شباط الماضي.
كانوا على دراية تامة بحيثيات المعارك، وكانوا يتأهبون للعودة حين أطل شبح المركبة التي لا يخطئونها أبدا.. "هاهي أخيرا".. يهمسون قبل أن يتقدموا نحو الشاحنة الصغيرة ويتكدسون أمام بابها.
يقفون بشكل عشوائي لكن بلا تدافع، يرمقون الموظفة وهي تفحص أوراقها وتبحث بعينيها المتعبتين عن الأسماء، ثم ترفع ناظريها بحثا عن صاحب الاسم الذي رددته، فيتقدم ويحصل على ماله ليترك مكانه لغيره.
داخل السيارة، تتركز الأنظار على موظفة البريد التي تلقي التحية بلا ابتسامة تذكر.. لم يكن طريقها وزملاؤها سهلا، فالاقتراب من خط النار كان سيكلفهم حياتهم، كما أن شبح العودة يخيم بثقله عليهم، لذلك كانت الابتسامة ترفا غير متوقع في تلك الحالة.
وبانتهاء المهمة الصعبة للطرفين، يحصل المسنون على معاشاتهم التقاعدية، يخبئونها في حقائبهم الصغيرة أو أكياسهم، يتبادلون التحية، فيما يختار الذين يقيمون بالحي نفسه استكمال أحاديث الحرب في الطريق.
البعض ينتهز الفرصة للمشي، فينطلقون بخطوات متثاقلة بفعل السن والمرض، يتحدونها بابتسامة وإصرار لافتين وينطلقون باتجاه وسط البلدة، مع التفاتة تودع شاحنة قد لا تعود إلى تلك البلدة أبدا في حال استمرار المعارك.
aXA6IDE4LjIyNi4xODcuMjEwIA== جزيرة ام اند امز