بايدن "التائه" وبوتين "المرتعش".. "الصحة" على محك الحرب
في أوكرانيا تصنع مواجهتهما جبهة ثالثة ويدفع التصعيد المتبادل بينهما إلى مرحلة معقدة لم يدركها العالم حتى خلال الحرب الباردة.
فما بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا أكبر من أن يختزله التاريخ الحديث في محطات فارقة، بل يتجاوزها ليكون أساسا للنظام العالمي القائم على معايير القوة ونتائج الحرب الباردة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (69 عاما) ونظيره الأمريكي جو بايدن (79 عاما)؛ 10 سنوات تفصلهما في العمر البيولوجي، لكن الحرب التي تخوضها موسكو في أوكرانيا منذ أواخر فبراير/ شباط الماضي، اختزلت الفارق إلى حد أدنى يطرح تساؤلات عميقة حول قدرة الرجلين على إدارة مرحلة صعبة تنذر جميع حيثياتها باندلاع حرب نووية.
فعلى مدى 70 عاما من التنافس بين واشنطن والاتحاد السوفيتي، وحتى خلال حقبة الحرب الباردة، اقتربت القوتان من الانزلاق لحرب نووية نجح العالم بتجنبها، لكن في ظل تلك الدرجة من التوتر، لم تفرض واشنطن عقوبات على القادة السوفيت كما فعلت منذ بدء الحرب على أوكرانيا.
ومع أن الحرب في بعدها الكلي تدور بين روسيا وجارتها الشرقية أوكرانيا، إلا أن الصورة الأكثر شمولية تضع في المواجهة واشنطن وموسكو، وتحديدا بايدن وبوتين؛ الأول تثير زلات لسانه وهفواته المتكررة الكثير من التساؤلات وحتى السخرية لدرجة أن البعض أطلق عليه "جو التائه".
فيما يواجه الثاني سيلا من الاستفهامات حول صحته ومدى قدرته على مواصلة إدارة حرب ترسم موازين جديدة للقوى العالمية وقد تفرض معايير مختلفة للنظام العالمي.
بوتين
الشائعات حول صحة بوتين باتت مألوفة ومتداولة، لكن حين يتم تعزيز الخبر بمقطع فيديو، تصبح المسألة أكثر من مجرد أداة ضمن الدعاية الإعلامية الغربية المضادة للرئيس الروسي.
ومؤخرا، انتشر مقطع فيديو يثير الريبة ويعزز التكهنات بشأن الوضع الصحي للرئيس الروسي، حيث تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لبوتين خلال استقبال نظيره البيلاروسي، مسلطين الضوء على حركة غير عادية باليد اليمني لبوتين.
ويظهر مقطع الفيديو -الذي لم تتأكد "العين الإخبارية" من صحته وفق مصدر مستقل- بوتين، وهو يستقبل حليفه البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في الكرملين، وقد بدت رجله ترتجف لا إراديا.
كان بوتين يضع ذراعه على صدره في محاولة على ما يبدو لمنع ارتعاش يده بعنف، وذلك في مقطع الفيديو الذي يعود تاريخ تصويره إلى أيام قليلة قبل بداية الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأثارت الحركة غير الاعتيادية تكهنات حول صحته وحالة التوتر التي تظهر على لغة جسد بوتين والتي برزت أيضا قبل نحو أسبوع خلال لقاء رسمي جمعه بوزير دفاعه سيرغي شويغو.
ففي ذلك اللقاء، قال نشطاء إن اليد اليمني لبوتين لم تفلت الإمساك بحافة الطاولة بينه وبين شويغو طوال فترة الاجتماع، فيما تحدث آخرون على الانحناء بجلسة بوتين وما وصفوه بـ"انتفاخ" بوجهه واستمراره بتحريك قدمه اليمنى.
بايدن
زلات لسان تستبطن هفوات قاتلة لرئيس القوة العالمية الأولى، وتثير الشكوك حول قدرته على إدارة البلاد، خصوصا في ظل انتشار جائحة كورونا وتداعياتها، وارتفاع معدلات التضخم وأسعار المحروقات، وارتدادات الحرب الروسية الأوكرانية.
ملفات ثقيلة ترى تقارير إعلامية أمريكية أنها شكلت الاختبار الأكبر لبايدن لكنه سقط فيها بشكل مدوّ ما يطرح أسئلة حول الحصيلة "الكارثية" لسنوات حكم الرئيس الديمقراطي.
ففي أغسطس/ آب 2021، قالت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية إن بايدن لا يمتلك القدرة على إدارة الولايات المتحدة، في موقف تبناه حينها المذيع تاكر كارلسون قائلا: "من أفظع ما تأكد لنا خلال الأسابيع الماضية هو أن جو بايدن ليس لديه الوعي الكافي وغير قادر على إدارة البلاد".
واعتبر كارلسون أن "بايدن يعاني من الخرف، ونشعر بالأسف من تمثيله للبلاد، مشاهدة خطاباته والتي هي معدة مسبقا له لقراءتها هي كمشاهدة رجل مخمور يحاول عبور شارع جليدي، ليس هناك فائدة في كلامه".
وغداة بدء الحرب الروسية الأوكرانية، قالت مجلة "بوليتيكو"، في تقرير، إن "الرئيس الأمريكي وفريقه اعتقدوا بأنهم يستطيعون التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن حساباتهم كانت خاطئة جدا".
وتساءلت المجلة: "هل كان بوتين يتلاعب طوال الوقت بالرئيس بايدن؟".
وأضاف التقرير أن "بايدن لم يخف على مدى العقدين الماضيين مقته وعدم ثقته ببوتين حتى أنه زعم مرة أنه لا روح له، لكن عندما التقاه بجنيف في يونيو (حزيران) نصحه بوقف عدوانه على أوكرانيا والتوقف عن الهجمات الإلكترونية لأن هذا يضر بمصداقيته الدولية".
لكن محاولات بايدن لم تنفع، وبدا أنه غير قادر على التوصل لطريقة ردع مناسبة لبوتين الذي أثبت بحربه على أوكرانيا بأنه يتعامل بطريقة أكثر ذكاء ومختلفة لدرجة أن الغرب لم يستعد لخياراته.
وبحسب المصدر نفسه، فإن بايدن فشل في استراتيجية منع الحرب حتى عندما تكيف مع مواقف بوتين العنيدة، ولكنه فتح في المقابل جبهة ثالثة قد تزج بالعالم في أتون حرب نووية، سيكون هو السبب الرئيسي فيها، لكنه سيكون أكثر المتضررين منها، وهذا ما يفسر تراجع شعبيته لدى الأمريكيين.