هبة السلم والحرب.. ماذا تعرف عن "جزيرة الثعبان"؟
تعد منصة إطلاق خطيرة أثناء القتال كما تسمح بتشكيل تهديدات خطيرة ومكشوفة تجعلها نقطة استراتيجية زمن السلم والحرب.
تلك هي "جزيرة الثعبان"؛ منطقة استراتيجية في البحر الأسود، سواء في السلم باعتبار أنها توفر نطاقا بحريا واسعا، وتتمتع بثروات طبيعية، خصوصا المواد النفطية، أو خلال الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة حاليا شرقي أوروبا.
فموسكو تعتبرها نقطة بالغة الأهمية بما أنها تسمح نظريا بضرب كامل الساحل الأوكراني، وهو ما يفسر مهاجمة القوات الروسية لها في وقت مبكر من النزاع في محاولة للاستيلاء عليها.
أما كييف فتعتبرها رمزا لما تسميه "المقاومة"، وتسعى جاهدة لمنع استيلاء الروس عليها بما يؤمن عدم وصولهم جوا وبحرا إلى كامل شريطها الساحلي، علاوة على أن هذه النقطة تشكل أيضا تهديدا لمصب نهر الدانوب؛ أحد الأنهار الرئيسة في أوروبا.
وحول هذه الجزيرة القريبة من السواحل الشرقية لكل من أوكرانيا ورومانيا، تدور حرب إعلامية تمضي بالتوازي مع أخرى تخوضها موسكو منذ أواخر فبراير/ شباط الماضي، في إطار "عملية عسكرية" تقول إنها لـ"تحرير" منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
وأمس الإثنين، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية مقطع فيديو قالت إنه يوثق "نجاحها" في تدمير زورقين من نوع "رابتور"، أحد أسرع قوارب البحرية الروسية.
وقبلها، أعلن الجيش الأوكراني الخبر، مشيرا إلى تدمير زورقي دورية روسيين قرب جزيرة الثعبان في البحر الأسود، فيما لم تؤكد موسكو هذه الأنباء.
وفي غضون ذلك، انتشر تسجيل عبر أجهزة اللاسلكي يسمع فيه قول حرس الحدود الأوكرانيين في جزيرة الثعبان "اذهبي إلى الجحيم!" ردا على سفينة "موسكفا" الروسية التي كانت تحضهم على الاستسلام.
والأسبوع الماضي، أكد الأوكرانيون أنهم قصفوا الجزيرة ودمروا بطارية مدفعية روسية، في دليل آخر على أهميتها بالنسبة لطرفي النزاع.
منصة إطلاق
مساحتها لا تتجاوز الهكتارات القليلة، لكن كل نقطة بمحيطها توفر منصة إطلاق خطيرة، ما يعني أن السيطرة عليها توفر وقتا ثمينا لبلوغ الأهداف القتالية.
تقع الجزيرة على مسافة نحو 50 كيلومترا من مصب نهر الدانوب، أحد الأنهار الرئيسة في أوروبا والطريق التجاري المهم، وعلى مسافة حوالي 100 كيلومتر من مدينة أوديسا الأوكرانية، في تموقع استراتيجي يسمح نظريا بضرب كامل الساحل الأوكراني.
إحداثيات جغرافية تجعل كييف قلقة من احتمال استيلاء الروس على الجزيرة، خصوصا أنهم وضعوها نصب أعينهم منذ بدء الصراع، ما يختزل الأهمية التي تمثلها للطرفين في الحرب الدائرة.
كما تقع "جزيرة الثعبان" على بعد أقل من 200 كيلومتر من ميناء كونستانتا الروماني الرئيسي، و300 كيلومتر من القاعدة الروسية الرئيسية في مدينة سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم.
وتعتبر المنطقة نقطة متنازعا عليها بين أوكرانيا ورومانيا، حيث لجأ البلدان إلى القضاء لتسوية النزاع بينهما للحصول على الموارد الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة، وفي عام 2009، أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بأن الجزيرة أوكرانية.
موقع خطير
إعلام فرنسي نقل عن المتحدث باسم البحرية الفرنسية الكابتن إريك لافو، قوله في معرض تعليقه عن أهمية الجزيرة في الحرب الروسية الأوكرانية: "تعد نقطة استراتيجية أساسية يجب رصدها، فهي تمنع الوصول الجوي والبحري إلى كامل الشريط الساحلي الأوكراني، وتشكل تهديدا على مصب نهر الدانوب".
ولفت لافو إلى أنه يمكن للروس استخدام الجزيرة منصة "لوضع معدات دفاعية مضادة للطائرات ومعدات دفاع مضادة للسفن، وليس ذلك فقط، وإنما يمكن أن تكون منصة لأنظمة صواريخ متوسطة المدى".
من جانبه، يرى متخصص الدفاع إيغور ديلانوي من المرصد الفرنسي - الروسي (هيئة تحليل سياسي مقرها في موسكو)، أن الجزيرة يمكن أن تكون أيضا منصة للقوة النارية لسفن أسطول البحر الأسود، ونقطة دعم تسمح بأن يكون الروس أكثر ثقة في محاولات الاقتراب من السواحل الأوكرانية.
ورغم ما توفره الجزيرة في زمن السلم والحرب من ميزات، إلا أنها تواجه في الآن نفسه المخاطر باعتبارها جزيرة تثير الأطماع ويمكن أن تكون هدفا للهجمات ومن الصعب حمايتها، أي أنه من الممكن أن تتحول إلى ساحة مواجهات حال التقط الأوكرانيون أنفاسهم وقررت موسكو النزول بثقلها في هذه المنطقة.
aXA6IDMuMTM4LjM2LjEyNSA= جزيرة ام اند امز