مرحبا باللاجئين لأنهم "أوروبيون".. عنصرية حرب أوكرانيا
أظهر الغرب تنسيقا واتحادا غير مسبوق في رده على الحرب الروسية على أوكرانيا، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
واتحدت الحكومات والشركات والأفراد معا لفرض عقوبات على موسكو ومقاطعتها، وفتحت أوروبا أبوابها أمام تدفق اللاجئين.
لكن في ظل تدفق هذا التعاطف، برزت تناقضات صارخة أو بالأحرى "عنصرية" في الطريقة التي تعاملت بها أوروبا مع اللاجئين الأوكرانيين مقابل أولئك القادمين من صراعات في جنوب الكرة الأرضية، بحسب "سي إن إن".
ووصفت الشبكة الأمريكية أزمة اللاجئين الأوكرانيين بـ"الأليمة"، لافتة إلى أنه طبقًا لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هرب أكثر من ثلاثة ملايين من البلاد منذ بداية الحرب الروسية.
ولوضع هذا في سياقه، استغرق مليون لاجئ ستة أشهر لمغادرة سوريا عام 2013، بعد حوالي عامين من بداية الحرب الأهلية في البلاد.
وقعت الحربان في زمنين مختلفين وعلى قارات مختلفة، لكن على عكس صراع فرار السوريين، يلقى الأوكرانيون ترحيبا أكثر حرارة في أوروبا.
وقال إتش. إيه هيليير، الباحث بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومقرها واشنطن: "إنه لأمر استثنائي رؤية هذه السهولة النسبية التي تستقبلهم بها كل حكومة أوروبية تقريبا، وكيف تسفر محنتهم ضد العدوان الروسي عن تضامن غامر."
وأضاف مارتن جريفيث منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ لقناة "سي إن إن" هذا الأسبوع إن هناك "مجموعة مختلفة صادمة من أولويات الناس"، لكنه أضاف أنه ليس من غير المألوف أن تستوعب الدول المتجاورة أعدادا كبيرة من اللاجئين، مستشهدا بالسوريين في تركيا والأفغان في باكستان كأمثلة.
ويعرف عن الدنمارك أن لديها بعضا من أشد السياسات المناهضة للهجرة صرامة في أوروبا، لكن استقبلت الحكومة اللاجئين الأوكرانيين بكل ترحاب.
وبينما تقول إن جميع اللاجئين يلقون نفس المعاملة، تحث بعض اللاجئين السوريين الذين يعيشون هناك على العودة إلى ديارهم، بالرغم من الصراع المستمر في بلدهم.
وقالت "سي إن إن" إن مثل تلك الأمثلة كثيرة في أوروبا.
وفي فرنسا، قال مرشح الرئاسة الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور لقناة "بي إف إم" الفرنسية، في 8 مارس/آذار، إنه سيكون من المقبول وجود قواعد مختلفة للاجئين القادمين من أوروبا وأولئك من الدول العربية الإسلامية.
وأضاف: "يعلم الجميع أن العرب أو المهاجرين المسلمين بعيدة جدا عنا ومن الصعب استيعابهم. لذا، فنحن أقرب إلى مسيحيي أوروبا".
وقالت النائبة الفرنسية السابقة ماريون مارشال، التي تدعم زومر بالحملة الرئاسية، إن من الضروري تلبية حاجة الأوكرانيين، مشيرة إلى أن ثلث اللاجئين الذين وصلوا إلى فرنسا منذ بداية الحرب ليسوا أوكرانيين.
واستندت مارشال في ذلك إلى مقال منشور بصحيفة "لوفيجارو" يفيد بأنه من بين أكثر من 5 آلاف لاجئ من أوكرانيا موجودين في فرنسا، 30% من جنسيات أخرى، لا سيما الجزائريين.
وقالت إن هؤلاء المهاجرين استفادوا من فتح الحدود والممرات التي تم فتحها من أوكرانيا إلى منطقة شنجن.
وعندما سئل رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف، بعد أيام من بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، بشأن احتمال استقبال لاجئين، قال إنه لا توجد دولة أوروبية تخشى موجة الهجرة القادمة.
وأضاف: "هؤلاء أوروبيون، لذا نحن وجميع الدول مستعدون لاستقبالهم. وبعبارة أخرى، هذه ليست موجة لاجئين التي اعتدنا عليها، حيث لا نعرف ماذا نفعل، أناس لديهم ماض مجهول، هل هم إرهابيون (أم لا)؟".
ورأى هيليير أن التباين في معاملة اللاجئين قد يكون بسبب قرب أوكرانيا من الدول المضيفة والتقييم السائد في الغرب بأن روسيا تهدد أمن أوروبا من خلال الحرب.
وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المساعدة بقسم أوروبا وآسيا الوسطى بمنظمة هيومن رايتس ووتش، لـ"سي إن إن"، إن "التعاطف والتضامن يجب أن يصل لجميع المحتاجين، وليس فقط الناس الذين قد يشبهوننا ويصلون بنفس طريقتنا".
وأضافت: "أوروبا تفعل الشيء الصحيح هذه المرة، بإبقاء حدودها مفتوحة أمام الجميع، والتحرك بسرعة لمنح حماية مؤقتة للأوكرانيين، مرسلة بذلك رسائل قوية بالتعاطف والتضامن".
وتابعت: "لكن هذا يتناقض بشكل صارخ مع السياسات والممارسات التي نواصل رؤيتها فيما يتعلق باللاجئين والمهاجرين من أجزاء أخرى من العالم، معظمهم من أصحاب البشرة البنية والسمراء".
وطبقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في 2021، من بين حوالي 7 ملايين سوري أجبروا على الفرار من بلادهم، يعيش حوالي مليون في أوروبا، وتستضيف ألمانيا والسويد 70% منهم.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4xMDIg
جزيرة ام اند امز