الأزمة الأوكرانية تدق جرس الإنذار في ليبيا.. ماذا حدث؟
بعد قرابة 41 يومًا من اندلاع الأزمة الأوكرانية، تلقى الغرب نداء يقظة، لإعادة التفتيش في سياساته الخارجية، بعد "فشل" بعض جوانب تطبيقها.
تلك السياسة الغربية والتي تحولت إلى "حلبة صراع" على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جعلت الأزمة الأوكرانية منها جرس إنذار بضرورة تصويب "أخطاء الماضي".
إحدى تلك الدول التي عانت وما زالت من آثار التدخل الغربي التي وصفت بـ"الكارثية"، كانت ليبيا، والتي باتت ساحة خلفية للصراع بين روسيا من جانب وأوروبا مجتمعة من جانب آخر، وخاصة بعد التقارب الفرنسي الإيطالي.
ذلك الصراع تحدث عنه اللورد سارفراز، عضو مجلس اللوردات البريطاني، والذي قال في تصريحات لجريدة "أوراسيا ريفيو" الأمريكية، إننا "ربما خسرنا المعركة من أجل العراق وأفغانستان، فإن القتال من أجل ليبيا لم ينته بعد".
وأوضح اللورد البريطاني، أن دول الغرب في طليعة منافسة جيوسياسية أكبر بكثير مع النفوذ الروسي خاصة في ليبيا، مشيرًا إلى أن نفوذ موسكو على الأرض في العاصمة طرابلس يشكل خطرًا مباشرًا على الغرب.
وضع غير مستقر
وأشار إلى أن ليبيا التي تعيش اليوم وضعًا غير مستقر، بسبب "تعنت" الدبيبة في تسليم السلطة، فيما عصابات من المليشيات المسلحة تمارس السلطة الفعلية.
ذلك الوضع جعل من ليبيا فرصة سهلة لروسيا لاكتساب نفوذ منخفض التكلفة على الغرب، بحسب اللورد سارفراز، الذي قال إن موسكو استخدمت الهجرة كسلاح لمحاولة زعزعة استقرار أوروبا.
ويرى مراقبون أن الصراع بين الدول الغربية على ليبيا قديم، إلا أنهم توقعوا أن يحتدم مجدداً بين الأطراف ذاتها التي تنازعت على ليبيا بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً) من جانب، والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جانب آخر.
وأشاروا إلى أنه مع تجدد صراع الأقطاب الدولية القديمة، التي هي موجودة أصلاً في قلب النزاع المحلي، فإن الملف الليبي سيكون فضاءً رحباً لتسوية الحسابات بعد حرب أوكرانيا بين المنخرطين فيها حالياً.
ساحة للصراع
وإلى ذلك قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن ليبيا لطالما كانت ساحة للصراع العالمي بين القوى الإقليمية، مشيرًا إلى أن ذلك الصراع تسبب في استمرار الأزمة الليبية على مدى السنوات الماضية.
وحول تصريحات اللورد البريطاني بأن تصاعد التوترات مع روسيا زاد الحاجة الملحة للتعامل مع الأزمة الليبية، قال المحلل الليبي، إنه ربما يمكن ربط هذا التصريح بالخطة الأمريكية طويلة المدى التي تم الإعلان عنها قبيل عدة أيام، مشيرًا إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية غيرت السياسة العالمية تجاه ليبيا.
أما عن تأثير ذلك الصراع على الأزمة الليبية، قال الأوجلي، إن هذا الصراع ربما سيكون هو الطريق نحو حل الأزمة الليبية؛ لأن الدور الذي ينتظر أن تلعبه ليبيا في هذه الفترة يحتاج إلى أن يعود الاستقرار والأمن للبلاد بشكل فعلي.
الحرب الباردة
تصريحات الأوجلي وافقها عبد المنعم اليسير، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني، والذي أكد لـ"العين الإخبارية"، أنه في ظل الأوضاع الدولية الحالية واحتمالية رجوع العالم إلى الحرب الباردة، فإن تحول ليبيا إلى ساحة للصراع بين الغرب مجددًا ليس مستبعدًا.
وأوضح اليسير أن ليبيا الآن ليست بها حكومة قادرة على قيادتها والحفاظ على سيادتها وتجنبها الوقوع ضحية أي صراعات دولية حتى في حالة الاستقرار الدولي.
وأشار إلى أنهِ وفقًا لهذه الظروف؛ فمن المتوقع أن تتجاذب ليبيا مخالب المتصارعين دوليا بأكثر شراسة، خاصة مع وجود المرتزقة في المنطقة الغربية، والذين تدفع رواتبهم من "قوت الشعب الليبي"، ما بشكل خطرًا كبيرًا على ليبيا والمنطقة بأكملها.
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA== جزيرة ام اند امز