الغذاء يبعثر الأولويات.. شبح الجوع يوحد قادة العالم
في نقطة مخيفة تلتقي جميع أزمات العالم وفيها أيضا تتغير أولوياته مدفوعة بعواصف باتت تهدد وجود البشرية في ظل شبح مرعب يطوقها: المجاعة.
مصطلح يفرض نفسه تحت يافطة أقل حدة: أزمة الغذاء، هروبا من تشاؤم قد يفاقم تقلبات الأسواق والأسعار ويدفع بمؤشرات التضخم إلى مستويات أكبر، ما يسرع بحلول الكارثة.
رؤية استشرافية ضبابية وقاتمة تقاطعت عندها كلمات عدد من قادة العالم بافتتاح الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
"شتاء السخط" وأزمة الغذاء وارتدادات التغير المناخي والحرب الأوكرانية الروسية، وتعطل سلاسل الإمداد، تعددت المسميات لوضع عالمي منهك ومحشور بقلب رمال متحركة، لكن المعنى واحد، وهو أن العالم مقبل على مرحلة عصيبة ناجمة عن أزمات المناخ وتداعيات الحروب والصراعات.
ناقوس خطر
كما سبق أن قال المتحدث باسمه ستيفان دوغاريك، إن الأمين العام "لن يلطف الأمور"، بدا أنطونيو غوتيريش بالفعل واضحا وحاسما بشأن تقدير المنظمة الدولية للوضع في العالم، خصوصا في ما يتعلق بالأمن الغذائي.
وفي كلمته بافتتاح أعمال الجمعية العامة التي انطلقت الثلاثاء بنيويورك وتتواصل حتى الأحد المقبل، أبدى اغوتيريش تشاؤما كبيرا من الأزمات في العالم.
وقال في بداية خطابه "عالمنا في ورطة كبيرة، والانقسامات تزداد عمقا، يلوح في الأفق شتاء من السخط العالمي في ظل اشتداد أزمة غلاء المعيشة وانهيار الثقة وتزايد اللامساواة".
وأضاف أن الإمدادات الغذائية ستكون مشكلة العام المقبل إذا لم يستقر سوق الأسمدة، مشيرا إلى أن نقصها سيتحول بسرعة إلى نقص غذائي عالمي في حال عدم اتخاذ إجراءات الآن.
واعتبر غوتيريش أن المجتمع الدولي ليس مستعدا أو راغبا في مواجهة التحديات الدراماتيكية الكبرى في العصر الحاضر، وأن الانقسامات الجيوسياسية تقوض عمل مجلس الأمن والقانون الدولي.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن عدد الفقراء والمحرومين من الرعاية الصحية والتعليم في تزايد، وأن الفوارق بين البلدان المتقدمة والنامية والشمال والجنوب أضحت أكثر خطورة.
كما حذر من أن التوترات الجيوسياسية وانعدام الثقة تقوض مجالات التعاون العالمي.
حلول آنية
على نفس وتيرة التحذير والتشاؤم، تحدث الرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي، ليدق بدوره ناقوس خطر نقص الغذاء جراء الأزمات والصراعات، داعيا إلى ضرورة اتخاذ حلول آنية.
وقال كوروشي في كلمته بالمناسبة، إن ربع البشرية تعيش في مناطق نزاع محاصرة وسط القتال وعدم الاستقرار السياسي.
وأضاف الدبلوماسي المجري أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة في الأشهر الماضية دفع 70 مليون شخص إلى الفقر، معتبرا أن العالم يحتاج إلى حلول عبر التضامن والاستدامة والعلم.
وحذر من أن الجوع بلغ مستويات تنذر بالخطر بسبب تغير المناخ وكورونا، مشددا على أن أكثر من 300 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
وفي قراءة أكثر قتامة، قال كوروشي "نعمل على تسهيل نقل الأسمدة حتى لا يتحول النقص إلى مجاعات في العام المقبل".
وحدة الصفوف
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، انضم بدوره لقائمة الأصوات المحذرة من مخاطر الجوع حول العالم، والناجمة عن الصراعات والنزاعات.
وقال في كلمته أمام قادة العالم المشاركين بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن العالم يشهد الآن أزمات متعددة مثل العنف المتنامي وأزمات المناخ، بالإضافة إلى خطر الجوع.
وأضاف أنه "على دولنا أن تتحد لتنفيذ الأهداف العالمية لمواجهة الأزمات، مشيرًا إلى أن بلاده بحاجة إلى شراكات قادرة على إحداث تغيير حقيقي لمواجهة الأزمات".
وفيما قال إن سلاسل الإمداد العالمية مهددة الآن بسبب الحرب في أوكرانيا، أكد أن العديد من الدول الغنية واجهت نقصًا في الغذاء لأول مرة في التاريخ المعاصر.
وأشار إلى أنه لن تزدهر أي دولة إن لم تتمكن من توفير الغذاء بتكلفة مناسبة لكل أسرة، مؤكدًا أن بلاده لطالما كانت داعمة لاستقرار المنطقة.