كم حرباً يمكن أن تخوضها أمريكا في الوقت نفسه؟
كم حرباً يمكن أن تخوضها الولايات المتحدة في وقت واحد؟ سؤال طرحته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكي، في معرض تحليلها لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط.
ذلك السؤال أجاب عنه الكاتبان مات كرونيغ وإيما أشفورد، مؤكدين أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفعل كل شيء، لكنها إلى جانب حلفائها، يمكنها ويجب عليها أن تردع، وإذا لزم الأمر، تحسم الصراعات الكبرى في المناطق الجيواستراتيجية الثلاث الأكثر أهمية في «منطقة المحيط الهادئ الهندي، وأوروبا، والشرق الأوسط».
فهل يمكن أن تخوض أمريكا الحرب في ثلاثة مسارح؟
تساءلت الكاتب الأمريكية، أشفورد، قائلة: كيف يمكن لواشنطن أن تخوض الحرب في 3 مسارح في وقت واحد، مضيفة: «لم تكن لدينا هذه القدرة قط حتى في ذروة مرحلة القطب الواحد».
لكن الكاتب كرونيغ، قال: يمكن تخطيط الحرب في مسرحين رئيسيين على أن تكون مواجهة إيران أقل شمولا، معتبرًا أن سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن قوضت التصورات العالمية للعزيمة الأمريكية بسبب الانسحاب من أفغانستان، والنهج الحذر المفرط في مساعدة أوكرانيا، واسترضاء إيران، وعدم الرغبة في زيادة الإنفاق الدفاعي إلى المستويات المطلوبة لردع الصين.
وبحسب كرونيغ في مقاله بـ«فورين بوليسي»، فإن «المطلوب هو انتقام أمريكي قوي ضد إيران؛ لتذكير العالم بأن الولايات المتحدة تظل القوة العسكرية العظمى الوحيدة في العالم، وإعادة بعض الخوف إلى قلوب الرئيس الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين».
إلا أن أشفورد عارضت وجهة النظر هذه في ظل إرسال ما يقرب من 75 مليار دولار من الأسلحة لأوكرانيا وارتفاع ميزانية الدفاع في العام الماضي لما يقرب من تريليون دولار، وطلب بايدن 106 مليار دولار إضافية من الكونغرس.
وحول الردع، قالت إنه لا يمكن توجيه تهديد موثوق لردع دولة أخرى إذا لم تمتلك الدولة القدرات العسكرية والوضعية اللازمة للرد على هذا التهديد، أو إذا لم يكن يبدو أنك ستتابعه.
واعتبرت أن بذل المزيد من الجهد في كل مكان سيؤدي لاستنزاف القدرات الأمريكية للحد الذي يجعل واشنطن غير قادرة على تشكيل تهديد رادع ذي مصداقية، مشيرة إلى أن هذا ما حدث عندما طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل تأجيل هجومها بينما تقوم بنقل المزيد من القدرات العسكرية إلى المنطقة.
لكن كورتينغ اعتبر أن المشكلة أن من وصفهم بـ«الديكتاتوريين يشككون في أن واشنطن لن تتابع الأمر».
هل كشفت زيارة بايدن عن نهج فعال؟
قالت إيما أشفورد إنه رغم أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل لاقت استحسانا كبيرا، إلا أن إلغاء زيارته إلى الأردن بسبب قصف المستشفى المعمداني جعل الجهود الأمريكية تبدو في جانب واحد.
واعتبر مات كرونيغ أنه على الرغم من أهمية خطاب بايدن للأمة حول الحرب، إلا أن محاولاته للربط بين الصراع في الشرق الأوسط وأوكرانيا كانت مشوشة، ولم تشرح للمواطن الأمريكي السبب الذي قد يدفعه للاهتمام بأي منهما.
وأشارت أشفورد إلى أن مقاربة بايدن لا تجد صدى لدى قاعدته؛ ففي الوقت الذي يدعم فيه الديمقراطيون أوكرانيا فإنهم منقسمون بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وتساءلت عما إذا كان بإمكان الكونغرس منح الرئيس التمويل الذي طلبه والبالغ 106 مليار دولار؟
وقالت أشفورد، إنه رغم أن طلب التمويل مخصص لإسرائيل والحدود وتايوان، إلا أنه يظل ما يقرب من ثلثي المبلغ مخصص لأوكرانيا وهو ما لا يعجب الجمهوريين.
فيما رأى كرونيغ أنه يتعين على إسرائيل التوغل بريا في غزة، قائلا إن «لإسرائيل الحق وعليها واجب الدفاع عن نفسها وعن سكانها، وإنه لا يمكن لإسرائيل الاستمرار في التعايش مع تهديد حماس في الجوار».
وأشار إلى أنه يمكن القضاء على حماس «من خلال الوسائل العسكرية»، قائلا: «سيكون ذلك مكلفاً ودموياً لكلا الجانبين، وهناك تساؤلات كبيرة حول من سيحكم غزة بعد الحرب، لكنه خيار قابل للتطبيق».
هل من بدائل للتوغل البري؟
ورغم أن أشفورد قالت إنه لا توجد بدائل جيدة للهجوم، إلا أنها مع ذلك اعتبرت أن حرب المدن دائما صعبة وستؤدي إلى مقتل الكثير من الجنود الإسرائيليين إلى جانب كارثة إنسانية في غزة؛ ما يعنى «كارثة علاقات عامة» بالنسبة لإسرائيل.
وأشارت إلى خطر حزب الله وعدم وجود فكرة واضحة عن كيفية حكم غزة بعد الهجوم.
وعن دور الولايات المتحدة، أعرب كرونيغ عن اعتقاده بأن إدارة بايدن تبنت الموقف الصحيح مع دعمها لإسرائيل وتقديم المساعدات للفلسطينيين، لكنه انتقد نهج واشنطن إقليميا وتحديدا فيما يتعلق بإيران التي قال إنها «تقف وراء الهجمات».
وقال إن إدارة بايدن «اتبعت بشكل أساسي استراتيجية استرضاء إيران وهي استراتيجية فشلت فشلا ذريعا؛ لذا حان الوقت لاتباع نهج أكثر صرامة».
أما أشفورد فاعتبرت أن نهج الإدارة الأمريكية «يميل قليلاً نحو إسرائيل»، قائلة إن هناك انتقادات واسعة في دول العالم وليس فقط الدول العربية تسلط الضوء على «نفاق الإدانات الأمريكية للقصف الروسي في أوكرانيا في مقابل دعم القصف الإسرائيلي في غزة».
وأعربت عن سعادتها لدخول بعض المساعدات لكنها قليلة في ظل النقص الحاد في الغذاء والماء وحليب الأطفال وغيرها من الضروريات.
وحول دور إيران في طوفان الأقصى أشارت إلى تأكيد المخابرات الأمريكية أنها لا تملك أي دليل يثبت أن الهجوم كان موجها من طهران، مؤكدة أنه يمكن للدول تمويل وتسليح الجماعات لكن من الصعب السيطرة عليهم بعد ذلك، لكن هذا لا يعفي إيران من المسؤولية.
وشككت في رغبة أي أحد في دخول حرب كبرى مع إيران حيث أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة مجموعة أوراسيا أن ما يقرب من 80% من الأمريكيين يريدون العودة إلى التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز