أوروجواي تتحرك للتخلص من مقبرة للسفن
بعض هذه السفن يمكن رؤيتها من الطريق الذي يصل العاصمة بغرب البلد، بعدما دفعتها الرياح والأمواج إلى جوار الشاطئ.
تقع عين من يقترب من ميناء مرفأ مونتيفيديو في مياه جنوب الأطلسي على مشهد قاتم، عبارة عن مقبرة يرقد فيها حطام عشرات السفن الصدئة، مشكّلة تلوّثا بصرياً وبيئياً تسعى السلطات للتخلص منه.
وتشكّل هذه السفن المهجورة ما يشبه جزيرة معدنية قاتمة، يتجاور فيها حطام عائم مع آخر ابتلع البحر جزءاً منه، ويظهر أثر الزمن على هياكلها.
بعض هذه السفن دفعتها الرياح والأمواج إلى جوار الشاطئ، ويمكن رؤيتها من الطريق الذي يصل العاصمة بغرب البلد، ليصبح هذا المشهد من ملامح مونتيفيديو مع مرور سنوات طويلة.
ويقول أليخاندرو سيارا كوباريري، المتخصص في القانون البحري: "مونتفيديو هي مرفأ للصيد في جنوب الأطلسي".
تأتي السفن إلى هذا المرفأ في موسم الصيد، وتبقى في انتظار الموسم التالي، وفقاً لإيزابيل فاسكيز، المسؤولة في سلطات الموانئ في أوروجواي.
لكن رسوّها في هذا المكان الذي يجب ألا يزيد على بضعة أشهر، يطول ولا ينتهي في بعض الحالات، فالأعطال التقنية التي قد تطرأ عليها أو إفلاس مالكيها يجعلهم يتركونها في مكانها في مهب أمواج البحر، ويحدث أن يختفي مالكو السفينة، فيتعيّن على طاقمها أن يدبّروا أمرها وأمرهم.
وفي السنوات الأخيرة، تدخّلت نقابة العاملين في البحر في أوروجواي لمساعدة بحارة أفارقة وآسيويين تركهم مشغّلوهم يواجهون مصيرهم، فاضطروا لبيع أجزاء من السفن حتى يؤمنوا عيشهم.
ويقول سيرجيو كاسترو، رئيس النقابة: "إنها سفن تركها مالكوها، وعلى متنها بحارة يعملون بموجب عقود بالية"، وهي ظاهرة يتوقع أن تزداد وتيرتها في السنوات المقبلة.
ونتيجة لذلك، ترسو على أبواب مرفأ مونتفيديو ستون سفينة، تعود أقدمها إلى العام 1998، ويراوح طولها بين 15 مترا و100، ووزنها بين 50 طنا و4 آلاف.
أمر معيب
وتطرح هذه السفن مشكلات عدة، منها سلامة الملاحة وتشويه المشهد، إضافة إلى التلوّث البيئي، فهي تحتوي على الوقود وعلى مواد كيماوية تستخدم في تبريد السمك، بحسب إيزابيل فاسكيز.
ويقول كوباريري: "يجب أن تحل هذه المسألة، مقبرة السفن هذه، أو جزيرة الحديد في مرفأ مونتيفيديو، هي أمر معيب"، ويضيف: "إنها ضرر بيئي وملاحي وبصري".
وإزاء حجم هذه المشكلة، قررت السلطات في أوروجواي التحرّك أخيراً.
وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت الحكومة قراراً يتيح إخراج 50 سفينة لتُفكّك في الخارج، إذ إن الإمكانات المحلية في هذا الشأن محدودة جدا، فهذا البلد البالغ عدد سكانه 3 ملايين نسمة ليست فيه سوى شركة واحدة متخصصة في تفكيك السفن.
ثم أعلنت سلطات الموانئ استدراج عروض لأول 20 سفينة، وهي تعوّل على العدد الكبير للحطام في جذب الشركات الأجنبية المتخصصة.
وأعلن فيكتور روسي، وزير النقل، أخيراً أن سلطات الموانئ ستدفع 4 ملايين دولار للتخلص من هذه السفن الـ20، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام المحلية.