أحداث 11 سبتمبر.. ذاكرة العالم في مناهج التعليم
بالنسبة لأولئك الذين ولدوا بعد 11 سبتمبر 2001 لا شيء غير التعليم من شأنه أن يشكل خلفية لآرائهم حول أحد أكثر كوارث العصر الحديث مأساوية.
ومع دخول الهجمات الإرهابيية التاريخ، سعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية لرصد المناهج التي تدرس تلك الأحداث، واطلعت على الكتب وتحدثت مع معلمين، وحتى الطلاب الذين ولدوا بعد الأحداث.
ومن موسكو الروسية إلى مانهاتن الأمريكية، مرورا بكاراتشي الباكستانية وكاراكاس الفنزويلية، وصولا إلى برلين الألمانية وبغداد العراقية، عرض الطلاب وجهات نظر مختلفة عن الإرهاب والإسلام والحرب والقوة الأمريكية.
وطبقًا للصحيفة، تختلف المدارس حول العالم بشكل كبير في طريقة تدريس أحداث 11 سبتمبر، إن تم تدريسها من الأساس.
وجمعت بيز هيرمان، المرشحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، 850 كتابا مدرسيا من 90 دولة، وعملت الصحيفة مع هيرمان للتدقيق في الكتب التي غالبا ما يستخدمها طلاب المدرسة المتوسطة والثانوية، ووجدوا أن إيران وفنزويلا وسوريا وموزمبيق ومصر، هم قلة من الدول التي تذكر الهجمات.
وفي نيويورك وأماكن أخرى من الولايات المتحدة، كان المنهج الدراسي بشأن 11 سبتمبر شخصيا وعاطفيا بشكل صريح، وطلب المعلمون من طلابهم دراسة تجارب عائلاتهم.
وبعيدا عن إراقة الدماء واختلاف المواقف تجاه الولايات المتحدة، تتعامل الدول الأخرى مع المسألة بنزعتها القومية الخاصة.
وفي إنجلترا يظهر الحديث عن الهجمات في كتاب شهير بقسم يتحدث عن الجماعات الإرهابية، الذي يتناول أيضًا كيف تعاملت الحكومة البريطانية مع الجيش الجمهوري الأيرلندي، فيما تناقش الكتب المدرسية الإسبانية والفرنسية والروسية أحداث 11 سبتمبر إلى جانب هجمات إرهابية طالت مواطنيهم.
ولكن تعلم بعض الدول طلابها أن أحداث ذاك اليوم تقدم درسًا، أو ربما تحذيرا للقوى العالمية.
ويتعلم طلاب كوريا الجنوبية والهند أن الهجمات على مركز التجاري العالمي في نيويورك وفي واشنطن كانت نتيجة العولمة، أما الكتب المدرسية في باكستان فتصف الهجوم، الذي أسفر عن مقتل حوالي 3 آلاف، بـ"الحادث"، وتتحدث عن مخاطر الهيمنة الأمريكية.
ولإضفاء لمسة أكثر وضوحا، يتضمن كتاب مدرسي عن تاريخ العالم الحديث والمعاصر من الصين صورة للبرجين المشتعلين قرب قسم خاص بالجغرافيا السياسية، يقول: "لا يمكن لقوة واحدة الهيمنة على العالم بمفردها."
وسألت هيرمان: "ما هي الكتب المدرسية وما الغرض منها؟"، مضيفة: "سيبدو الأمر بسيطا: إنها لتعليم الأطفال. لكن في الواقع إنها لتعيين الأجندات القومية، ومشاركة روايات بعينها. وفي بعض الأحيان، لتعليم الأطفال".
أسئلة جيل جديد
ويتعلم كثير من المولودين بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001 عن ذاك اليوم في سن صغيرة، لكن يختلف الأمر حول طريقة الحصول على المعلومة، حيث يشاهد البعض أفلاما وثائقية عن الهجوم، ويعثر البعض عليه عبر منصة "يوتيوب" أو يسمعون خطابا يزيد من معرفتهم عنه.
وقال كثير من الطلاب الذين حاورتهم "نيويورك تايمز" إنهم سمعوا لأول مرة عن الهجمات أثناء حديث الكبار بشكل غير مباشر، وعندما يسألونهم عما حدث، يعطونهم ملخصا أساسيا للحقائق تتمثل في اختطاف طائرات، وسقوط المباني، وعدد القتلى، بدون تفاصيل.
وقالت نايومي جريت (18 عاما) تخرجت في المدرسة الثانوية في فرنسا مؤخرًا: "عندما ترى الصور الأرشيفية، تتساءل: كيف يكون هذا ممكنا؟".
لكن الصور ومقاطع الفيديو لا تجيب عن الكثير، بحسب أريادنا كلاريث سانشيز روخاس (16 عامًا) بعامها الدراسي العاشر في فنزويلا.
وقالت: "الأسئلة الموجودة لدي هي: أولًا، لماذا كان من السهل على طالبان (خلط بين الحركة وتنظيم القاعدة) اختطاف أربع طائرات من الولايات المتحدة؟"، مضيفة أن "السؤال الثاني هو: لماذا بدأت الحرب بين الولايات المتحدة وأفغانستان؟".
وبالنسبة لبعض المراهقين، فإن الاستجابة الأمريكية لهجمات سبتمبر مهمة مثل الاعتداءات نفسها.
نظرة أخرى
وعندما يقيم جيل ما بعد الهجمات آثارها على حياتهم، غالبا ما يشيرون إلى ما يمكنهم رؤيته: الانتظار الطويل للمرور عبر أمن المطار، والحواجز الخرسانية أمام الساحات العامة لمنع السيارات المفخخة.
وقال فيصل رحمن (18 عامًا) إن الغزو الأمريكي لأفغانستان دفع بمقاتلي طالبان إلى ملاجئ آمنة بالمنطقة الحدودية لباكستان حيث كانت تعيشه عائلته، مما اضطرهم لمغادرة كاراتشي.
وقال مجتبى علي السعدي (18 عامًا)، طالب بالثانوية في بغداد، إنه لولا أحداث 11 سبتمبر "لكان صدام حسين لا يزال بيننا اليوم."
وأشار إلى أن "تغيير النظام" أنهى الديكتاتورية، لكنه أنتج المزيد من الإرهاب داخل العراق. وقتل والده عام 2005 عندما كان مجتبى لا يزال رضيعا.
وبالنسبة لآخرين، مثل دوريا نينجيزي (18 عامًا)، التي تخرجت مؤخرًا فيردر مدرسة ثانوية في شرق لندن تزدحم بطلاب هاجرت عائلاتهم من أفغانستان وإيران ودول أخرى بالشرق الأوسط، سيتم تذكر 11 سبتمبر دائمًا على أنه شرارة التحيز المعادي للإسلام.
وبالنسبة لكثير من الأمريكيين، يعني تذكر 11 سبتمبر مواجهة إرث الصدمة، ومن منظور دولي أكثر، كثيرا ما يجد الصغار بأماكن أخرى نفسهم يطرحون السؤال بشأن كيف يمكن لدولة قوية أن تكون بمثل هذه الهشاشة.
وفي أي درس تقريبا يتحدث عن الولايات المتحدة، تؤكد الكتب الدراسية بعدة دول على القوة العسكرية الأمريكية، وترجح بعضها أيضًا أن الولايات المتحدة هاجمت أفغانستان والعراق من أجل النفط والموارد الطبيعية الأخرى.
وقالت يلينا ماري بيلكا (16 عامًا)، بالمدرسة الثانوية في ألمانيا: "لا أعرف الكثير بشأن الحرب بين العراق والولايات المتحدة، لكن أعلم أنهما، كما أعتقد، تحاربا على النفط وكثير من الأموال. والولايات المتحدة أرادت الحصول على النفط."
وأضافت أن الرد الأمريكي على هجمات سبتمبر أظهرت أن الأمريكيين "نوعا ما يريدون العدالة، لكن بطريقة غريبة حقًا؛ لأنه ليس من العدالة تفجير دولة".
ويلقي الطلاب باللوم على المناهج التي عفا عليها الزمن والخوف والأجندات السياسية في تجاهل أحداث سبتمبر بالمدارس.
وقال لوكاس فيلار (18 عامًا) طالب بالمدرسة الثانوية في ريو دي جانيرو: "أعتقد أن الوقت حان لتغيير هذا النظام التعليمي ومحاولة التركيز على شيء يتطلع للمستقبل أكثر".
وأوضح العديد من الطلاب أنهم يحتاجون لمعرفة المزيد بشأن 11 سبتمبر، لأن يوما ما ربما سيطلب منهم الحديث عن حقبة من الإرهاب لأطفالهم.