الديون الأمريكية في مرحلة حرجة.. تهديد بـ«زلزال مالي عالمي»

رأى خبراء اقتصاد فرنسيون أن تصاعد العجز الأمريكي وانهيار الثقة في سندات الخزينة ينذران بوقوع «زلزال مالي عالمي» قد يتجاوز في تداعياته أزمة 2008، في وقتٍ يواصل فيه الاحتياطي الفيدرالي رفع معدلات الفائدة، وتلوح في الأفق أزمة ثقة بالدولار.
من جانبه، قال جون بارتيليمي، خبير الاقتصاد الكلي في "معهد الدراسات المستقبلية بباريس" لـ"العين الإخبارية"، أن "سندات الخزينة الأمريكية كانت دائمًا تُعتبر ملاذًا آمنًا، لكن الوضع الحالي يشير إلى تغير جوهري في ثقة الأسواق. إذا تخلّت بكين أو طوكيو عن جزء من حيازاتهما، فسيؤدي ذلك إلى اضطراب في التوازنات العالمية وهروب رؤوس الأموال".
وفي يوم الأربعاء 9 أبريل/نيسان الجاري، دخلت الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ، مما أدى إلى اهتزاز أسواق المال العالمية. وعلى شاشات المراقبة في البورصات، ارتفعت معدلات الفائدة على سندات الخزينة الأمريكية بشكل غير مسبوق.
فقد قفز العائد على السندات طويلة الأجل (30 سنة) من 4.4% إلى 5%، في حين ارتفع العائد على السندات لعشر سنوات بـ55 نقطة أساس خلال ثلاث جلسات فقط -وهو تسارع لم يحدث منذ ربع قرن.
فيما حذرت كلير دوبوا، أستاذة الاقتصاد في جامعة السوربون، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" من أن "العجز الفيدرالي الأمريكي بلغ مستويات لا يمكن الاستمرار بها على المدى الطويل دون إثارة أزمة ديون سيادية. ما نشهده اليوم هو مقدمة لانفجار محتمل في أسواق الدين العالمية".
ومع هذا التصاعد المفاجئ، بدأت دوائر المال تتحدث عن احتمال تخلي الصين واليابان عن جزء من حيازتهما من السندات الأمريكية كرد على التصعيد التجاري، مما قد يزعزع استقرار السوق الأمريكية والدولار على حد سواء.
من جهته، قال باتريك أرتوان، من مركز CEPII للدراسات الاقتصادية الدولية لـ"العين الإخبارية"، إن "ارتفاع معدلات الفائدة بهذا الشكل السريع يزيد من تكلفة خدمة الدين الأمريكي، ويضغط على الميزانية العامة، وهو ما قد يسرّع الوصول إلى نقطة اللاعودة اقتصاديًا".
تداعيات أوروبية محتملة: هل تهب العاصفة من واشنطن إلى باريس؟
ويرى أرتوان أن أزمة الدين الأمريكي لن تبقى حبيسة الولايات المتحدة، بل قد تمتد إلى أوروبا، خصوصًا في ظل تشابك الأسواق المالية والاعتماد المتبادل على الدولار.
وأوضح أن "أي اضطراب في سوق الدين الأمريكي سيرتد على اليورو مباشرةً، ليس فقط عبر القنوات المالية، بل من خلال التأثير في حركة التجارة وأسعار الفائدة العالمية، مما سيجبر البنك المركزي الأوروبي على إعادة النظر في سياساته النقدية".
وتابع:" الاقتصاد الفرنسي، الذي يواجه أصلًا ضغوطًا من عجز الميزانية وتباطؤ النمو، سيكون عرضة لارتدادات موجة تضخمية أو أزمة سيولة، إذا ما انهار الطلب العالمي على الدولار أو على سندات الخزينة الأمريكية".
وبحسب الخبير الاقتصادي الفرنسي، فإن أزمة الدين الأمريكي القادمة، إن لم يتم احتوائها، قد تكون الشرارة التي تعيد إشعال أزمات اقتصادية قديمة في أوروبا، وتعيد تشكيل خريطة التمويل الدولي لعقود قادمة.
aXA6IDE4LjIxNy45Ni44OCA= جزيرة ام اند امز