التايمز: الانسحاب الأمريكي من سوريا تنازل للخصوم
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب المبكر والسريع لقواته في سوريا سيخلق فراغا خطيرا في البلاد ويصب في مصلحة خصوم واشنطن.
حذرت صحيفة "التايمز" البريطانية من أن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب المبكر والسريع لقواته في سوريا سيخلق فراغا خطيرا في البلاد، ويصب في مصلحة خصوم واشنطن؛ الثلاثي روسيا وإيران وتركيا.
وقالت الصحيفة، في افتتاحية بعنوان "غائب عن الحدث"، إن فراغا خطيرا ينفتح في سوريا. ولم يعد بإمكان الرئيس ترامب إخفاء ضجره من حرب السنوات السبع، حيث قال: "أريد الخروج، أريد أن أعيد قواتنا إلى الوطن"، وأصدر تعليماته إلى جنرالاته بالاستعداد لانسحاب سريع.
واعتبرت الصحيفة أن الانسحاب السريع هو نوع من التنازل عن النفوذ وسيفسح المجال أمام روسيا وإيران وتركيا لإعلان انتصارها على الولايات المتحدة، حيث اجتمع قادة الدول الثلاث، أمس الأربعاء، لتنسيق السياسات الهادفة إلى دعم نظام الرئيس بشار الأسد، وتأمين مناطق النفوذ وإخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
ولفتت إلى أنه رغم أن أنقرة وطهران وموسكو لها مصالح مختلفة ومتضاربة في بعض الأحيان في سوريا، لكنها يمكن أن تتفق على قاسم مشترك وهو إقصاء أمريكا.
ووفقا للصحيفة، يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عازم على التعجيل ببيع وتسليم منظومة صواريخ "إس-400" إلى تركيا، على الرغم من أنها من المفترض أنها حليف لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأوضحت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحتاج إلى تعاون روسيا إذا كانت مقاتلاته ستتمكن من دخول المجال الجوي السوري لضرب المواقع الكردية، بينما تريد إيران، الممثلة في قمة أنقرة من قبل الرئيس روحاني، أن تؤسس وتدافع عن طريق يمر عبر سوريا، ويربط أصدقاءها في العراق مع "حزب الله"، المليشيا الإرهابية التي تمولها في لبنان.
ورجحت أن الافتراض المشترك لهذا المحور الثلاثي، هو أن الرئيس الأسد سيفعل ما يُملى عليه ويقبل بعض القيود على سيادة الأراضي السورية مقابل الدعم المالي والعسكري.
غير أنه ربما يصبح من الضروري، على سبيل المثال، أن يقبل الثلاثي درجة من النفوذ الأمريكي لمجرد كبح إسرائيل من القيام بعمل عدواني ضد "حزب الله" في سوريا، وربما يكون لدى بوتين مخاوف من أنه سيتحمل المسؤولية الأساسية عن إعادة بناء سوريا عندما تنتهي الحرب.
وارتأت أن خروج الولايات المتحدة من سوريا سيكون خطأ كبيرا، وهو مبني على قناعة ترامب بأن الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي تضع أوزارها. ومع ذلك، فإن غياب أمريكا سيترك جماعات المعارضة السورية في تخبط، ويسمح بسحق الأكراد السوريين وتعميق الأزمة الإنسانية المروعة بالفعل.
لن تكون هناك عملية سلام أو أمل في إضفاء الطابع الديمقراطي البطيء، وفقا للصحيفة، حيث لن يكون هناك أي ضغط على نظام الأسد للقيام بأي شيء أكثر من طاعة الأوامر الصادرة من موسكو وطهران، واستقرار الأردن، وهو حليف غربي مهم في المنطقة، سيكون موضع تساؤل، وربما ينتهي الأمر بالمعارضة الجديدة للأسد على أنها نسخة معاد إحيائها من "داعش" أو جماعة إرهابية أخرى.
واستبعدت الصحيفة أن يسهم القرار في تحسين مكانة الولايات المتحدة في العالم أو المنطقة، ومع ذلك، فهو نتيجة لسياسات أمريكا نصف المتشكلة في الشرق الأوسط، وبعد 15 شهراً من رئاسة ترامب، فإن هذه السياسة ترقي إلى قرار إقامة السفارة الأمريكية في القدس، فربما تبدو هذه مواقف عقلانية ويمكن الدفاع عنها لكنها لا ترقي إلى استراتيجية مترابطة ومتشابكة.
ورجحت الصحيفة أن ترامب سيواجه معارضة الجنرالات الأمريكيين إذا كان ينوي مغادرة سوريا بسرعة كبيرة، لكنه يصر على أنه يحقق رغبات الناخبين الأمريكيين الذين يعانون بكل وضوح من إرهاق الحرب.
واختتمت بالقول: لقد تعهد ترامب بجعل أمريكا عظيمة مجددا، وسيكون هذا الهدف بعيد المنال إذا فشلت الولايات المتحدة في القيادة في الخارج، إذا تخلت عن المهام الخارجية بسبب تعقيدها وتكلفتها، وأمريكا يجب أن تجلس على الطاولة عندما يتم التفاوض حول مستقبل سوريا.