"أرتيميس" الأمريكية.. هل ينتقم "توأم أبولو" من الروس على القمر؟
إلى القمر، تنقل أمريكا حربها الباردة مع روسيا هناك حيث تستعد مهمتها "أرتيميس" للعودة للكوكب بعد نصف قرن من آخر رحلة ضمن برنامج "أبولو".
توتر ينتقل إلى الفضاء، اللامساحة التي تريد واشنطن أن تنتقم فيها من الروس عبر تأكيد تفوقها وتسديد ضربة قد تعيد التوازن إلى كتلتها في حسابات القوى على الأرض.
ومع أن مسؤولا في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" رجّح، عقب فشل آخر محاولة إطلاق نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أن إجراء محاولة جديدة لإطلاق صاروخها العملاق إلى القمر ستكون في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلا أن مراقبين توقعوا عدم الالتزام بالموعد أو نجاح الإطلاق.
لكن يبدو أن إحداثيات الإطلاق لم تخذل واشنطن هذه المرة، حيث أقلع، الأربعاء، ما تصفه ناسا بأقوى صاروخ في العالم، "إس إل إس"، للمرة الأولى من فلوريدا، في بداية مهمة "أرتيميس" للعودة الأمريكية إلى القمر.
وفي هذه الرحلة التجريبية التي تنطلق بعد نصف قرن من آخر رحلة أمريكية إلى القمر ضمن برنامج "أبولو"، لن تهبط الكبسولة أوريون غير المأهولة على القمر، بل ستقترب منه عند مسافة تصل إلى 64 ألف كيلومتر، في رقم قياسي لمركبة قابلة للسكن.
وتهدف مهمة "أرتيميس 1" التي يُتوقع أن تستمر لأكثر من 25 يوما، إلى التحقق من أن هذه المركبة الجديدة آمنة لنقل طواقم مستقبلية إلى القمر في السنوات المقبلة.
حرب على القمر!
هذا ما تدعمه التطورات على الأرجح، فنجاح الإطلاق يترجم التوتر والضغوط التي عاشتها واشنطن بالفترة الأخيرة بسبب فشل إرسال المهمة، وهو ما وضع تفوقها بالفضاء على محك الشكوك.
فأمريكا تدرك جيدا أن لعبتها الرئيسية تكمن في تأكيد تفوقها على موسكو في الفضاء، لتعويض التراجع المسجل على الأرض، وتغير توازنات النظام العالمي عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
تحولات بدا بالكاشف أنها تؤسس لاصطفافات ونظام جديد يستبعد واشنطن مما كانت تفتخر به وهو قيادة العالم وتحديد أولوياته، ورسم نظام أحادي القطب تمتلك فيه زمام الكلمة الأخيرة في الملفات الدولية الشائكة.
مخرجات جديدة تقلق أمريكا وتجعلها تحشد أرضا لدعم أوكرانيا بوجه روسيا، والنزول بكامل ثقلها لحشد الإسناد الدولي لها وترجيح كفتها بالحرب، لكن مع طول أمد النزاع وفشل جميع أوراقها حتى الآن في تحقيق الهدف المنشود، بدا أنه لا حل سوى نقل الصراع إلى الفضاء، وتحديدا إلى القمر.
لذلك، وبإقلاع مهمتها، ترى واشنطن أنها دخلت أولى محطات مدار التفوق أو تأكيده، وأن خطوة مماثلة تمنحها نقطة ومكسبا أمام عدوتها التاريخية، وهذا أيضا ما يفسر إرجاءها لعملية الإطلاق لمرات عديدة.
وعلى ما يبدو، نجحت واشنطن حتى الآن على الأقل في كسر الصدى الإعلامي للحرب الروسية، وافتكاك بعض الأضواء من خلال إطلاقها الناجح لمهمتها، لكن يبقى الجزء الأكبر من التحدي رهن مسار أرتيميس ومدى تحقيقها لأهدافها.
فالواضح أن أي إعلان حالي للانتصار من جانب واشنطن سيكون بلا معنى، لأن روسيا لا تقف في الجهة المقابلة مكتوفة الأيدي، بل تخوض بدورها حصتها من المعركة وعلى طريقتها.
ففي النهاية، لا تزال موسكو تحتفظ بأسبقيتها، بما أن الإعلان الأمريكي عن إطلاق "أرتيميس 1" إلى القمر جاء بعد أقل من شهر فقط على إعلان يوري بوريسوف، الرئيس الجديد لوكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس"، قرار الانسحاب من محطة الفضاء الدولية "بعد العام 2024".
انسحاب يرسم معالم نهاية شراكة بين موسكو وواشنطن في الفضاء استمرت لأكثر من عقدين من الزمن، ويضع نقطة نهاية لتعاون فرضته مخرجات الحرب الباردة.
لكن الفارق يكمن في أن هذا الانهيار لن يعني الكثير بالنسبة لموسكو التي تخطط لبناء محطتها الفضائية الخاصة، لكنه قد لا يبدو كذلك بالنسبة لواشنطن التي تحسب خطواتها بدقة وهي تتجه نحو القمر تحسبا لجميع المطبات، وأهمها عيون موسكو التي تترصدها.
aXA6IDEzLjU5LjEyOS4xNDEg
جزيرة ام اند امز