"أرتميس 1".. هل فشلت واشنطن بمطاردة الروس على القمر؟
الحرب الباردة مع روسيا التي أرادت واشنطن نقلها إلى القمر لمطاردة غريمتها التقليدية تواجه مطبات عرقلت تجاوز صاروخها العملاق مدار الأرض.
وليل الإثنين - الثلاثاء، أُعيد صاروخ "إس إل إس"، وهو أقوى صاروخ صممته ناسا على الإطلاق، إلى موقعه الأساسي في مبنى التجميع لحمايته قبل وصول العاصفة "إيان" إلى فلوريدا.
وبذلك، تفشل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، في 3 محاولات، بإطلاق صاروخها العملاق ضمن برنامج أرتميس 1 إلى القمر، هناك حيث كانت تأمل تسجيل نقاط سياسية ثأرا من موسكو.
فشل أرجعته ناسا في مرحلة أولى لأسباب فنية، ثم لمخاوف من عاصفة ببحر الكاريبي، يفتح فصلا جديدا من المنافسة ويرفع سقف التحديات أمام الوكالة التي يقول مراقبون إنها باتت مصابة برهاب الفشل.
رهاب يرفع منسوب المحاذير ويرجئ بالتالي عملية الإطلاق لحين توفر الضمانات الفنية والجوية اللازمة، أي جميع الضمانات اللازمة لإطلاق ناجح تتباهى به واشنطن أمام غريمتها.
نوفمبر؟
مسؤول في "ناسا" أعلن أن إجراء محاولة جديدة لإطلاق صاروخها لعملاق إلى القمر في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل سيكون "صعباً"، مرجحا حصول ذلك في الشهر التالي له.
وبحسب وكالة فرانس برس، تمتد فترتا إطلاق الصاروخ المحتملتان اللتان تحددان استنادا إلى مواقع الأرض والقمر، من 17 إلى 31 أكتوبر القادم، ومن 12 إلى 27 نوفمبر/تشرين ثاني المقبل.
وفي تصريحات إعلامية، قال رئيس وكالة "ناسا" بيل نيلسون: "ندرك أنّ أقرب موعد للإقلاع سيكون نهاية كتوبر، لكننا سنضطر على الأرجح لإنجاز المهمة في منتصف نوفمبر".
من جانبه، رد المدير المساعد للوكالة، جيم فري، عن سؤال حول فرص إطلاق الصاروخ في أكتوبر/ تشرين أول القادم، بالتأكيد أن "هذا الاحتمال لم يعد مطروحاً، لكنّ الأمر سيكون صعبا".
وبعد انتهاء العاصفة، سيتعين على ناسا أن تأخذ الوقت الكافي لتغيير بطاريات نظام التدمير الذاتي للصاروخ، وهي عملية معقدة ستُنفّذ في مبنى التجميع.
كما أن إعادة إخراج الصاروخ البالغ ارتفاعه 98 متراً ونقله إلى المنصة قبل إعداده لعملية الإقلاع، تتطلب أياماً عدة أيام، ما يحتم تأجيل مهمة "أرتيميس 1" لفترة غير محددة.
وبعد 50 عاماً على آخر رحلة ضمن برنامج "أبولو"، تأمل مهمة "أرتيميس 1" غير المأهولة في اختبار صاروخ "إس إل إس" الجديد، بالإضافة إلى كبسولة "أوريون" غير المأهولة على رأسه، استعداداً لرحلات مأهولة إلى القمر مستقبلاً.
انتصار لموسكو؟
لم يكن إرجاء إطلاق صاروخ ناسا مفاجئا، بل بدت الخطوة منتظرة إلى حد كبير سواء بالنسبة للأوساط الأمريكية أو حتى الدولية.
فواشنطن المسكونة بهاجس التفوق في الفضاء، تدرك أن أعين موسكو تلاحقها وترصد خطوات مشروعها، ولذلك فإنها تحسب جيدا مسارها خشية الدخول بمدار فشل نهائي يمنح عدوتها مكسبا تاريخيا،
فأي فشل في مهمة "أرتميس 1" لن يكون مجرد مطب على طريق طويلة، وإنما سيمنح موسكو نقطة انتصار، وإن آنية، وهذا ما لا تريد واشنطن الوصول إليه ولو كلفها ذلك إرجاء عملية الإطلاق لمرات عديدة أخرى.
منافسة محتدمة بين القوتين تستمر في ظل ما يشبه الحرب الباردة التي تفاقمت منذ بدء العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي.
فواشنطن قلقة من إحداثيات الوضع على الأرض، وتعرف أن صراعها بالوكالة مع موسكو في أوكرانيا لم يؤت ثماره، كما تدرك تماما أن رد الاعتبار يكمن في كسر الصدى الإعلامي من خلال محاولة توجيه الأنظار إلى القمر.
والدليل على ذلك أن توقيت الإعلان الأمريكي عن إطلاق "أرتميس 1" إلى القمر جاء بعد أقل من شهر فقط على إعلان يوري بوريسوف، الرئيس الجديد لوكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس"، أن موسكو قررت الانسحاب من محطة الفضاء الدولية "بعد العام 2024".
وفي رد فعل فوري حينها، رأت واشنطن في القرار الروسي تطورا مؤسفا، بينما أكد البيت الأبيض أنه لم يتلق بلاغا رسميا بشأن هذا الانسحاب وأنه يدرس بدائل لتخفيف وطأته، ومطاردة الروس.
وتماما كما دفعت نهاية الحرب الباردة، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، البلدين إلى التعاون ومن ثم إنشاء المحطة، فإن الحرب الساخنة الحالية بين الغريمين التقليديين، ستكون أحد أسباب انهيار الشراكة التي استمرت لأكثر من عقدين من الزمن.
انهيار لن يعني الكثير بالنسبة لموسكو التي تخطط لبناء محطتها الفضائية الخاصة، لكنه يعني الكثير لواشنطن ولذلك تحسب خطواتها بدقة وهي تتجه نحو الفضاء تحسبا لجميع المطبات.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز