في رسالة واضحة وصريحة، بعيدة عن لغة الأرقام، الخليج شريك أساسي في الأمن العالمي والاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
تدرك واشنطن بشكل جدي قيمة دول الخليج العربي في تحقيق الأمن الإقليمي، خاصة مع اضطراب المنطقة في عدة ملفات مثل سوريا، ولبنان، وغزة، واليمن، والسودان، وهي أهم الملفات الساخنة في المنطقة حالياً، حيث تُعد من الأزمات التي أثرت في منطقة الشرق الأوسط.
دول الخليج فرضت نفسها باعتبارها الضامن الاستراتيجي للأمن الإقليمي، حيث أدارت بنجاح عدة أزمات قلّلت من الحد في ظهور عدة صراعات ناجمة عن توترات من شأنها المساس بأمن المنطقة.
وعززت دول الخليج أهميتها في المنطقة نحو استراتيجية التعامل مع الإدارة الأمريكية بشكل سياسي، نحو المصلحة المشتركة التي تخدم واشنطن والخليج، واحتلت دورها الاستراتيجي كوسيط في النزاعات والأزمات العالمية الكبرى، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، حيث استضافت السعودية أكثر من اجتماع بين الوفود الأمريكية والروسية والأوكرانية، وعززت دورها كوسيط بين واشنطن وموسكو، مع دور دولة الإمارات الكبير في الإفراج عن الكثير من الأسرى بين البلدين، ودور قطر في تعزيز الملفات الخاصة بغزة وحماس وخلق قناة اتصال مع الإدارة الأمريكية.
وسلطنة عُمان بوصفها وسيطاً مباشراً بين تهديدات جماعة الحوثي في اليمن وأمريكا، وإيقاف الهجوم المستمر على السفن البحرية التجارية، ووجود سياسة محايدة في كثير من الملفات العالمية.
تُمثّل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية خلال ولايته الرئاسية الثانية لكل من السعودية وقطر ودولة الإمارات، دليلاً على قوة الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين الأمريكي والخليجي، وسيتم من خلالها تجديد ملامح الوجه الجديد من التعاون الشرق أوسطي بين الطرفين، وعلى رأسها تحقيق الاستقرار الإقليمي ونمو شراكات جديدة تُسهم في وضع مستقبل أفضل خلال المرحلة المقبلة، يتخللها تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية.
وتُعد السعودية والإمارات وقطر من أهم الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في مواجهة التهديدات المشتركة ومناقشة ملفات ساخنة مثل البرنامج النووي الإيراني ودعمها للمليشيات، ودعم الملف السوري، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وتعزيز التحالفات الدفاعية العربية المشتركة.
تسعى دول الخليج من خلال هذه الزيارة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي كمدخل سياسي لتعزيز دورها ومكانتها العالمية، من خلال المبادرات العالمية المستمرة، وأن يكون لها دور كبير كوسيط وحليف استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. وهذا النجاح مقرون بمعالجة الفجوات السياسية في ملفات عديدة مثل حقوق الإنسان والأمن، وتحويل التحالف إلى شراكات نحو رؤية مشتركة لاستقرارٍ إقليمي يُترجم مصالح جميع الأطراف دون إقصاء.
وستكون هذه الجولة انطلاقة جديدة لمرحلة جديدة أكثر حرصًا على بناء التعاون نحو الاستقرار الإقليمي المنشود، وفي إطار مساعي دول الخليج لتنويع اقتصاداتها، ولتحقيق مكاسب مشتركة، وجعل المنطقة أكثر استقرارًا في وجه التحديات والتقلبات والمفاجآت في المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة