زيارة رئيس البرازيل للإمارات.. رسائل ودلالات تبرز قوة العلاقات
رسائل ودلالات هامة آثر رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا نقلها خلال زيارته الرسمية إلى دولة الإمارات.
ووصل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس البرازيل، اليوم السبت، في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات، فيما تعد أول زيارة له لدولة الإمارات منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
كما تعد أول زيارة له لدولة عربية بعد توليه الرئاسة مجددا بشكل رسمي مطلع العام الجاري، بعد أن سبق أن تولاها لولايتين خلال الفترة من 2003 إلى 2010.
اختيار دا سيلفا -صاحب مبادرة عقد أول قمة بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في برازيليا عام 2005- دولة الإمارات لكي تكون وجهته العربية الأولى، يبرز تقديره للإمارات ومكانتها إقليميا ودوليا.
أيضا إجراء الزيارة بعد أقل من 4 شهور من توليه الرئاسة يبرز حرصه على تعزيز العلاقات مع الدولة الخليجية، وتقديره لدولة لإمارات وقيادتها، والحرص على إجراء مباحثات تسهم في تطوير العلاقات ودعم أمن واستقرار المنطقة والعالم.
رسائل عدة نقلتها تلك الزيارة تبرز العلاقات المتنامية بين البلدين والشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، وحرص البلدين على تعزيز التعاون بينهما في المرحلة القادمة.
أسس هذا التعاون
بادر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بوضعها خلال اتصال هاتفي أجراه مع لويس ايناسيو لولا دا سيلفا نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هنأه خلاله بانتخابه رئيساً لجمهورية البرازيل الاتحادية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، متمنياً له التوفيق في مهامه الجديدة في خدمه وطنه وشعبه.
وأعرب عن تطلعه إلى التعاون والعمل المشترك مع الرئيس البرازيلي المنتخب، خلال الفترة المقبلة، لمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات خاصة التنموية والاقتصادية بما يعود بالخير والنماء على البلدين والشعبين الصديقين.
من جانبه، عبر لويس ايناسيو لولا دا سيلفا عن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتهنئته ومشاعره الطيبة، مؤكداً حرصه على تنمية العلاقات الإماراتية-البرازيلية على مختلف المستويات.
حفاوة الاستقبال
مباحثات هاتفية تتوج اليوم بزيارة رئاسية إلى الإمارات، في إطار زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين لتعزيز التعاون بينهما.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية الذي يقوم بزيارة رسمية إلى البلاد، ترافقه السيدة الأولى جانجا لولا دا سيلفا.
وجرت لرئيس البرازيل مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه قصر الوطن في العاصمة أبوظبي، حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية وترحيباً به.
واصطحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الضيف إلى منصة الشرف وعزف السلام الوطني للبرازيل.
ورافق موكب ضيف الإمارات عدد من الفرسان على صهوات الخيول العربية الأصيلة في ساحة القصر، فيما حلق فريق "فرسان الإمارات" الوطني للاستعراضات الجوية في سماء القصر مشكلاً لوحة بعلم البرازيل.
حفاوة في الاستقبال تظهر أيضا تقدير دولة الإمارات وقيادتها لضيف البلاد.
زيارات متبادلة
تأتي زيارة رئيس البرازيل للإمارات بعد نحو 6 شهور من زيارة وفد برلماني إماراتي برئاسة صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي البرازيل سبتمبر/أيلول الماضي، في زيارة تم خلالها إجراء سلسلة مباحثات لتعزيز التعاون البرلماني والدبلوماسي والاقتصادي.
جرى خلال الزيارة مناقشة سبل الدفع قدما بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، التي بدأت منذ عام 1974، وبحث ما يمكن أن يلعبه التعاون البرلماني من أدوار في تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، خاصة أن دولة الإمارات تُعدّ ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد صقر غباش أهمية أن تشكل الزيارة منطلقاً آخر لتعزيز أفق التعاون التجاري والاقتصادي والتجاري بين البلدين من خلال تطوير مستوى الاستثمار المتبادل في الكثير من المجالات.
كما لفت إلى اهتمام دولة الإمارات بترسيخ جسور الصداقة، وتنمية علاقات التعاون الثنائي، خاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة، والصناعة، والاستثمار، والزراعة والطاقة المتجددة، وصولا إلى بناء شراكة قوية تتيح لتحقيق المصالح المشتركة لشعبيهما.
وبين أن دولة الإمارات تعد نموذجاً في التعايش والتسامح، وتؤكد دوما أن السلام الخيار الاستراتيجي وهو حجر الزاوية في سياساتها وعلاقاتها مع الدول كافة، حيث قامت بالتوقيع على الاتفاق الإبراهيمي قناعة بخيار السلام لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة والازدهار لشعوبها، وتم توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية على أرض دولة الإمارات تعزيزا لدورها العميق بالسلام والتعايش مع الدول كافة.
وأشار إلى التطور الملحوظ في العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية البرازيل الاتحادية، خاصة في ظل الزيارات الرسمية المتبادلة.
ورحب المسؤولون البرازيليون بزيارة الوفد البرلماني الإماراتي، وأكدوا أن العلاقات القائمة بين البلدين في أفضل مراحلها، معربين عن تطلعهم إلى مزيد من التعاون في شتى المجالات.
وفي الشهر نفسه، وقعت رابطة الإمارات لتنمية الفرانشايز وجمعية الفرانشايز البرازيلية مذكرة تفاهم في أبوظبي، انطلاقاً من إدراك الطرفين أهمية توثيق علاقات التعاون المتبادل حول تنمية وتطوير الفرانشايز وتهيئة بيئة الأعمال الداعمة له كنظام عالمي للشراكة الإيجابية ونقل الخـبرات وأفضل الممارسات بين أعضائهما.
الشراكة الاستراتيجية.. محطات مهمة
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الدولة وجمهورية البرازيل بتاريخ 26 مايو/أيار عام 1974، وافتتحت سفارة البرازيل في أبوظبي عام 1978، في حين افتتحت الإمارات سفارتها في برازيليا عام 1991 لتكون أول سفارة للدولة في أمريكا الجنوبية.
وتطورت العلاقات الثنائية بين البلدين في العديد من المجالات خاصة السياسية والاقتصادية منذ عام 2000، وتم تعزيزها بالزيارات الرسمية المتبادلة.
وشهدت العلاقات تطورا بعد زيارة الرئيس داسيلفا الإمارات ديسمبر/كانون الأول 2003 في أول زيارة له لدولة الإمارات بعد توليه أول فترة رئاسية في يناير/كانون الثاني من العام نفسه.
كما زار وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان البرازيل عدة مرات، أبرزها في عام 2009، 2010، 2012، 2014، 2017 و2019.
وخلال زيارته عام 2017، تم افتتاح قنصلية الدولة العامة في ساو باولو في مارس/آذار من العام نفسه.
وفرض مسار العلاقات الثنائية المتميزة بين الإمارات والبرازيل، وسعي الجانبين لتعزيز مجالات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، إنشاء لجنة مشاورات مشتركة انطلق أول اجتماعاتها في يوليو/تموز 2018.
وتضع اللجنة المشتركة على رأس أولوياتها تبادل وجهات النظر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في إطار ما تشهده العلاقات بين الإمارات والبرازيل من تطور مستمر في ظل دعم من قيادتي البلدين والحرص على تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المتنوعة.
ومن أبرز الزيارات المتبادلة على مستوى القيادات، الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى البرازيل في أبريل/نيسان 2014 والتي التقى خلالها مع الرئيسة البرازيلية آنذاك ديلما روسيلف.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 زار الرئيس البرزيلي آنذاك جايير بولسونارو دولة الإمارات العربية المتحدة، وأجرى مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تم في ختامها الإعلان عن اتفاق البلدين على الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيزها لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
كما جرى خلال الزيارة التوقيع على العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين.
كما أجرى بولسونارو زيارة ثانية إلى دولة الإمارات خلال الفترة من 13 حتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وجرى خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الرامية إلى تعزيز روابط التعاون بين دولة الإمارات وجمهورية البرازيل.
مستقبل واعد
ويتوقع أن تسهم الزيارة الحالية لرئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لدولة الإمارات إجراء مباحثات لتعميق الشراكة الاستراتيجية الثنائية، تقود العلاقات التاريخية بين البلدين إلى آفاق أرحب ومستقبل أفضل.
إضافة إلى بحث سبل تعزيز السلام والأمن والتنمية المستدامة والتعاون في القطاع الاقتصادي وقطاع الطاقة المتجددة، ومجالات السياحة والثقافة والرياضة.
الثقافة والرياضة
تلك العلاقات المتنامية انعكست على مختلف مجالات التعاون، حيث يولي البلدان عناية خاصة بتنمية العلاقات الثقافية بينهما إيمانا منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين، فضلا عن التقارب الكبير بين ثقافتيهما والذي يمكن ملاحظته في أكثر من مجال، حيث يتمتع البلدان بتعدد وتنوع ثقافي مميز، فضلا عن أن الكثير من المفردات باللغة البرازيلية تعود أصولها إلى العربية.
وتحرص البرازيل على المشاركة في مختلف الأنشطة والمعارض الثقافية والفنية الدولية التي تقام على أرض دولة الإمارات، وفي هذا الإطار جاءت مشاركتها المتميزة في فعاليات "إكسبو 2020 دبي" بجناح خاص ومميز بلغت تكلفة إنشائه 20 مليون دولار على امتداد 4000 قدم مربعة واستقطب أكثر من مليوني زائر، وفي المقابل تسجل الإمارات حضورا فاعلا في العديد من الأنشطة الثقافية والفنية التي تستضيفها البرازيل لا سيما معارض الكتاب والنشر.
في المجال الرياضي برز التعاون المثمر بين البلدين منذ وقعت الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة مذكرة تفاهم مع نظيرتها في البرازيل عام 2014 تهدف إلى إعطاء الأولوية للبرازيل في 13 محوراً أساسياً في المجال الرياضي، وتبادل الخبرات في المجال المؤسسي، ومجال العلوم والتطبيقات الرياضية، والطب الرياضي، ومكافحة المنشطات.
ويأتي على رأس التعاون الرياضي، رياضة الجوجيتسو، وأكدت إليانا زغيب القائمة بأعمال سفير البرازيل لدى الإمارات في تصريحات لها نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن العلاقات بين الإمارات والبرازيل تمر بأفضل مراحلها حاليا، وأن الرياضة وفي القلب منها رياضة الجوجيتسو تحديدا أسهمت في تعزيز تلك العلاقة، خصوصا في ظل وجود أكثر من 1000 مدرب برازيلي في دولة الإمارات ومعهم أسرهم، يعملون في المدارس والأكاديميات والأندية والمنتخبات ومؤسسات دولة الإمارات، ويسهمون بشكل فاعل في نشر وتطوير تلك الرياضة.
وأوضحت أن كل برازيلي يأتي إلى دولة الإمارات ليعمل فيها مدربا أو يشارك في إحدى بطولاتها يعود إلى البرازيل سفيرا للإمارات ينقل لأهله وأصدقائه مدى إعجابه بأهل هذا البلد، وعاداته وتقاليده، وجودة الحياة فيه، وأن هذه الأمور ساهمت في دعم نمو العلاقة بين البلدين في كل المجالات.
aXA6IDMuMTQ0LjEwOC4yMDAg جزيرة ام اند امز