لماذا اختار بوتين 2022 لحرب أوكرانيا؟
لماذا انتظر الرئيس الروسي حتى 2022 لشن هجوم على أوكرانيا؟.. تساؤول حاول أناتول ليفين، مدير برنامج أوراسيا بمعهد كوينسي، الإجابة عليه لصحيفة "الغادريان" البريطانية.
وأشارت "الغارديان" إلى أن موسكو لطالما أرادت الهيمنة على أوكرانيا، وهو ما كان واضحا في خطابات الرئيس بوتين وكتاباته، وفقا لتقديراتها.
وتساءلت: لماذا إذن لم يحاول الاستيلاء على كل أو معظم البلاد بعد الثورة الأوكرانية عام 2014، بدلاً من مجرد ضم شبه جزيرة القرم، وتقديم مساعدة محدودة شبه سرية للانفصاليين في دونباس؟
وأجاب ليفين بأن الرئيس الروسي كان مقيَّدًا في الماضي باستراتيجية روسية وضعت في تسعينيات القرن الماضي تهدف إلى فصل أوروبا عن الولايات المتحدة، وإنشاء نظام أمني جديد في أوروبا، تكون فيه روسيا شريكا كاملا وبقوة محترمة.
وأوضح أن "بوتين كان يأمل في إنشاء نظام أمني أوروبي يتيح لموسكو ممارسة نفوذ أقل على جيرانها لا تحتاج معه إلى هجوم روسي على الناتو والاتحاد الأوروبي ولا على أوكرانيا".
ووفقا للاستراتيجية الروسية، كان شن روسيا عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا عام 2014 من شأنه أن يدمر أي أمل في التقارب مع الأوروبيين الغربيين، ويدفعهم في المستقبل المنظور إلى أحضان الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، من شأن مثل هذه الخطوة أن تترك روسيا معزولة دبلوماسياً ومعتمدة بشكل كامل على الصين.
وبحسب الصحيفة، وافق بوتين على الاستراتيجية، وكتب في عام 2012 أن: "روسيا جزء عضوي لا ينفصل عن أوروبا الكبرى، من الحضارة الأوروبية الأوسع"، مضيفا: "يشعر مواطنونا بأنهم أوروبيون".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بين عامي 1999 عندما تولى بوتين السلطة و2020، شهدت هذه الاستراتيجية الروسية خيبات أمل، لكنها شهدت أيضا إشارات مشجعة كافية من باريس وبرلين لإبقائها على قيد الحياة.
ولكن وبحسب "الغارديان" هذه الآمال تحطمت عندما انتخب بايدن رئيسا للولايات المتحدة عام 2020، ما أعاد الإدارة الأمريكية ومؤسسات أوروبا الغربية إلى التعاون مجددا، بعد محاولة الرئيس السابق دونالد ترامب التخلي عن مسؤوليات واشنطن في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأشار ليفين إلى أن المحاولة الروسية الأكثر منهجية للتفاوض على أمر أمني أوروبي جديد جاءت خلال رئاسة ديمتري ميدفيديف بين عامي 2008 و2012.
مترادفات
وبموافقة بوتين، اقترح معاهدة أمنية أوروبية من شأنها تجميد توسع الناتو، وتضمن فِعْلِيًّا حياد أوكرانيا وغيرها من الدول، وجرت هذه المشاورات المؤسسية على قدم المساواة بين روسيا والدول الغربية الرائدة.
لكن الدول الغربية بالكاد تظاهرت بأخذ هذه المقترحات على محمل الجد.
ويرى ليفين إلى أن قرار بوتين بغزو أوكرانيا في 2022 جاء نتيجة عدد من التطورات، أبرزها الشراكة الاستراتيجية التي تشكلت بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي أظهرت احتمالية أن تحول أوكرانيا إلى حليف أمريكي مدجج بالسلاح.
وكذلك وصل بوتين إلى قناعة بأن اتفاقية "مينسك 2" بشأن استقلال إقليم دونباس بأوكرانيا لم تكن سوى مناورة من ألمانيا وفرنسا كي تتيح للأوكرانيين الوقت لبناء قواتهم المسلحة.