وليد العقاد.. صاحب أول متحف فردي يروي تاريخ 5 حضارات بغزة
العقاد بدأ رحلته مع جمع القطع الأثرية صغيراً، فكان يذهب للأراضي التي يعتقد أن بها آثارا ويبدأ التنقيب ويجمع القطعة تلو الأخرى.
عبر رحلة بحث وتنقيب استمرت 45 عاماً، نجح الباحث الفلسطيني وليد العقاد، في جمع آلاف القطع الأثرية؛ ليطلق أول متحف فردي في فلسطين، استقطب اهتمام الباحثين والخبراء، حتى توج بنيل جائزة وتكريم من جامعة الدول العربية.
وفي منزله المتواضع في خان يونس جنوب قطاع غزة، رافق العقاد "العين الإخبارية" في جولة بين أقسام متحفه، معبراً عن فخره بهذه القطع الأثرية التي تروي تاريخ 5 حضارات مرت على غزة وتأخذك لأعماق التاريخ قبل آلاف السنين.
رحلة نضال بدأت سرية
العقاد بدأ رحلته مع جمع القطع الأثرية صغيراً، فكان يذهب للأراضي التي يعتقد أن بها آثارا ويبدأ التنقيب ويجمع القطعة تلو الأخرى، ليحتفظ بها ليحفظ تاريخ بلده وآثارها الضائعة.
وقال لـ"العين الإخبارية": "بدأت قبل 42 عاماً، كان حينها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، كنت أقوم بمهمتي سراً، في البحث والتنقيب وجمع القطع، وكذلك شراء قطع أخرى ممن يكتشفها، كان الاحتلال يدمر كل الآثار ليحاول أن يلغي هوية هذا الأرض، لذلك كان التحدي عندي الحفاظ عليها من الاعتداءات الإسرائيلية".
يبتسم وهو يروي رحلته مع الآثار، مشيرا إلى أنها بدأت بعد زيارة لمصر، وهو في ريعان شبابه، حيث زار متاحف واطلع على الآثار المصرية الفرعونية، ما دفعه للعودة إلى فلسطين والبحث عن حضارتها وتاريخها، بعد ذلك درس التاريخ، وحصل على دورات خاصة في جامعة القاهرة، للتعرف على عمر القطع الأثرية ولأي حقبة تعود.
أول متحف فردي
وبعدما جمع مئات القطع الأثرية، تبلورت لديه فكرة إطلاق أول متحف فردي في فلسطين، في وقت لم يكن هناك حتى متحف فلسطيني متكامل للآثار، ما جعل منزل ومتحف العقاد قبلة للباحثين والخبراء من فلسطين وخارجها، الذين قدموا لدراسة ما نجح في جمعه.
ويعتبر العقاد أن مهمته عمل وطني، من أسمى مراتب النضال خاصة في مرحلة العمل السري أثناء الاحتلال الذي لم تتوقف محاولاته لطمس الهوية الفلسطينية، وتزييف التاريخ، بادعاء ملكيته للأرض.
قطع أثرية فريدة
وفي المتحف، يمكن مشاهدة آلاف القطع الأثرية، عبارة عن صخور وفخار، وقطع خشبية وحديدية، وملابس تراثية من أزمنة متعددة، تعود لخمس حضارات أقدمها الفرعونية والكنعانية، قبل أكثر من 3200 عام.
وأكد أن المتحف يضم قطعاً فريدة لا تقدر بمال، تعود للعصر الكنعاني، من بينها "رأس تمثال" عمره أكثر من 4500 عام، إضافة إلى قطع أثرية عبارة عن أعمدة ونقود ومقتنيات لكنائس بيزنطية، وأعمدة وتيجان لقصر الملكة "هيلانا"، من العصر اليوناني.
وذكر العقاد أنه جمع هذه الآثار بالتنقيب والبحث، وبالشراء من ماله الخاص، وهذا ما ميز متحفه القائم على الجهد الفردي؛ إيمانا منه بأهمية الحفاظ على الإرث والتراث الذي يشكل هوية فلسطين وتاريخها في مواجهة محاولات التزوير الإسرائيلية، مشيراً إلى أن مئات الوفود من الداخل والخارج زارت متحفه إلى جانب خبراء الآثار.
عملات نادرة ومعدات حربية
وفي زوايا متحف العقاد، يمكن مشاهدة عملات نادرة في قسم العملات النقدية، بعضها يزيد عمرها على 2500 عام، ونقود يونانية يزيد عمرها على 2300 عام، وكذلك نقود رومانية عمرها يتعدى 2100 عام، بالإضافة إلى نقود بيزنطية، ونقود أموية، وأخرى فلسطينية.
ويتضمن المتحف قسماً خاصاً بالمعدات الحربية، وأوضح العقاد أن هذا القسم، يشمل: أسلحة تعود لعصور يرجع عمرها إلى أكثر من 700 عام، إضافة إلى مواد قتالية تعود للحربين العالميتين الأولى والثانية، وسلاح يتبع للثوار الفلسطينيين خلال قتالهم ضد الانتداب البريطاني، وسلاح لجندي مصري عثر عليه مؤخرا، كان استشهد خلال قتاله في قطاع غزة في خمسينات القرن الماضي.
تكريم عربي
رحلة الباحث العقاد، توجت مؤخراً بحصوله على تكريم خاص من جامعة الدول العربية، ونيل قلادة مؤسسة الأمير محمد بن فهد العالمية لأفضل الأعمال في العالم العربي.
وأقيمت مراسم منح القلادة في مقر الجامعة العربية بحضور عدد من مندوبيها، وخضع إنجاز العقاد لتقييم لجنة متخصصة عرضت عليها العديد من الأعمال.
وعبّر العقاد عن اعتزازه بهذا التكريم والوسام، الذي جاء بعد رحلة عطاء طويلة ولا تزال مستمرة، معتبراً أنه ليس تكريماً شخصياً إنما تكريم لفلسطين وشعبها الذي يواجه اعتداءات الاحتلال ومحاولاته تزوير الماضي والحاضر والمستقبل.
وأكد أن هذا التكريم جاء ثمرة لـ45 عاماً من البحث والعمل والجهد والدراسة، جمع خلالها أكثر من 2800 قطعة أثرية نادرة تمثل العديد من الحقب التاريخية التي مرت على فلسطين ويزيد عمر بعضها عن 4000 عام.