واشنطن تمهل الكاظمي.. إنذار أخير وتحديات أكبر
نجاح الحكومة العراقية في ثني الولايات المتحدة الأمريكية عن قرار إغلاق سفارتها لا يلغي أبدا إمكانية اتخاذ الخطوة في حال فشلت بغداد في كبح المليشيات الإيرانية وحماية مصالح واشنطن، بل ترفع سقف التحديات أمامها بشكل أكبر.
السلطات العراقية تمكنت عقب إجراءات وتدابير أمنية وسياسية اقتربت فيها من ملفات شائكة تمس المليشيات المرتبطة بإيران، من إقناع واشنطن بتجميد قرار إغلاق سفارتها بالبلاد.
وفي مقابلة متلفزة الجمعة، قال أحمد الملا طلال، المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي، إن جملة الجهود التي بذلتها الحكومة في بغداد على المستوى الداخلي والخارجي لحفظ المصالح الأجنبية من خطر التهديدات، دفعت واشنطن إلى تعطيل قرار إغلاق سفارتها.
وأشار إلى أن "قرار التجميد الذي اتخذته الولايات المتحدة لا يعني إلغاءه، بل سيبقى ساريا دون توقيت معلوم، ويعتمد على تقييم الوضع ".
والشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن مساعي البيت الأبيض لإغلاق السفارة في بغداد وإنهاء التمثيل الدبلوماسي فيها، مرجحاً أن تنتقل البعثة ومقر عملها إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان شمالي العراق.
وجاء الإعلان رداً على استهدافات متكررة اشتدت حدتها بالأشهر الأربعة الأخيرة، لأرتال التحالف الدولي بقيادة واشنطن ومقر السفارة الأمريكية في بغداد.
وتفاقم الوضع وخطورة تعريض العراق إلى عزلة دولية في وقت يشهد فيه أزمات كثيرة بينها تراجع الاقتصاد وتحديات الإرهاب والأسلحة المنفلتة، اتخذ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سلسلة من الخطوات لطمآنة واشنطن وثنيها عن قرارها.
فرصة ومهمة أصعب
حمزة مصطفى، الصحفي والمحلل السياسي العراقي يرى أن تجميد واشنطن قرار إغلاق سفارتها في بغداد يمثل "خطوة مرنة وفرصة لإثبات قدرة السلطات العراقية على كبح جماح تلك الفصائل"، في إشارة إلى مليشيات طهران بالبلاد.
ويضيف مصطفى، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية": " اعتقد اليوم في ظل هذه الانفراجة المؤقتة في شكل العلاقة بين بغداد وواشنطن على مستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل، هو أن الكاظمي استطاع العبور بالبلاد من مرحلة الإنذار الحقيقي رغم أن الأمر لا يزال بحاجة للمزيد من الجهود لتعزيز سطوة القانون وفرض هيبة الدولة".
والأربعاء، كشف موقع بريطاني عن توجيهات أصدرها المرشد الإيراني علي خامنئي لقيادات لبعض المليشيات الموالية لطهران بوقف الهجمات على المصالح الأمريكية في العراق.
من جانبه، قال المختص بالسياسات الإقليمية، نبيل عزام، إن "العقلية الإيرانية تفكر منذ أحداث 1979 بمنطق الربح والخسارة على المستوى السياسي والعسكري، وبالتالي فمن الطبيعي أن نشهد انكفاءُ وتراجعا تجاه خصومها الدوليين بعد ما باتت العقوبات أكثر شدة ووطأة على طهران".
ولم يستبعد عزام، في حديث لـ"العين الإخبارية"، صحة وقائع اجتماع خامنئي وقدرة الأخير على ضبط إيقاع تلك الفصائل التي خرجت من تحت عباءة طهران "، مستدركاً بالقول: "إيران أخطبوط إقليمي تتمركز قدرته في إدارة الحروب بعيداً عن أراضيه عبر صناعة الأذرع المسلحة".
وحول قرار التجميد الذي أعلنت عنه الحكومة العراقية اليوم الجمعة، يعتبر عزام أن "المهمة باتت أصعب بالنسبة لبغداد، وليس كما يراها البعض بأنه اطمئنان أمريكي"، لافتا إلى أن تجميد الإغلاق يمنح الكاظمي فرصة أخيرة في الكشف عن المتورطين بتلك الهجمات، وقطع خطوط إمداد الفصائل المسلحة.
سيناريوهات
المحلل السياسي علي الكاتب، رئيس مركز "استراتيجيات أوسطية "، وضع 3 سيناريوهات متوقعة خلال الأيام المقبلة، تتقاطع جميعها عند تحييد الفصائل المسلحة في العراق عن مهاجمة القوات الأمريكية مقابل تراجع واشنطن عن قرار إغلاق سفارتها.
واستدرك الكاتب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن من الاحتمالات أيضا أن تكون واشنطن تريد كسب الوقت لفرض المزيد من الضغوط على حكومة الكاظمي وصولا إلى الانتخابات الأمريكية المقررة بعد أقل من شهر.
ويمنح هذا الطرح الإدارة الأمريكية الحالية امتياز تقديم ضمانات دولية لإنقاذ العراق من إفلاسه المالي مقابل ضمانات من القوى السياسية المسلحة بإبعاد المصالح الأمريكية عن مرمى نيران طهران، وفق الكاتب.
aXA6IDMuMTQyLjI1NS4yMyA= جزيرة ام اند امز