أمريكا تحشد "السبع" لكبح طموحات الصين.. هل تنجح؟
يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ستتوسع بأدوات حرب أخرى تتشارك فيها دول حليفة لواشنطن أمام طموحات الصين الاقتصادية.
وعلى الرغم من إطلاق الإدارة الأمريكية الجديدة تصريحات أخف وطأة مع دخولها البيت الأبيض، خلفا للإدارة السابقة المثيرة للجدل بقيادة دونالد ترامب، فإن أحدث التطورات بشأن العلاقة بين البلدين، تثير مخاوف أزمة عالمية.
والسبت، وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفاؤه في مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، تركيزهم على محاولة توحيد الديمقراطيات الرائدة في العالم ضمن مشروع جديد يهدف إلى الحد من النفوذ العالمي المتنامي للصين.
- مجموعة السبع.. شرط فرنسي لتحسين العلاقات مع بريطانيا
- واشنطن تضغط على مجموعة السبع لعرقلة "الحزام والطريق" الصينية
يتمثل محور هذا الجهد في برنامج استثماري جديد، أو "بنك البنية التحتية"، لتعبئة المليارات من الموارد العامة والخاصة لدعم المشاريع الكبرى في الدول النامية كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
وعلى الرغم من قيادة واشنطن للاقتصاد العالمي، فإن الصين اتبعت خلال العقدين الماضيين الطريق الأسرع لكسب ود الدول الضعيفة اقتصادية، من خلال مشاريع مشتركة، حسنت من وضعيتها كمنافس قوي للولايات المتحدة.
كما نجحت الصين في تحقيق مبدأ "رابح - رابح" في مشروعها الضخم (الحزام والطريق)، من خلال مشاركة المكاسب مع كافة الدول التي يمر منها طريق الحرير الصيني، وعددها 60 دولة.
ما تخشى منه واشنطن يتمثل في القوة الاقتصادية متسارعة الصعود لبكين، والتي لم تتأثر كثيرا بتبعات فيروس كورونا، بينما واشنطن ما زالت لم تلتقط أنفاسها الاقتصادية والمالية والنقدية والتشغيلية بسبب الجائحة.
أرقام وحقائق
تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي للصين، أن آخر مرة سجلت فيها نموا أقل من 5% كان عام 1990، بينما ظلت نسب النمو تتراوح بين 6 - 13% طيلة العقود الثلاثة الماضية حتى نهاية 2019.
بينما الناتج المحلي الإجمالي من حيث القيمة، بلغت بلغت نسبته بنهاية 2019، نحو 14.3 تريليون دولار أمريكي، مقارنة مع 360.5 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 1990، وفق أرقام البنك الدولي.
بينما الولايات المتحدة، آخر مرة سجلت فيها نموا فوق 5% كان في عام 1984، لكنها منذ ذلك التاريخ سجلت تذبذبات حادة في النمو والانكماش، بمتوسط نمو سنوي يبلغ 2.3%.
من حيث القيمة بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنهاية 2019، نحو 21.8 تريليون دولار، مقارنة مع 5.96 تريليون دولار بنهاية 1990، أي أن اقتصاد أمريكا يفوق بسبعة أضعاف اقتصاد الصين في 1990.
اليوم، تحتاج الصين وفق نسب النمو المتوقعة البالغة 5-6%، إلى 6 سنوات للتفوق على الاقتصاد الأمريكي، وتصبح بكين أكبر اقتصاد في العالم من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
التكنولوجيا.. الحرب الباردة
وبينما لا تزال الولايات المتحدة متخلفة في بناء شبكات الجيل الخامس، إلا أن الصين تملك شركة هواوي المتخصصة في بناء هذا النوع من الشبكات، إلى جانب وصولها لمستويات متقدمة في أبحاث شبكات الجيل السادس.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أرسلت الصين بنجاح أول قمر صناعي تجريبي بتقنية الجيل السادس (6G) في العالم إلى مداره، ضمن 12 قمراً صناعياً تم إرسالها إلى المدار من مركز تايوان لإطلاق الأقمار الصناعية.
- مجموعة السبع.. دروس الجائحة واقتصاد عالمي أكثر عدالة
- 6 أسئلة هامة عن مجموعة السبع.. سر استبعاد روسيا والصين
وسيختبر القمر القدرات الجديدة لهذه التكنولوجيا المتطورة عالية السرعة، التي ستكون أحد العناصر الأساسية لاتصالات الجيل السادس. ويحمل القمر الصناعي تكنولوجيا سيتم استخدامها لمراقبة كوارث المحاصيل والوقاية من حرائق الغابات.
وحظرت الولايات المتحدة استخدام المكونات الأمريكية في منتجات شركة هواوي الصينية العام الماضي، ثم أقرت بإمكانية استخدامها فقط في الهواتف الذكية للشركة، ولكن ليس في الأنشطة المتعلقة بتكنولوجيا الجيل الخامس.
وكذلك هددت الولايات المتحدة، بحظر منصات التواصل الاجتماعي التي تديرها شركات صينية من العمل في الولايات المتحدة، مثل "تيك توك"، و"وي تشات"، متذرعة بمخاوف تتعلق بأمنها القومي.
ورغم أنه في النهاية، توقفت الإجراءات القضائية في الولايات المتحدة ضد الشركات الصينية، لكن الأزمة أظهرت المدى الذي يمكن أن تصل إليه الولايات المتحدة لمواجهة الصين في معركة التكنولوجيا.
وقال خبراء صندوق النقد الدولي، إنه بالرغم من أنه من منظور اقتصادي كلاسيكي، فهذا التصعيد لا معنى له، لأنه في القطاعات التقليدية تؤدي العوائق أمام التجارة الحرة عموما إلى خفض الرفاهية الاقتصادية في جميع البلدان ذات الصلة.
بدأ يظهر مفهوم يسمى بـ "السيادة الرقمية"، أو السيطرة على البيانات، والبرمجيات، والأجهزة والبنية التحتية، والتي أصبحت ذات أهمية رئيسية للدول والشركات على حد سواء، وترى واشنطن أن بكين تشكل خطرا عليها في هذا الجانب.
هذه السيادة التي تميل لصالح الصين، جاءت بعد أن تحولت بكين على مدى العقدين الماضيين من بلد "يسرق" التكنولوجيا ويقلّدها، إلى بلد يعمل على تحسين التقنيات الموجودة وابتكار المزيد.
استثمرت الصين بشكل كبير في مجالات البحث والتطوير التكنولوجي، حيث زادت حصتها من الإنفاق التكنولوجي العالمي من أقل من 5% عام 2000 إلى أكثر من 23% عام 2020. وإذا استمر النسق الحالي، من المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في مجال الإنفاق على التكنولوجيا بحلول عام 2025.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز