خبراء لـ"العين الإخبارية": واشنطن جادة في إنهاء النفوذ الإيراني بالعراق
سياسيون عراقيون يؤكدون أن وزير الخارجية الأمريكي أبلغ حكومة بغداد أن عليها الاختيار بين البقاء في جبهة إيران أو الانضمام لجبهة واشنطن
لم تكن زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو المفاجئة إلى بغداد الأسبوع الماضي زيارة اعتيادية، فالوزير الأمريكي وجه رسائل إلى الحكومة العراقية والمليشيات الموالية لنظام ولي الفقيه الإيراني مفادها أن واشنطن جادة في إنهاء النفوذ الإيراني في العراق، داعيا بغداد إلى ترك الجبهة الإيرانية.
وبدأت إيران والأحزاب الموالية لها بالتغلغل في العراق والسيطرة على مفاصل الحكم فيه بعد سقوط نظام حزب البعث عام ٢٠٠٣، وازداد توغلها عام ٢٠١٤ إبان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة من الأراضي العراقية.
اتخذ الحرس الثوري الإيراني من داعش حجة لتشكيل مليشيات الحشد الشعبي وتسليحها كي تكون القوات الموازية للقوات العراقية النظامية، وخلال السنوات الماضية فرضت هذه المليشيات وبمساعدة إيران سيطرتها على كافة مفاصل الدولة العراقية، وتمكنت خلال الانتخابات التشريعية الماضية من دخول البرلمان كي يكتمل المشروع الإيراني في العراق بسيطرتها على الحكم والتحكم بالسياسة العراقية بشكل كامل.
وتمنع المليشيات والأحزاب الموالية لإيران الحكومة العراقية من الاستجابة للمطلب الأمريكي بالالتزام بالعقوبات المفروضة على نظام طهران والانضمام إلى الجبهة الأمريكية لردع الإهاب الإيراني، الأمر الذي جعل الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي في موقف صعب، لكنها تسعى تحت غطاء سياسة "مسك العصا" من الوسط إلى الهروب من الضغوطات الأمريكية، والاستمرار في دعم إيران، لأن العراق يعتبر المنفذ الوحيد للنظام الإيراني للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي تشتد يوما بعد يوم في ظل صلابة موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام نظام ولي الفقيه الإيراني.
واعتبر الخبير السياسي العراقي غالب الجبوري، أن "الحكومة لم يعد بإمكانها بعد الآن مسك العصا من الوسط".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "وزير الخارجية الأمريكي أبلغ الحكومة العراقية خلال زيارته المفاجئة إلى بغداد أن عليها أن تختار إما البقاء في الجبهة الإيرانية أو الانضمام للجبهة الأمريكية، وأن وقوف بغداد مع إيران لن يخدمها خصوصا مع توجه البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية إلى الخليج العربي والبحر المتوسط".
ولفت الجبوري إلى أن الحكومة العراقية لا تستطيع أن تعطي رأيا جازما في هذا الموضوع بسبب تأثيرات مليشيات الحشد الشعبي والميول والنفوذ الإيراني المتغلغل في العراق، محذرا من كارثة ستحل بالعراق فيما إذا لم تقرأ الحكومة العراقية والحشد الشعبي الأمور بشكل صحيح، مبينا "سيتحول العراق إلى ساحة حرب في هذه المرحلة، وهذا أمر كارثي".
وعلى الرغم من أن الإعفاء الذي منحته الولايات المتحدة للعراق من العقوبات على إيران سينتهي في يونيو/حزيران المقبل، فإن مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي كشفت لـ"العين الإخبارية"، عن سعي عبدالمهدي للحصول على تجديد للإعفاء عبر وساطة أوروبية بعد أن أبلغ بومبيو بغداد أن قرار واشنطن حازم بشأن عدم تجديد الإعفاءات من العقوبات الإيرانية.
واجتمع رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي مع سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا في العراق الخميس، وجرى، خلال اللقاء، بحث تطورات الأوضاع في المنطقة في ظل التوتر الحالي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء أن "العراق يحرص على إقامة علاقات تعاون مع جميع جيرانه ومحيطه العربي والإقليمي والدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران، وأن علاقات العراق تسهم بتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي في المنطقة والعالم"، وأكد البيان على موقف الحكومة العراقية المتمثل بعدم الدخول ضمن أي محور.
وشدد الباحث السياسي العراقي زيد البيدر على أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة الرئيس ترامب تدرك حجم النفوذ الإيراني في العراق وهي لن تدخر جهدا في سبيل تحجيم هذا النفوذ، خصوصا أن العراق يشكل بوابة إيران للهروب من العقوبات الأمريكية أو على الأقل التخفيف من آثاراها.
وأردف لـ"العين الإخبارية" أن "التسريبات تُشير إلى أن أحد أهداف زيارة بومبيو إلى بغداد هي لإبعاد قادة الفصائل المسلحة التابعة لإيران عن دفة الحكم أو الحيلولة دون تسلمهم مناصب عليا في الحكومة العراقية، إضافة إلى تحذير الحكومة العراقية من استهداف أذرع إيران في العراق للمصالح الأمريكية"، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي في إطار الخطوات الأمريكية للقضاء على النفوذ الإيراني في العراق سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg جزيرة ام اند امز