هذه الأسئلة المهمة كلها تدور حول لبنان الوطن.. لبنان المظاهرات من خلال عملية انصهار فعلية لكل مكونات هذا الشعب
المفاجأة الكبرى فيما حدث في لبنان ذلك الكم الهائل من التعاطف الشعبي العربي بطول العالم العربي وعرضه، وكأن الشعوب العربية فعلا تستشعر معاناة اللبنانيين كما لو كان الشعب العربي كله يعيش في بيروت، والأجمل في هذه المظاهرات أنها ثورة الأسئلة الكبرى التي ينتجها الشعب فقط الذي يبدو أنه فعلا أصيب بالملل من أيديولوجيا التبعية والانتماء غير المجدي للطائفة أو المجموعة أو الأيديولوجيا.
لكن خروج الشعب اللبناني بهذه الصورة أمل جديد وكبير للبدء في تغيير لبنان، إلى لبنان الوطن الذي يتسع الجميع بشعار واحد هو لبنان، فحتى الشعب اللبناني في مظاهراته عكس تفوقا جديدا على كل محاولات خلط الأوراق وبث الأزمات من قبل المتحاربين على سياسة لبنان
هذه الأسئلة المهمة كلها كانت تدور حول لبنان الوطن.. لبنان المظاهرات من خلال عملية انصهار فعلية لكل مكونات هذا الشعب الذي تذوق المر والقاسي في حياة دفع ثمنها من أجل حزب بعينه ومن أجل طائفة بعينها، هذه المرحلة التي يصل إليها لبنان لم تكن بعيدة عن التنبؤات، فصراع الهويات في لبنان هو صراع على الجسد اللبناني والوطن اللبناني، ولم يكن صراعا سياسا تحل تعقيداته تحت قبة برلمان أو مجلس وطني.
المفرح في الأزمة اللبنانية أن اللغة المستخدمة لتوصيف الوضع السياسي في لبنان تجاوزت كل المحاذير عبر تعبيرات واضحة برفض كل أشكال الطائفية والحزبية، وتحديدا الهجوم المباشر على حزب الله الذي يمارس على الدولة اللبنانية تسلطا أصبح غير مقبول، وبدأ الشعب اللبناني بالتعبير عن هذا بكل صراحة ومصداقية.
التجربة اللبنانية عبر سنوات القتال في سبعينيات القرن الماضي خلقت شكلا جديدا ومختلفا من الاعتراض والتظاهر، وفي الحقيقة إننا نمر بالمرحلة الثانية من التحول السياسي في لبنان؛ حيث سيعقب ذلك المرحلة الثالثة من ذلك التحول عبر قدرة الشعب اللبناني على التخلص الفوري من كتلة التحزب والطائفية التي تغلق كل الفرص، أما الانفراج السياسي في لبنان لكي يمارس دوره كوطن طبيعي فيتنفس بلا قيود طائفية أو عرقية أو حزبية.
المحزن في لبنان أن فلسفة الواقع السياسي في لبنان عميقة في سلبيتها وعميقة في فسادها، فقد وصل هذا الواقع إلى مرحلة يبدو الإصلاح معها مستحيلا، ولكن خروج الشعب اللبناني بهذه الصورة أمل جديد وكبير للبدء في تغيير لبنان، إلى لبنان الوطن الذي يتسع الجميع بشعار واحد هو لبنان، فحتى الشعب اللبناني في مظاهراته عكس تفوقا جديدا على كل محاولات خلط الأوراق وبث الأزمات من قبل المتحاربين على سياسة لبنان.
المحزن فيما يحدث في لبنان أن هؤلاء المتحاربين في لبنان قضوا على كل جسد يمكنه تغيير الواقع لصالح لبنان، ولم يكن هناك فرصة لمسار سياسي أن يبدأ التغيير، ولكن الأمل الجديد والمفرح في لبنان أن تكون هذه المظاهرات بتوحد مطالبها هي الورقة الفعلية والجسد القوي المتجه نحو قصر بعبدا، بهدف القضاء على فشل لبنان سياسيا واقتصاديا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة