قطار الاستثمارات السعودية في مصر.. إلى أين؟
البورصة تعكس الاهتمام السعودي بالاستثمار في مصر، فما حقيقة أنباء خروج الاستثمارات السعودية؟.
في خضم الأنباء المتداولة عن نشوب خلافات في وجهات النظر السياسية بين مصر والسعودية إزاء الأوضاع في سوريا، بدأ مشهد الاستثمار يستقبل أنباء عن توجهات جديدة للمستثمرين السعوديين بالتخارج أو بتقليص استثماراتهم في مصر، وإن كانت لدواعٍ استثمارية تتعلق بالعملة وتراجع حجم الاستهلاك.
توجهت بوابة "العين" الإخبارية نحو مراجعة عدة تقارير استثمارية ترصد تطور موقف المستثمرين السعوديين في مصر، وطرح أسئلة على الجمعية المصرية لرجال الأعمال ومستشارين دوليين لاستثمارات سعودية لاستكشاف رؤية المستثمرين السعوديين للبيئة الاستثمارية في مصر الآن.
استثمارات البورصة الأكثر تعبيرا
ربما لن نجد مصدر أكثر تعبيرا عن رؤية الاستثمارات السعودية للمناخ الاستثماري في مصر من البورصة باعتبارها مرآة للاقتصاد في أغلب الأحوال.
ومن المعروف أن الاستثمارات السعودية والإماراتية تشكل الشريحة الكبرى من أموال المستثمرين العرب في البورصة المصرية، والتي سجلت صافي شراء منذ بداية العام الحالي حتى الخميس الماضي إلى 1.431 مليار جنيه.
وجاء الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات منذ بدء خفض قيمة الجنيه في مارس/آذار الماضي بنسبة 14%، حيث تحول العرب وتحديدا الذين لديهم استثمارات بالجنيه بالسوق المحلية من البيع إلى الشراء وبناء مراكز مالية قوية راهنت على خفض الجنيه ومن ثم تزداد فرص ارتفاع الأسهم وهو ما حدث بالفعل في الثالث من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، حيث ارتفعت البورصة من 8524 نقطة إلى 11550 نقطة وهو أعلى مستوى منذ 8 سنوات للسوق المصرية.
الضرائب المتقلبة في مواجهة الحوافز
المستثمرون السعوديون كغيرهم من المستثمرين يعانون من عدم استقرار النظام الضريبي في مصر، خاصة خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدت رفع ضرائب أرباح الشركات من 20% إلى 25% ثم توحيدها وخفضها إلى 22.5%، بالتزامن مع فرض ضريبة الأغنياء بواقع 5% على كل فرد أو شركة تحقق ربح بقيمة مليون جنيه سنويًا لمدة 3 سنوات قبل أن يتم تقليص الفترة إلى سنة واحدة.
ولم تفلت البورصة من الضرائب إذ أقرت مصر ضريبة 10% على توزيعات أرباح الشركات، وكذلك 10% على الأرباح الرأسمالية غير إنه تم تأجيل الأخيرة لمدة 5 أعوام من خلال إصدار قراران رئاسيان.
"النظام الضريبي يواجه مستجدات باستمرار وهو ما يتسبب في إزعاج للمستثمرين المحليين والأجانب لأنهم يفتقدون القدرة على إعداد دراسة جدوى اقتصادية دقيقة تتضمن عناصر مستقرة للتكلفة والأرباح" بحسب عمرو علوبة الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس شركة جماعة المهندسين الاستشاريين.
ويقول علوبة: لكن على الجانب الآخر أصدر المجلس الأعلى للاستثمار حزمة حوافز تشجع المستثمرين مثل الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج.
وشملت قائمة الحوافز الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضي الزراعية التي تنتج محاصيل رئيسية يتم استيرادها من الخارج أو المحاصيل التي يتم تصديرها للخارج، والموافقة على إعفاء الاستثمار الزراعي والصناعي الجديد في الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات من تاريخ استلام الأرض.
وبرأي الأمين العام لجمعية رجال الأعمال هذه الحوافز تمثل قاعدة هامة للمستثمرين السعوديين المهتمين بضخ استثمارات جديدة في مصر نظرًا لأنها تتيح تصدير المنتجات والحصول على العائد بالدولار مع الاعفاء الضريبي.
هل التعويم ألحق ضرر بالاستثمارات السعودية؟
في الوقت الذي استفحلت فيه السوق السوداء حتى باتت المصدر الرئيسي لتدبير العملة على حساب البنوك، تعالت الأصوات المُنادية بتحرير سعر الصرف، للتخلص من وجود سعرين للعملة أحدهما رسمي والآخر موازي بالسوق السوداء، وبالفعل استجاب البنك المركزي مطلع هذا الشهر وترك تسعير جنيه للعرض والطلب.
"هناك عاملان أساسيان يُؤثران على الاستثمارات الأجنبية الحالية ومنها السعودية باعتبارها واحدة من أكبر الاستثمارات في مصر، العامل الأول هو انخفاض قيمة الاستثمارات فعليًا عند تسييلها وتحويلها من جنيه إلى دولار، أو عند تحويل الأرباح للخارج بالدولار" الحديث لأيمن أبوهند رئيس قطاع الاستثمار المباشر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة كارتل كابيتال الأمريكية.
ويشير أبوهند إلى أن العامل الثاني هو استمرار التذبذب في سعر الدولار داخل البنوك بعد البنوك، ما يصعب من قدرة الشركات السعودية على وضع أسس سليمة للتشغيل، ولكن هذا الوضع يتطلب 3-6 أشهر حتى يكون هناك سعر مستقر للجنيه داخل الجهاز المصرفي وهي مدة ليست طويلة للاستثمارات طويلة الأجل في أي اقتصاد.
وتبلغ الاستثمارات السعودية الحالية وكذلك المستهدفة بناءً على توجيهات العاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز إلى 200 مليار ريال مقارنة بـ 131 مليار ريال قبل ذلك.
وبحسب وزيرة الاستثمار المصرية داليا خورشيد، فإن صندوق الاستثمار السعودي المصري الذي يتأسس بناءً على توجيهات الملك سلمان برأسمال قدره 60 مليار ريال، بهدف تأسيس كيانات تجارية في مختلف القطاعات الواعدة مثل التطوير العقاري وإقامة المدن الصناعية والقطاع السياحي والخدمي وقطاع الطاقة.
على جانب آخر، يؤكد رئيس الاستثمار المباشر بكارتل كابيتال أن شركته تتولى تقديم استشارات مالية لأكثر من شركة سعودية الآن لدراسة فرصة الاستثمار بقطاعي السكر والألبان للاستفادة من تدني قيمة الاستثمارات، حيث أن مبلغ 100 مليون دولار يعادل الآن ملياري جنيه تقريبًا وهو مبلغ كافي لإقامة استثمار ضخم بالقطاع الغذائي.
ويضيف أبوهند أن هناك تراجع في استهلاك بعض سلع التجزئة مثل السيارات ولكن السلع الاستراتيجية مثل الأدوية والأغذية تحتفظ بالطلب القوي عليها والذي يعد الأكبر بين كل الدول العربية.
هل هناك استثمارات سعودية كبيرة خرجت بالفعل من مصر؟
الإجابة حتى الآن على هذا السؤال لا، ولكن هناك استثمارات جديدة تجمدت نتيجة البيروقراطية الحكومية في إنجاز إجراءات تأسيس المشروعات.
ولعل أبرز هذه الاستثمارات التي تم تجميد ضخها هي التي تخص شركة عبداللطيف جميل في مجال الطاقة المتجددة بقيمة 700 مليون دولار في أبريل/ نيسان الماضي أي قبل قرار التعويم بنحو 7 أشهر كاملةً.
"الآفة الكبرى التي تواجه جميع الاستثمارات سواء محلية أو أجنبية هي البيروقراطية وتعدد ولايات وجهات تخصيص الأراضي وإصدار التراخيص، ويحتاج الجميع إلى معالجتها" بحسب عمرو علوبة الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين.
تسوية مشاكل السعوديين "قبلة الحياة"
3 سنوات من المفاوضات بين 4 جهات شملت الحكومات المصرية المتعاقبة والسفارة السعودية والشركات السعودية والجمعية السعودية المصري لرجال أعمال أثمرت عن تسوية 85% من مشكلات السعودية في مصر بحسب ما أعلنه أحمد درويش الأمين العام للجمعية السعودية المصرية لرجال الأعمال.
ولم يتبق سوى 6 شركات يجرى تسوية خلافاتها منها شركات ترتبط بأراضي في وزارة الأوقاف المصرية و3 شركات أخرى لمستثمرين يمتلكون 3500 فدان في مدينة السادات، وتنحصر مشكلتهم في فض الاشتباك بين عدد من أجهزة الدولة المتمثلة في وزارتي الزراعة والإسكان، بخلاف بعض المشكلات التي بصدد اعتمادها بعد ما توصلت لجنة وزارة الدفاع إلى حلول قانونية مرضية لكل الأطراف.
استثمارات سعودية جديدة
وفي ظل تقليص مشاكل المستثمرين السعوديين في مصر، أعلن الأمين العام للجمعية السعودية المصرية لرجال الأعمال عن رصد الشركات السعودية استثمارات بقيمة 5 مليارات جنيه في استثمارات زراعية وصناعية، بخلاف مستشفى جديدة بمدينة السادس من أكتوبر.
وتمثلت أحد الاستثمارات السعودية بمصر في مصنع الحديد والصلب التي تعكف قناة السويس بالشراكة مع مؤسسة الخبرات السعودية على إقامته بالعين السخنة في محور قناة السويس منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بطاقة إنتاجية 1.2 مليون طن سنويًا باستثمارات قدرها مليار دولار.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA== جزيرة ام اند امز