لماذا تقفز البورصة المصرية ويستبشر المستثمرون رغم هبوط الجنيه؟
على مدى يومين متتاليين سجل الجنيه المصري هبوطا حادا أمام الدولار، بينما قفزت البورصة المصرية على نحو كبير مسجلة مكاسب غير مسبوقة.
وبدا هذا التناقض في المسارين مدهشا لبعض المتابعين، لكنه كان منطقيا على أية حال بالنسبة للمنخرطين في عالم الاستثمار.
وتراجعت العملة المصرية أمس الخميس نحو 2.3% مقابل الدولار إلى 27 جنيها، بعد أن انخفضت أول أمس الأربعاء بنحو 6.34%، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.
- هدنة الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تؤثر على تفكير المستثمرين؟
- الأرقام تكشف الرابحين من حرب أوكرانيا.. رعاة لافتة "نبيع لمن يدفع أكثر"
ويعتبر هذا التراجع هو ثالث أكبر هبوط للجنيه منذ مارس/آذار 2022، حيث وصل حينها سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى 19.7 من نحو 15.8 جنيه للدولار، قبل أن يهبط مرة ثانية في أكتوبر/تشرين الأول لفوق 24 جنيها للدولار.
وفي هذه الأثناء سجلت البورصة المصرية ارتفاعات كبيرة على مدار نفس اليومين، بدعم صعود جماعي لكافة المؤشرات لتسجل أعلى مستوياتها في أكثر من 4 سنوات.
وارتفع رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة بنسبة 1.97%، رابحاً نحو 20 مليار جنيه، ومسجلا 1.033 تريليون جنيه في نهاية تعاملات الخميس عند أعلى مستوى في 4 سنوات.
البورصة "مرآة الاقتصاد"
"البورصة مرآة الاقتصاد".. لطالما ترددت هذه المقولة باعتبارها قاعدة، إذ إن انتعاش البورصة يوحي غالبا بحالة من التفاؤل بين المستثمرين بمستقبل النشاط الاقتصادي.
ولذلك، كان غريبا لدى البعض أن تعلن "مرآة الاقتصاد" عن مؤشرات خضراء بينما العملة الوطنية تخرج من دائرة حمراء إلى أخرى.
ويعود تفسير هذا التناقض إلى حقيقة أن الجنيه "المنخفض" يعني أن الأسهم أيضا ستكون منخفضة السعر (بالعملة الأجنبية) وبالتالي أكثر جاذبية للمستثمرين في الخارج.
ويؤدي هذا إلى تفاؤل بمستقبل الأسهم، ولا يشترط أن يمتد هذا التفاؤل للاقتصاد ككل، على الأقل في المدى القريب.
كما يؤدي خفض الجنيه إلى اطمئنان المستثمرين إلى أن ثمة "سعر عادل" للعملة الوطنية، بما يشجعهم على ضخ أموالهم في مصر دون خوف من خسائر تتعلق بفروق أسعار الصرف اللاحقة.
معاناة قريبة وانتعاش مأمول
وفي حالة كحالة مصر يترافق هبوط الجنيه مع توقعات بتضخم ومعاناة، لكنه أيضا يفتح الطريق أمام توفير العملة الأجنبية المهمة للاستيراد وحتى التصدير (عبر تسهيل جلب مدخلات الإنتاج).
وفي مصر أيضا، يشير خفض الجنيه إلى أن ثمة توافق على خطط إصلاحية معينة تطلبها مؤسسات التمويل الدولية، قبل أن تقوم بضخ قروض ومنح من شأنها تعزيز الوضع الاقتصادي المصري.
ولذلك يستبشر المستثمرون عادة بمثل هذه الخطوات ويرحبون بها، وينتظرون تأثيرا مباشرا لها في المستقبل القريب.
ومع ذلك، يظل تراجع العملة دليلا على بعض الخلل في كفاية الاحتياطيات الأجنبية، ووضع الميزان التجاري، وفجوات الميزانية.
وتواجه مصر أزمة في توفير الدولار بسبب هروب الأموال الساخنة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والتي كانت تعد مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة للدولة التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لسد احتياجاتها الرئيسية.
وفي وقت سابق، قال بنك جولدمان ساكس الأمريكي إن خفض الجنيه فقط لن يحل مشكلة مصر الاقتصادية بشكل كامل، إذ يتوجب أن يكون هناك التزاما حقيقيا لتلبية الطلب على العملة الأجنبية، واستعادة ثقة السوق.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjE5NiA=
جزيرة ام اند امز