حتى وإن تمكّن أردوغان من إجراء كلّ التعديلات التي يطمح إليها، فإنه لن يتمكن من إزاحة داوود أوغلو وباباجان جانباً.
يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إجراء تغييرات جذرية في قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية واستحداث قانونٍ آخر للأحزاب بدلاً من القانون الحالي، حيث تستعد كتلة حزبه البرلمانية لتقديم هذه التعديلات ضمن مسوّدة مشروعٍ جديد للبرلمان في غضون الشهر الجاري، للمصادقة عليها بدعمٍ من نواب حليفه دولت بهجلي الذي يقود حزب "الحركة القومية"، اليميني المتطرّف.
هذه المحاولات الحثيثة من حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعّمه أردوغان مع بهجلي تؤكد بالفعل تراجع شعبيتهما، فقد بيّنت آخر استطلاعات الرأي في تركيا أن مرشح هذين الحزبين لا يمكنه الحصول سوى على 40% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وهذا هو السبب الرئيسي وراء مطالبة أردوغان بإلغاء شرط (50+1) للفوز بالرئاسة.
لذلك يطرح بديلاً عنه وهو فوز المرشح الحاصل على أكثر نسبة من الأصوات في الجولة الأولى، بالرئاسة، مع إلغاء الجولة الثانية منها بموجب التعديلات التي يسعى إليها.
وحتى يتمكن حزبا أردوغان وبهجلي من إجراء هذه التعديلات، عليهما الاستعانة بنواب حزبٍ ثالث، وهذا الحليف المفترض غير المتاح لهما حتى اللحظة، لذلك يخططان معاً لابتكار قانونٍ جديد يصب في مصلحتهما ويمنع الأحزاب التي شُكِلت مؤخراً من المشاركة في أي انتخاباتٍ قد تشهدها تركيا في الفترة المقبلة.
والهدف الأساسي من وراء طرح قانونٍ جديد للأحزاب هو التخلص من أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء التركي الأسبق ونائبه علي باباجان، واللذين أسسَ كل منهما بشكلٍ منفصل حزباً معارضاً لأردوغان بعدما استقالا من حزب "العدالة والتنمية".
وبالتالي منعهما من المشاركة في الانتخابات، لكن رغم كلّ محاولات أردوغان وبهجلي للإطاحة بداوود أوغلو وباباجان ومنع حزبيهما من المشاركة في الانتخابات، إلا أن كلّا الحزبين يمكنهما خوضها حتى ولو تمكن أردوغان وحليفه من تعديل قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية واستحداث قانونٍ جديد للأحزاب.
حتى وإن تمكّن أردوغان من إجراء كلّ التعديلات التي يطمح إليها، فإنه لن يتمكن من إزاحة داوود أوغلو وباباجان جانباً.
فكيف سيكون ذلك؟ بموجب قانون الأحزاب والانتخابات الحالي يمكن لكلّ حزبٍ تأسس مؤخراً أن يشارك في الانتخابات شرط وجود فروعٍ له وممثلين عنه في أكثر من نصف الولايات التركية وأن يكون قد عقد مؤتمره العام قبل 6 أشهر من الانتخابات.
وفي الوقت الراهن، قارب كلّ من داوود أوغلو وباباجان على انتهاء اختيار رؤساء حزبيهما في كلّ الولايات استعداداً لعقد مؤتمرهما العام، لذلك يستوفي كلا الحزبين الشرط الأساسي للمشاركة في الانتخابات سواءً تمّت في موعدها أو كانت مبكرة، قد يتساءل البعض إنه ربّما يضع أردوغان وبهجلي شروطاً أكثر تعقيداً أمام هذين الحزبين لمنعهما من المشاركة في الانتخابات، وهو أمرٌ محتمل لا سيما وأن داوود أوغلو وباباجان يتمتعان بنفوذ كبير في حزب أردوغان وسيساهمان بشكلٍ كبير في تراجع شعبيته أكثر وهذا صحيح.
لكن ما لم يكن في الحسبان هو التالي أن قانون الأحزاب والانتخابات الحالي يسمح في حال لم يكن للحزب الجديد مكاتب أو ممثلين في معظم ولايات البلاد ولم يكن قد عقد مؤتمره العام بعد، أن يشارك في الانتخابات إذا استقال 20 برلمانياً من حزبٍ آخر وانضم للجديد، وهذا أمر متاح أمام داوود أوغلو وباباجان ويمكن لهما اللجوء إليه قبل أن يطرح حزب أردوغان وحليفه تعديلاتهما للتصويت عليها في البرلمان
لذلك حتى وإن تمكّن أردوغان من إجراء كلّ التعديلات التي يطمح إليها، فإنه لن يتمكن من إزاحة داوود أوغلو وباباجان جانباً، لوجود أكثر من حزب أعلن عن نيته بتقديم برلمانيين سيستقيلون منها وينضمون لحزب الأخير حال الحاجة لذلك.
ولهذا، سيشارك حزبا داوود أوغلو وباباجان في أي انتخاباتٍ قد تشهدها تركيا، وبينما أعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض ومعه حزب الخير"الجيد" منح باباجان أكثر من 20 برلمانياً لخوض الانتخابات، فإن داوود أوغلو ليس أمامه أي خيار سوى أن يجلب برلمانيين من حزب أردوغان وهو أمر يعمل عليه في الخفاء، لذلك لم يعد بمقدور أردوغان الإطاحة بهما قبل الانتخابات مهما غيّر من قوانينها واستحدث أخرى جديدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة