لا شك أن الواقع العربي يعيش وضعاً متوتراً، أملته ظروف سياسية كثيرة واقتصادية وفكرية، وأسباب متعددة أخرى بفضل تراكمات لم تعالج المعالجة الكافية والعقلانية
لا شك أن الواقع العربي يعيش وضعاً متوتراً، أملته ظروف سياسية كثيرة واقتصادية وفكرية، وأسباب متعددة أخرى بفضل تراكمات لم تعالج المعالجة الكافية والعقلانية، حيث جعلت النظام العربي متراجعاً عما يفترض أن يكون عليه من القوة والمنعة، والقيام بالدور المفترض الذي ينبغي أن يقوم به من الوحدة والترابط .
وجاءت أحداث ما يسمى «الربيع العربي» لتفجر الكثير من التراكمات السابقة، وزاد معها التوتر والخلاف، في ظل التحولات التي جعلت السياسات العربية منقسمة على نفسها، تجاه تلك الأحداث التي جرت، وما آلت إليه من تغييرات وصراعات حيث لا تزال بعض البلاد العربية تعيشها وبصورة مأساوية. فبعض المحللين يرون أن أسباب الانقسام والصراع العربي حتى قبل «الربيع العربي»، هو من ضمن المؤامرات الخارجية،لزيادة الانقسام في العالم العربي وتفكيكه. وهذا الانقسام ساهمت فيه دول كبيرة، بهدف الهيمنة وإبقاء الوضع العربي رهينة التوجهات الاستراتيجية الأجنبية التي تضع فيها مصلحة «إسرائيل» في المقام الأول، ويدلل هؤلاء على أن روسيا وأمريكا تستطيعان فرض الحل على النظام والمعارضة في سوريا وفي ليبيا، وتنهي هذه الصراعات. لكن هناك حسابات وأهدافا أخرى جعلت هذا الصراع مستمراً وربما سيطول، وهذا بلا شك في مصلحة «إسرائيل» بهدف إضعاف الدول العربية، ومنها سوريا لأن تدميرها سيزيل المخاطر عنها لسنوات طويلة.
لكن بعض الباحثين يرون أن بعض الأنظمة العربية في هذه الدول، ساهمت في هذا الانقسام وهذا الصراع، الذي سبب الانقسامات في النظام العربي، وجعل الخلاف، هو السمة البارزة في القمم العربية الماضية الاعتيادية، بل إن بعض هذه الأنظمة، جعلت الاحتقان الداخلي، يتحول إلى بركان دموي في بعض الدول للأسف، حيث فشل النظام العربي في القيام بدوره في حماية هذه الدول، واتخاذ قرارات شجاعة لإيقاف هذا الدمار،من خلال السعي لوقف نزيف الدماء والقبول بحلول وسط وحماية الدول العربية من المخاطر التي تتهددها.
ولذلك أصبح دور النظام العربي ضعيفاً، بل مشلولاً في لعب الدور المتوقع منه، وهو إنهاء الخلافات القائمة، بسبب الاصطفاف السياسي الذي جعل النظام العربي هامشياً في دوره وبما أن الجامعة العربية، تمثل إرادات الدول وإجماعها، ومادام الإجماع معطلاً بسبب الانقسامات الراهنة، فان الدور العربي المؤثر في الحل للكثير من المشكلات كان غائباً، وهذا ما استدعى تدخل الدول الكبرى للقيام بدور ليس دورها.
النظام العربي الراهن يعيش في أصعب حالاته، وهو ما آلت إليه السياسات العربية الخاطئة للأسف، وإن إلقاء اللوم دائماً على الخارج هو في الواقع هروب من مواجهة الأمر الواقع، ويفسح المجال للغير أن يتدخل ويفرض أجندته بكل ما تمثله من خطر على مصير الأمة، لذلك فإن المراجعة وإعادة النظر في السياسات، لابد منها، حتى نستطيع المحافظة على أوطاننا.
نقلاً عن " الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة