"مسيرة وليامز" في ليبيا.. انتهاء 8 أشهر من الإخفاق
تنتهي، اليوم الأحد، المدة القانونية للمستشارة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز، وذلك دون تحقيق نجاحات تذكر.
فبعد استقالة المبعوث الأممي السابق لدي ليبيا السلوفاكي يان كوبيتش مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي عين الأمين العام للأمم المتحدة الأمريكية ستيفاني وليامز في منصب مستشارة له للشأن الليبي وكلفها بالإشراف على حل الأزمة الليبية.
وكانت وليامز موجودة أصلا قبل ذلك التاريخ، رغم وجود كوبتش وقبل استقالته، إلا أنها كانت تدير الحوار بين أطراف النزاع الليبي وهو ما فسره مراقبون في ذلك الوقت بحرص واشنطن على إدارة الملف الليبي عبر أحد أبنائها.
تلك الأسباب دفعت على ما يبدو الأمم المتحدة إلى استحداث منصب وليامز، حيث تم تكليفها بمنصب مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي وهو منصب مستحدث تماما تم تفصليه على مقاس الأخيرة، وفق محللين.
وليامز التي استلمت المنصب في ديسمبر/ كانون الأول 2021 انتهت مدتها القانونية في ليبيا في 30 يونيو الماضي، إلا أنها في ذلك التاريخ كانت على ثقة من قرار التمديد لها كونها، أعلنت في بيان، فشل المفاوضات التي تقودها بين أطراف النزاع الليبي.
وقالت إنها " ستقدم توصيات للأمين العام بشأن السبل البديلة للمضي قدماً "وذلك وفق صفتها كمستشارة خاصة للأمين العام بشأن ليبيا، كما قالت في البيان.
ورغم فشلها في أداء مهامها إلاأن الأمم المتحدة مددت بالفعل ولايتها لمدة شهر إضافي، ينتهي اليوم الأحد 31 يوليو 2022.
وأول أمس الجمعة قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن: " ستيفاني وليامز تغادر منصبها في نهاية يوليو/ تموز الجاري".
وعمن سيخلفها قال حق: "نحاول في أسرع وقت ممكن تسمية شخص مؤقت للقيام بنوع المهمّات التي تقوم بها وليامز ولكن ليس لدينا أحد لتسميته الآن".
وعن مسيرة وليامز في ليبيا، علق السياسي والصحفي الليبي علي بن جابر، قائلا إن"الأمم المتحدة لم تمدد لستيفاني كي لا يكون ذلك دليلا مباشرا على عجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن في الاتفاق على تسمية مندوب جديد".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن" التمديد لوليامز إن تم فكان سيعد تعبيرا صريحا عن سيطرة أمريكا على الأمين العام بفرض مندوبة أمريكية رغم فشلها في تحقيق أي نجاح أو أحد أهداف منصبها"، واصفا قرار الأمم المتحدة بعدم تمديد عمل وليامز بـ"صائب تماما ".
وأضاف بن جابر وهو رئيس تحرير صحيفة الديوان المملوكة للبرلمان الليبي أن " المستشارة الأممية الأمريكية السابقة وليامز تسببت بشكل كبير في إفشال وتعطيل كل الاتفاقات المحلية بين الليبيين".
وتابع أن :" ستيفاني لم تحاول التعامل مع الأمر الواقع الموجود في ليبيا ولم تحاول مواجهة التنظيمات المسلحة التي تتقاسم العاصمة ولا حتى دعوتها لمائدة مستديرة تخصص لنزع السلاح في العاصمة وتسليمه لجهة عسكرية نظامية ومحاولة إدماج منتسبي التشكيلات في الأجهزة الرسمية".
واستطرد:" ستيفاني لم تسع حتى لتقريب وجهات النظر بين كافة مؤسسات الأمر الواقع الموجودة في ليبيا ".
وعلى صعيد متصل، قال المحلل السياسي الليبي عطية مخلوف لـ"العين الإخبارية " إن "ستيفاني وليامز لم تكن تعمل كموظفة في الأمم المتحدة بل كمواطنة ومسؤولة أمريكية ".
وعن فشل الحوارات الجارية في ليبيا مؤخرا بإدارة وليامز، أضاف أنه:" من يقود تلك المبادرات هي ستيفاني وليامز غير المرحب بها في البلاد والتي تعمل منذ توليها على تعقيد الأمور في ليبيا ".
وتابع:" وليامز بعد إجرائها أول مكالمة هاتفية مع فتحي باشاغا بعد يومين من تكليفه من قبل مجلس النواب في مارس الماضي وصفته برئيس الحكومة المكلف في حين تراجعت عن ذلك بعد يومين فقط".
مخلوف، واصل حديثه قائلا:" وليامز قالت بعد يومين من اعترافها باشاغا بأن الحل في ليبيا لن يكون عبر تشكيل إدارات جديدة بل عبر انتخابات أي أنها سحبت اعترافها بباشاغا رغم تكليفه من قبل البرلمان المنتخب صاحب السلطة في تعيين رؤساء الحكومات".
وتابع: "كونها أمريكية وبلادها تعترف بحكومة الدبيبة وتدعمه رغم كل ما يرتكبه من أخطاء وكوارث خاصة فيما يتعلق بأمن البلاد بمنحه الدعم للمليشيات وفسادها يتم دعم ستيفاني وليامز ".
واعتبر عطية مخلوف ان "مبادرة وليامز الأخيرة القاضية بتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة لبحث قاعدة دستورية للانتخابات كانت بمثابة عودة بالبلاد للوراء ".
وفي 4 مارس/ آذار الماضي أعلنت وليامز عن مبادرة لحل الأزمة الليبية تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة لوضع قاعدة دستورية تجري وفقها الانتخابات، لكنها باءت بالفشل الذريع.
كلمة الوداع
وفي خطاب وداعي، قالت ستيفاني وليامز، مساء الأحد، إن حل أزمة السلطة التنفيذية المتكررة في ليبيا يكون بإقرار إطار دستوري توافقي يؤسس للعقد بين الحاكم والمحكوم.
وخلال بيانها الأخير، أضافت وليامز "في ختام مهمتي أود أن أتوجه بالشكر للشعب الليبي ومئات الأشخاص الذين كان لي شرف الالتقاء بهم والعمل معهم خلال الأشهر الثمانية الماضية داخل ليبيا وخارجها ".
كما أكدت أنه:" لا يمكن التغلب على الجمود السياسي الحالي وأزمة السلطة التنفيذية المتكررة إلا من خلال إقرار إطار دستوري توافقي يحدد محطات واضحة ويؤسس للعقد بين الحاكم والمحكوم ويضع ضوابط لإنهاء الفترة الانتقالية من خلال الانتخابات الوطنية ".
وأوضحت :"تقع على عاتق القادة الليبيين مسؤولية جلية تجاه مواطنيهم والأجيال القادمة لتقديم التنازلات التاريخية اللازمة لإتاجة الفرصة لتحقيق الإنجاز المنشود".
وأضافت " لقد سعيتُ للوصول إلى أوسع طيف ممكن من الأطراف الفاعلة وممثلي القطاعات السياسية والأمنية والاجتماعية في ليبيا وذلك للإصغاء لهم وفهم مخاوفهم ورؤاهم حول مستقبل بلدهم وأفكارهم ومقترحاتهم لمساعدة ليبيا في إنهاء الفترة الانتقالية الطويلة التي تعاني منها البلاد منذ عام 2011".ز
ومضت بالقول " لقد استمعت إلى شهادات العديد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من ترهونة إلى تاورغاء ومن بنغازي إلى مرزق وورشفانة وطرابلس وكل ما بين ذلك" مؤكدة أنه " يجب محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة على أفعالهم كي يتسنى للبلد المضي قدماً ".
كما مضت وليامز في الحديث عن محطات مهمتها التي انتهت اليوم قائلة: "لقد أشرفتُ على قيادة المسارات الليبية - الليبية الثلاثة التي رسمها مؤتمر برلين ونصّت عليها لاحقاً قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وتابعت "إنني أقدر التزام اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 والتي سررت بالعمل معها لأكثر من عامين للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في تشرين الأول/أكتوبر 2020 والسير قدماً في خطط توحيد المؤسسات العسكرية والترتيب لرحيل المرتزقة والقوات الأجنبية التي تنتهك السيادة الليبية".
كما أعربت عن تقديرها " لالتزامهم بمبدأ الإشراف المدني على الجيش وهو مبدأ يجب التمسك به".
وفي ذات البيان أشادت وليامز "برفع الإغلاق النفطي" إلا أنها في الوقت ذاته أعربت عن قلقها "إزاء محاولات تسييس المؤسسة الوطنية للنفط ، مشددة على ضرورة أن تتمتع المؤسسة الوطنية للنفط وجميع المؤسسات السيادية بالاستقلالية التامة وينبغي النأي بها عن المناورات السياسية".