بالصور.. الشتاء يقسو على فقراء غزة
حماس تحاول نفض يدها من المسؤولية، فيما تزداد معاناة آلاف الأسرة المهمشة خاصة في ظل الشتاء.
لم يجد المواطن الفلسطيني محمد زعرب خيارًا سوى اللجوء مع أسرته المكونة من 7 أفراد لمنزل أحد أقاربه فجر اليوم الجمعة، بعدما أغرقت مياه الأمطار منزله الصغير المكون بالكامل من ألواح الزينقو (الصفيح) جنوب قطاع غزة.
وتشهد الأراضي الفلسطينية منذ مساء أمس منخفضًا جويًّا شديدًا يتوقع أن ينحسر صباح الغد، وهو ما تسبب بإغراق العديد من المنازل وتطاير أسقف أخرى مسقوفة بالصفيح، فيما وجهت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية تحذيرا للمواطنين من شدة سرعة الرياح التي قد تصل إلى نحو 100 كم/ساعة، كما حذرت من السيول والفيضانات في الأودية والمناطق المنخفضة، ومن تدني مدى الرؤية الأفقية نتيجة تشكل الضباب والغيوم الملامسة لسطح الأرض.
لجوء متكرر
وقال زعرب لـ"بوابة العين" الإخبارية: "هذا حالنا كل شتاء شديد، أعيش في منزل مكون بالكامل من الصفيح (الجدران والسقف) ونضطر للجوء لأقارب لنا أو للمساجد عندما يشتد المطر، حيث تطير ألواح الزينقو أو تتسلل المياه وتغرق المنزل".
ويقطن زعرب في منطقة "نهر البارد" بخان يونس، جنوب غزة، وهي واحدة من 29 حيا مهمشا، في القطاع، ويقطنها آلاف الفلسطينيين الذين يلجؤون لإقامة بيوت بسيطة على أراض حكومية تفتقر للبنية التحية والخدمات في ظل انعدام الخيارات الأخرى أمامهم.
وتحاط منطقة نهر البارد الفقيرة بمقبرة من ناحية، ومكب للنفايات من ناحية أخرى، وتقع قرب أراض رملية خالية منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005.
37 مهمة إنقاذ
وأعلن الدفاع المدني بغزة تنفيذ 37 عملية إنقاذ وإطفاء لحوادث ناجمة عن المنخفض الجوي خلال الساعات الأخيرة بقطاع غزة، شملت إنقاذ وإخلاء مواطنين غرقت منازلهم، أو اشتعلت فيها النيران بسبب الأجواء الجوية، بينها 13 في منطقة خان يونس.
وفي مخيم الشاطئ، غرب غزة، جرفت مياه البحر جزءًا من الشارع لتشكل خطرًا على الشارع والمنازل المجاورة، فيما تطاير سقف منزل وأدى إلى إصابة أحد سكان المنزل، وهو ما استدعى نقله إلى المشفى، وفق مصدر محلي.
مآسٍ بفعل الحصار والانقسام
ويرى طارق حميد الباحث المختص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن المآسي التي تتفاقم بفصل الشتاء في بيوت الفقراء والكثير من الأحياء المهمشة، فضلا عن الغرق المتكرر لبعض الشوارع والمناطق عند أقل أمطار يعكس الافتقار إلى بنية تحتية حقيقية، وبرامج تراعي حالة الفقراء والمهمشين.
وقال حميد لـ"بوابة العين": "بلا شك بعد 11 عاما من الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي، هناك أزمات متراكمة تضرب القطاع الذي يعيش به مليونا نسمة 80% منهم تقريبا يتلقون مساعدات بشكل أو بآخر، وتصل البطالة بينهم إلى أكثر 44% وتزيد في وسط الشباب إلى 67%".
وأشار إلى أن حالة الضبابية التي يعيشها القطاع في المسؤولية الإدارية بين الحكومة التي تعلن أنها لم تمكّن من السلطة في غزة، وحماس التي تحاول نفض يدها من المسؤولية، تزداد المعاناة خاصة في ظل الشتاء، حتى إن غالبية المبادرات للمساعدات هي فردية وطوعية وبالتالي لا تفي بالمطلوب.
عجز بالوحدات السكنية
ويقر المهندس ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، بضعف البنية التحتية فيما يتعلق بالطرق وشبكات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، بفعل سنوات الحصار وعدم استكمال برامج الإعمار التي يعيقها الاحتلال بمنعه إدخال مواد البناء إلا بشروط، فضلا عن نقص التمويل.
وحول معاناة سكان المناطق المهمشة، الذين يعيشون في بيوت لا تصلح للسكن، أشار إلى وجود عجز بنحو 90 ألف وحدة سكنية بغزة، ونحو 13 ألف وحدة سنويا لمعادلة النمو السكاني، فضلا عن المنازل التي لم يصلها الإعمار بعد تدميرها في الحرب، وهو ما يعني أن المشكلة معرضة للتفاقم إن لم توفَّر حلول لها.