"ذئب ونفرش طريقه بالفخاخ".. أنطولوجيا شعرية مصرية
"ذئب ونفرش طريقه بالفخاخ" أنطولوجيا للنص الشعري المصري الجديد أو ما يعرف بـ "تيار قصيدة النثر" وتتضمن اختيارات وقصائد لـ53 شاعرا
فرضت تحولات القصيدة العربية في ربع القرن الأخير، سؤالًا وشكلًا، أن تكون هناك محاولات موازية لرصد أشكال هذا التحول على مستويين؛ رصد النصوص ومحاولة انتقاء أبرز نماذجها تمثيلًا لاتجاهاتها الشعرية وتياراتها الفنية، والثاني دراستها وفحصها نقديًّا لاستخلاص خصائصها الجمالية وكشف رؤيتها للعالم.
في كتاب "ذئب ونفرش طريقه بالفخاخ" الذي صدر أخيرًا عن المكتب المصري للمطبوعات بالقاهرة؛ يقدم الكاتب والشاعر المقيم بأوروبا عماد فؤاد أنطولوجيا النص الشعري المصري الجديد، أو ما يعرف بـ"تيار قصيدة النثر"، وتتضمن اختيارات ونصوصًا وقصائد لـ53 شاعرًا يمثلون 3 أجيال مختلفة.
تخرج هذه الأنطولوجيا الجديدة إلى النور في القاهرة، تحت عنوان "ذئب ونفرش طريقه بالفخاخ"، هكذا كان تعامل الكاتب مع الشعر، الشعر في مطلقه، بعيدًا عن المسميات والمصطلحات الغربية التي فُرضت على النص منذ ظهوره الأول، فالمسميات والمصطلحات خنقت الشعر وجعلت منه وصفة لكتابة القصيدة، كأنها مقادير لصنع طبق جديد على موائدنا، وحين تتحول القصيدة إلى وصفة ما، فلابد أن يكون هناك فخّ ما، فخ يستهدف الشعر في رحابته وتنوعه وأشكاله وألوانه المتعددة.
هي أول أنطولجيا لقصيدة النثر المصرية (صدرت طبعتها الأولى بالجزائر، 2007). أسبقية تمتلك دلالتها بفعل تميزها وخصوصيتها، وشموليتها التي تجعل منها مرجعًا أول لكل أنطولوجيا أو دراسة قادمة عن قصيدة النثر المصرية بالذات.
فالاختيار، في الأنطولوجيات الجادة، الرصينة، يكشف، عند البشر، عما سبق من عمليات رصد وتحليل واكتشاف، وتمييز بين الدرجات والتيارات الإبداعية، من خلال الشعراء المختارين والرؤية الثقافية، وكيفية النظر إلى الواقع الشعري في لحظة معينة.
في مقدمته للكتاب يقول مؤلفه: "هكذا يبدو المتن الشعري لهذه الأنطولوجيا متوافقًا مع الغاية التي تستهدفها أية أنطولوجيا موضوعية وجادة: التمثيل الحصري لكل الاتجاهات والتيارات الإبداعية، من خلال الشعراء المختارين. وهي الغاية الأجدر بالاعتبار في هذه اللحظة من تاريخ قصيدة النثر المصرية، التي تواجه "إقصاء" عامًّا من قبل المحافظين والمتقاعدين، المحتلين للمناصب الثقافية المختلفة. فالغاية التي تشي بها الصفحات التالية -تستهدف رصد وتقديم جميع الأصوات الممثلة لقصيدة النثر المصرية الراهنة. غاية مضادة للمناخ العام، السياسية الثقافي والشعري، ومضادة للذاتية الشهيرة التي يتمتع بها الشعراء. غاية تعيد الاعتبار للشعر والقيمة والموضوعية في مواجهة التفاهة والعيث والنميمة.
فهي بذلك ليست أنطولوجيا عادية، بل أنطولوجيا "شمولية، وكحالة نادرة، تستحق أن تكون مرجعًا أول لقصيدة النثر المصرية الرصينة والمتواضعة، أو بحكم أسبقية صدور الطبعة الأولى منها أو بهما معًا".
في هذه الأنطولوجيا، يمكن القول بثقة، بحسب فؤاد، إن جميع نبرات الصوت الشعري المصري في قصيدة النثر حاضرة بكل ثقتها ووهجها، وإن التمايزات المختلفة بين التجارب والأصوات الشعرية يمكن رصدها من خلال النصوص المتاحة، بلا سوء.
هكذا تصبح الأنطولوجيا تمثيلًا فعليًّا لواقع قصيدة النثر المصرية. أصوات شعرية تتالَى، من مختلف الأجيال، بلا تمييز في الحضور " الطباعي" لا أحكام قيمة، ولا مزاجية. والبيانات الأساسية عن الشعراء حاضرة حتى اللحظة الأخيرة
وهكذا يتحقق أول عمل تاسيسي، موضوعي، في قصيدة النثر المصرية، أول خطوة ضرورية لبناء نسق معرفي خاص بها.