"رعب الحرب" يمسح طلاء الأظافر .. جيوش أوروبية تنشد "الأيادي الناعمة"
مضاجع أوروبية ظلت آمنة عقودا إلى أن أتت حرب أوكرانيا وحولت الحياة الناعمة إلى أخرى خشنة، حلت فيها البندقية الآلية محل مساحيق التجميل.
فالقلق من المستقبل يقتل أي نوع من الحياة، ويحيل جل التركيز إلى كيفية الدفاع عن النفس، حتى بالنسبة للنساء، سواء كان ذلك في إطار محاولات منظمة ومؤسسية، أم فردية تطوعية.
آخر مظاهر سطوة "الخشن" على "الناعم" في أوروبا هو حديث السلطات الدنماركية عن اعتزامها فرض التجنيد الإلزامي للنساء لمواجهة مستوى التهديد الوجودي الحالي في القارة العجوز.
إذ قال وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء الدنماركي جاكوب إيلمان-ينسن، في مقابلة مع محطة "تي في 2" التلفزيونية، الخميس، إن بلاده تعتزم فرض التجنيد الإلزامي على النساء في الجيش، مثلهن مثل الرجال.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن النساء كان يمكنهن في السابق التطوع في الجيش، بينما تفرض الخدمة على الرجال عموما إذا تم استدعاؤهم بموجب نظام السحب بالقرعة.
ويحظى الإجراء الجديد بدعم العديد من المنظمات النسائية ويأتي في الوقت الذي تقدم فيه الدنمارك، مثل باقي دول أوروبا، مستويات متزايدة من الدعم لأوكرانيا في الحرب مع روسيا.
أرمينيا ليست استثناء
ومن الدنمارك إلى أرمينيا، البلد الذي يتموضع في موقع استراتيجي عند التقاء آسيا بشرق أوروبا، ويقع في مرمى تهديدات شتى، حيث تسير السلطات في طريق مماثل منذ 11 يناير/كانون الثاني الجاري.
وتقوم وزارة الدفاع الأرمنية بصياغة مشروع قانون من شأنه أن يوسع بشكل كبير دور المرأة في القوات المسلحة للبلاد، كجزء من إصلاح شامل للجيش الذي يشهد حالة اضطراب مستمر منذ المواجهات التي وقعت مع القوات الأذرية في "قرغ باغ" عام 2020.
وفي حين أن تجنيد المزيد من النساء سيكون له فائدة واضحة تتمثل في زيادة رتب الجيش وسط الوضع الأمني غير المستقر في أرمينيا، يشير بعض الخبراء إلى صعوبة ضمان المساواة بين الجنسين في مثل هذه البيئة الأبوية الصعبة.
وقال نائب وزير الدفاع أرمان سركسيان "سبب هذه الفكرة هو نشاط المرأة في الأمور المتعلقة بالدفاع والأمن، فقد نظمت وزارة الدفاع دورات إطلاق نار للسيدات، وكانت النتائج مفاجأة سارة لقيادة وزارة الدفاع".
والخدمة العسكرية في أرمينيا إلزامية للمواطنين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما، وتستمر لمدة عامين.
تطوع في فنلندا
وبعيدا عن أرمينيا التي تواجه تهديداتها الخاصة من الجانب الآسيوي وتتشارك شرق أوروبا ما يعيشه من قلق حالي أيضا، كان الوضع في فنلندا التي تقع في شمال القارة مختلفا بالنسبة لدور النساء في الدفاع، وإن تشابهت الأسباب.
فبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وتنامي القلق من المستقبل، وجدت رائدة الأعمال الفنلندية سيسي موبيرج، مثلها مثل كثير من النسوة، نفسها تبحث في الإنترنت عن دورات يمكن أن تعلمها مهارات للمساعدة في الدفاع عن فنلندا في حالة تعرضها لهجوم عسكري.
في غضون أسابيع، كانت موبيرج تحضر دورة تدريبية مخصصة لجنود الاحتياط تعلم كيفية استخدام السلاح والتحرك في ساحة المعركة.
وتسببت الحرب في أوكرانيا في إثارة قلق شديد في فنلندا التي تشترك في حدود طولها 1300 كيلومتر (810 أميال) مع روسيا.
وفي هذا الإطار، قالت الرابطة الوطنية النسائية في فنلندا للتأهب للطوارئ "غير حكومية" إن طلب النساء على دوراتها التدريبية ارتفع بشكل كبير منذ فبراير/شباط الماضي، وفق تقرير سابق لـ"رويترز".
يتماشى هذا الاتجاه مع تقليد فنلندا التاريخي المتمثل في تطوع النساء، على عكس الرجال، اللواتي غير مطالبين بأداء الخدمة العسكرية، في زمن الحرب.
أوكرانيا الأبرز
وفي أوكرانيا ذاتها التي تستعر فيها الحرب، شاركت النساء في القتال في الخطوط الأمامية منذ اليوم الأول للصراع، سواء في شرق أو جنوب البلاد.
وتنقسم النسوة المقاتلات في صفوف القوات الأوكرانية إلى قسمين، الأول نسوة خدمن في الجيش كعسكريات نظاميات لسنوات، فيما تشكل المتطوعات القسم الثاني، وفق تقارير صحفية.
موقع "يورو نيوز" ذكر قبل أشهر أن عددا كبيرا من النساء تطوعن في الجيش الأوكراني بعد بداية الهجوم الروسي دون إحصاءات واضحة.
لكن نسبة النساء في الجيش الأوكراني باتت من النسب الأعلى عالميا مقارنة بمعظم القوات المسلحة الأخرى في العالم.
وكان عدد النساء الأوكرانيات في الجيش 57 ألفا عام 2021 أي حوالي 23%، وفقا لوزارة الدفاع. فيما تبلغ نسبة النساء المجندات في بولندا حوالي 8%، وفي روسيا 4%.
فيما تجند النرويج والسويد النساء والرجال بشروط متكافئة، في حالات فريدة في القوات المسلحة حول العالم.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjIuNzYg جزيرة ام اند امز