كواليس اجتماعات "الخسائر والأضرار".. البنك الدولي يعرقل والإمارات تحسم
شهد اجتماع لجنة إنشاء صندوق الخسائر والأضرار انقساما بين الدول الغنية والنامية حول مقر الصندوق وترتيبات إدارته ومصادر التمويل والأهلية.
اختتمت اللجنة الانتقالية المعنية بصندوق الخسائر الأضرار اجتماعها الرابع في مدينة أسوان المصرية، الجمعة، بعد مفاوضات استمرت 4 أيام، من 17 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول.
تشكلت اللجنة عقب القرار التاريخي للأطراف في مؤتمر شرم الشيخ COP27 في مصر، بشأن إنشاء صندوق للتعويض عن "الخسائر والأضرار" في الدول النامية التي تتحمل تبعات تغير المناخ.
كلفت الأطراف اللجنة، المكونة من 24 عضوًا، بمهمة تحديد الشكل الذي ينبغي أن يبدو عليه صندوق الخسائر والأضرار الجديد لضحايا المناخ، وتقديم مقترحاتها إلى COP28 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
كان من المفترض أن تعقد اللجنة ثلاثة اجتماعات فقط هذا العام، لكنها أضافت اجتماعا رابعا لمحاولة حل الانقسامات العميقة بين الدول المتقدمة والنامية.
من المفترض أن يوجه الصندوق الأموال إلى الأشخاص الذين عانوا من الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ما يعني أن تأخر التوصل إلى توافق في الآراء يهدد بتأخير الدعم للمحتاجين.
- الحسم في الإمارات.. سلطان الجابر يحيي آمال مفاوضات «الخسائر والأضرار»
- أسبوع المناخ بأمريكا اللاتينية والكاريبي.. 4 مسارات لتجديد الطموحات
جدل البنك الدولي
شهدت المفاوضات خلافات حادة بين البلدان الغنية والنامية بشأن المقر الدائم لصندوق الخسائر والأضرار.
أصرت الدول المتقدمة، بقيادة الولايات المتحدة، على ضرورة إنشاء الصندوق الجديد تحت إشراف البنك الدولي، باعتباره وسيطا ماليا مستضافا.
بموجب هذا الترتيب يؤسس البنك الدولي الأمانة العامة للصندوق، ويقدم خدمات الأمانة ذات الصلة مقابل رسوم، وبعد إبرام اتفاق عن طريق التفاوض.
رفضت الدول النامية بالإجماع اقتراح استضافة البنك الدولي الصندوق، واعتبرته محاولة من جانب الولايات المتحدة للاستيلاء عليه.
قالت مجموعة الـ77+ الصين، المظلة الأكبر للدول النامية بالأمم المتحدة، في بيان اطلعت عليه العين الإخبارية، إن لديها مخاوف بشأن تقييد الوصول إلى الصندوق الجديد واستقلاله القانوني ومرونته وسلطة اتخاذ القرار فيه.
بررت الدول النامية مخاوفها بأن البنك الدولي بطيء للغاية وغير فعال وغير خاضع للمساءلة، ويفتقر إلى الثقافة التنظيمية اللازمة لمعالجة تغير المناخ.
كشفت المجموعة أن المشاورات مع البنك، الذي يقع مقره في واشنطن العاصمة، "أظهرت بوضوح" أنه "لا يصلح للغرض الذي نبحث عنه"، وأنه ينبغي إنشاء صندوق مستقل جديد، تابع لمنظومة الأمم المتحدة.
أضافت أنه مع استضافة البنك الدولي فإن الصندوق لن يكون مستقلاً من الناحية القانونية أو التشغيلية عن البنك.
أنشأت الولايات المتحدة وحلفاؤها البنك الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ولا تزال واشنطن أكبر المساهمين فيه، وتختار من يقوده.
ترى مجموعة الـ77+ الصين أنه في ظل البنك، لن يكون الصندوق مسؤولاً أمام جميع الحكومات من خلال محادثات المناخ واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
على الجانب الآخر، زعمت الدول المتقدمة أن إنشاء صندوق مستقل جديد سوف يستغرق وقتاً أطول من استضافته من قبل البنك الدولي.
لكن الدول النامية قالت إنه سيكون من "السذاجة" الاعتقاد بأن السرعة هي الدافع الحقيقي للدول الغنية.
أصدرت الأطراف المشاركة في الاجتماع الرابع مسودة ختامية، اطلعت عليها "العين الإخبارية"، تتضمن أربعة خيارات للتفاوض حولها في الاجتماع المقبل:
الأول هو استضافة البنك الدولي للصندوق دون شروط مسبقة، والثاني أن يستضيف البنك الصندوق بشروط محددة.
يقترح الخيار الثالث أن يكون الصندوق مؤسسة مستقلة، أما الرابع فيقترح عملية مفتوحة لاختيار الجهة المضيفة للصندوق.
وفق المسودة الختامية، التي قدمت صباح الجمعة، تأجل الحسم في القضايا العالقة إلى اجتماع مقبل تستضيفه دولة الإمارات في الفترة من 3 إلى 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد تعثر الجولة الأخيرة في مصر.
من المستفيد؟
يتعلق الخلاف الرئيس الثاني بطبيعة الدول التي سوف تحظى بالأولوية في التمويل، والبلدان التي ستسهم فيه.
تريد البلدان المتقدمة تخصيص الأموال "على أساس الضعف"، وليس للبلدان النامية بشكل عام، لتضمن ألا يصل التمويل إلى دول كبرى، تصنفها اتفاقية الأمم المتحدة كنامية، مثل الصين والهند والبرازيل ونيجيريا وجنوب أفريقيا.
بل تضغط الدول الغنية لكي تسهم دول مثل الصين والهند والمملكة العربية السعودية في تمويل الصندوق، باعتبارها لم تعد "نامية".
قال لويس بيدروسو كويستا، الدبلوماسي الكوبي، ورئيس مجموعة الـ77 + الصين إنه لا يوجد تعريف واضح لمدى الضعف.
تخشى البلدان النامية أن تعني معايير "الضعف"، أثناء الممارسة العملية، اقتصار الأموال فقط على البلدان الأقل نمواً في العالم والدول الجزرية الصغيرة النامية، وتعيق قدرة الصندوق على الاستجابة للبلدان المتوسطة الدخل، مثل باكستان وليبيا، التي تعرضت مؤخرًا لفيضانات كارثية مرتبطة بالمناخ.
وفق الأمم المتحدة للمناخ، تعاني العديد من الدول متوسطة الدخل من آثار تغير المناخ، وتتعرض بعضها لخسائر وأضرار ناجمة عن تغير المناخ.
شملت الانقسامات الأخرى رغبة الدول النامية في إدراج هدف تمويل للصندوق بقيمة 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، بينما ترغب الدول المتقدمة في تخصيص ميزانيات للأحداث البطيئة الظهور، والتعافي وإعادة الإعمار، والدول الصغيرة.
على جانب آخر، اتفق المفاوضون على قضية شائكة واحدة بشأن مجلس إدارة الصندوق.
ضغطت الولايات المتحدة في البداية من أجل أن يضم مجلس إدارة مقاعد للدول الممولة للصندوق، مما أثار اتهامات بأنها تحاول تشكيل مجلس إدارة يعمل لصالح الدول الغنية.
في النهاية، جاء في مشروع القرار أن مجلس الإدارة سيضم 12 عضوا من الدول المتقدمة، و14 من الدول النامية، مع إمكانية ضم أعضاء لا يحق لهم التصويت، يمثلون الشعوب الأصلية والمهاجرين بسبب تغير المناخ، لكن هذه النقطة لم يتوافقوا عليها بعد.
الإمارات تحسمها
عقب تعثر آخر اجتماع للجنة الانتقالية المعنية بإنشاء الصندوق، أحيا الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف "COP28"، الأمل في المفاوضات، داعيًا المفاوضين إلى التوصل إلى اتفاق قبل مؤتمر COP28 الذي يشكل مرحلة "أساسية".
أكد الدكتور سلطان الجابر في بيان أنه "يؤمن بأنه من الممكن حل كل المسائل"، منبها أعضاء اللجنة الانتقالية إلى أن "أنظار العالم شاخصة إليكم للتوصل إلى توصيات واضحة ومتينة قبل COP28 لوضع الصندوق موضع التنفيذ" وتمويله.
شدد الدكتور سلطان الجابر على أن "مليارات الأشخاص وأرواحهم وسبل عيشهم المعرضة لتأثيرات تغير المناخ يعولون على التنفيذ الناجح لهذه التوصيات".
aXA6IDE4LjIyNy40OC4yMzcg جزيرة ام اند امز