اليوم العالمي للشعر 2023.. احتفاء بـ"خلاص الإنسان المعاصر" (حوار)
يحتفل العالم باليوم الدولي للشعر في 21 مارس/ آذار من كل عام، في مسعى للاحتفاء بالتعبير اللغوي للإنسانية.
وبهذه المناسبة، يقول الشاعر أحمد سويلم، رئيس لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر، إن فكرة اليوم العالمي للشعر عربية بالأساس، وجاءت استجابة لمطلب "فلسطيني - مغربي".
وأضاف في حواره لـ"العين الإخبارية"، أن عام 1997 شهد مهرجانًا للثقافة الفلسطينية في باريس، وشارك فيه 3 شعراء عرب هم: محمود درويش وفدوى طوقان وعز الدين المناصرة، وقدموا اقتراحًا لمنظمة "اليونسكو" لتخصيص يوم للشعر أسوة باليوم العالمي للمرأة وغيره من الأيام العالمية.
وأردف الشاعر المصري: "في العام التالي، دعم الشعراء المغاربة هذا المطلب الفلسطيني بمطلب جديد، وفي عام 1999 أعلنت منظمة اليونسكو 21 مارس/ آذار من كل عام يومًا عالميًا للشعر، وبدأ الاحتفال بهذه المناسبة اعتبارًا من عام 2000، في استجابة لمطلب الشعراء العرب.. وإلى نص الحوار:
في اليوم العالمي للشعر.. ما موقع الشعر من فنون اللغة؟
يكفيني أن أقول إن الشعر هو ديوان العرب، وهذا يعني أنه بإمكان المرء أن يتعرف على عادات العرب وثقافتهم وجغرافية المكان وأخبار الشعراء وأخبار الشعوب العربية عن طريق الشعر، وحتى قدوم العصر العباسي كان الشعر هو الوسيلة الوحيدة لتناقل المعلومات عن العالم العربي، وبعد العصر العباسي ظهرت ألوان أخرى، لا أقول إنها زاحمت الشعر، ولكن الشعر أخذ جانبًا، وظهرت المقامات والمسرح والرواية، وأصبح هناك تنوع كثير جدًا في الإبداع الإنساني والعربي، وتبقى القصيدة هي القصيدة التي تعبر دائمًا عن الجمال والحب والإنسانية والسلام، لأن الشعر فن إنساني يصدر من الشعور الإنساني ويعود أيضًا إلى الشعور الإنساني عن طريق التذوق، إذن فالقصيدة موجودة وباقية مادام الإنسان موجودا، ومادام الإنسان له شعور إذن له شاعر.
وما موقع الشعر العربي بين الشعر في الثقافات الأخرى حول العالم؟
الشعر لا يخضع لهذا التصنيف، والشعر دائمًا ملتصق بالبيئة الثقافية التي ينشأ فيها، ولا يوجد ما يسمى "عولمة الشعر"، ولكن الشعر العربي ملتصق بالبيئة العربية، إذن مفردات البيئة العربية كلها في الشعر، وهكذا الشعر الفرنسي والشعر الألماني والشعر الروسي وهكذا، إذن الشعر ملتصق بالبيئة الثقافية والاجتماعية التي ينشأ فيها، وكذلك البيئة السياسية، والشعر العربي لا يقل عن أي شعر، سواء الشعر الفرنسي أو الصيني أو الروسي؛ لأنه ابن بيئته، والشاعر أيضًا ابن بيئته.
برأيك.. ما حاجة الإنسان إلى الشعر؟
حاجة الإنسان إلى الشعر حاجة ضرورية جدًا؛ لأن الشعر يبحث دائمًا عن مناطق الجمال والسلام والسعادة في عالم مليء عن آخره بالعدوان والماديات، فنحن في حاجة دائمة إلى الشعر.
كيف يكون الشعر دافعًا إلى الحوار والسلام؟
الشعر في رأيي هو خلاص الإنسان من كل المشكلات المحيطة به، وأقصد بذلك الشعر بما هو فن، وكل ألوان الفنون الأخرى تضمن للإنسان أن يخلع نفسه من الماديات والعداوات، وتتيح له الفرصة لإعادة ترتيب إنسانيته، ويعيد أيضًا الوهج الداخلي في الوجدان الإنساني، ونحن دائمًا بحاجة إلى ذلك، وفي هذا العصر المادي الذي نحياه قد يتساءل البعض: "أين الفن؟"، وأقول إن الفن موجود وباقِ؛ لأنه لا بد أن يكون هناك توازن بين حاجات الإنسان المادية وحاجاته الوجدانية، ولا يمكن أن يحدث هذا التوازن بدون ممارسة الفن، بما فيه الشعر والموسيقى والرسم وغيره من أشكال الفنون.
هل تراجع الشعر المقفى أمام الشعر الحر والقصيدة النثرية؟
الأمور لا تقاس هكذا، والشعر دائمًا لا بد أن يتطور، ولكن في إطار الفن، وليس في إطار الفوضى، وهناك الشعر العمودي والشعر التفعيلة أو الشعر الحر وأخيرًا ما يسمى بـ"قصيدة النثر"، وأنا لا أتفق مع هذا المصطلح، ولكن نحن نعاني أزمة من هذا المصطلح للأسف الشديد، ولا بد أن نسمّي الأشياء بمسمياتها، وأنا لا أعارض أن يعبر الإنسان عن نفسه بأي شكل من الأشكال، ولكن في إطار الفن، ولا يصح أن نكتب أي كلام ونخلع عليه اسمًا أو مصطلحًا، وفي رأيي هناك نثر وهناك شعر، وأكرر أنا لا لست ضد أي لون من ألوان الكتابة، وليخرج الإنسان ما يشاء، وهذه طاقة إنسانية لا بد أن تخرج وأن يعبر عنها الإنسان حتى يطهّر ذاته الداخلية، لكن ينبغي للإنسان عندما يخرج يعبر عن شيء ما بداخله أن يضع عليه المسمى الملائم والصحيح، وهناك طوفان من الأعمال الجيدة والرديئة، وبالتالي لا بد أن تكون هناك عملية غربلة عن طريق النقاد الأصلاء الذي يصنفون الأشياء بمسمياتها الحقيقية.
وماذا عن الشعر العامي؟
كل الألوان متاحة، ولا يوجد لون يلغي لونًا آخر في الشعر، وهذا الأمر يسري على الحياة العامة، فعلى سبيل المثال ظهور التليفزيون لم يلغ السينما ولم يلغ الراديو والإذاعة، إذن كل لون له خصوصيته وله جمهوره، ومقولة "عصر الرواية" وغيرها من المقولات كلها كلام فارغ، وكل الألوان تتجاور لخدمة الإنسان والتعبير عن إنسانيته، ونحن نقبل كل هذه الألوان، ولكن بمسمياتها الحقيقية.
ما خطة لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة لإحياء اليوم العالمي للشعر؟
نتعاون مع قصور الثقافة "الثقافة الجماهيرية" على أن يكون بكل أندية الأدب في قصور وبيوت الثقافة على مستوى الجمهورية أمسية أو ليلة شعرية بمناسبة اليوم العالمي للشعر، وبهذا تحتفي مصر كلها بهذا اليوم، وننظم في المجلس الأعلى للثقافة أمسيتين متتاليتين، نستضيف فيهما 15 شاعرًا مصريًا من أجيال ومذاقات مختلفة.
في الختام.. كيف نعيد الشباب إلى تذوق الشعر من جديد؟
يمكن تحقيق ذلك من خلال لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة التي أرأسها، ونحن نتعامل مع الشباب من منطلق ضرورة تمثيل الشباب في كل الأمسيات، ونكتشف أصواتا جديدة، ونكون سعداء بهذا الأمر، وهناك تجارب حقيقية وجميلة وجديدة، وأنا أكون سعيدًا للغاية عندما أرى تجربة تتجاوز ما قبلها، وكل جيل له تجربته، ونحن نرحب بكل التجارب، الشبابية وغيرها، وهناك شباب مميزون جدًا وأصوات قادرة، ومنهم من يكتب الشعر العمودي، ومنهم من يكتب الشعر الحر، وهذه التجارب تدل على الحراك الدائم في مجال الإبداع، وأنا مطمئن لهذا الأمر، ولا أعتقد أن الشباب بعيد عن الشعر.