تحولت جوائز "ذا بيست" والكرة الذهبية في السنوات الأخيرة إلى أمر مثير للجدل بسبب ما يدور عن عدم مصداقيتهما.
ولكن ما زاد الطين بِلّة في السنوات الأخيرة هو أن الجائزة فضحت، وربما خلقت من الأساس، مشاعر غل وضغينة بين اللاعبين.
لا تقدم "ذا بيست" أو الكرة الذهبية تقييمات عادلة للاعبين، كونها مبنية على آراء شخصية تحددها مصالح وأهواء وأحيانا نقص معرفة.. فأحد صحفيي "فرانس فوتبول" كان يعتقد أن ليفاندوفسكي ألماني وليس بولنديا، مفضلا ميسي عليه بناء على ذلك في سباق الكرة الذهبية 2021.
لكن هذا الصحفي أو طريقة اختيار "فرانس فوتبول" عامة ليست الأزمة، فجائزة "ذا بيست" ليست عادلة بالشكل الكافي من الأساس.. فحين فاز روبرت ليفاندوفسكي بـ"ذا بيست 2021" أشاد بجائزة "فيفا" كونها تضم قادة منتخبات ومديرين فنيين، أي خبراء يفهمون في اللعبة جيدا، أكثر من تلك المقدمة من المجلة الفرنسية، التي تعتمد فقط على الصحفيين.
ولكن ما قاله ليفاندوفسكي لم يكن إلا نتيجة لكونه كان -من وجهة نظره- "ضحية لسوء اختيارات صحفيي فرانس فوتبول".
خلال السنوات الماضية تحدث فرانك ريبيري عن "سرقة" الكرة الذهبية منه في 2013 لصالح كريستيانو رونالدو، وحاولت الصحافة إشعال نار الفتنة بين ليونيل ميسي من جهة وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا في 2010 عقب فوز الأرجنتيني بالجائزة.
كريم بنزيما سخر من عدم فوزه بـ"ذا بيست 2022"، رغم أنه فاز بالكرة الذهبية، التي قُدم موعد إعلانها، في واقعة غريبة ومريبة، إلى ما قبل كأس العالم، كي لا يتأثر المصوّتون بنتائج كأس العالم.
الغريب أن عدد الأهداف، التي سجلها بنزيما في 2022 ودوره فيما وصل إليه ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، البطولة الأهم التي يتم الحكم على أساسها، يشابه ما قدمه محمد صلاح في 2018، ووقتها حل ثالثا في "ذا بيست"!
صلاح وقتها أحرز 44 هدفا وفاز برصيد 32 هدفا -رقم قياسي- بلقب هداف الدوري الإنجليزي، لكن المجلة الفرنسية منحته الترتيب "السادس" في كرتها الذهبية.
ليونيل ميسي نفسه، المتوج بـ"ذا بيست" منح صوته في الاختيارات الخاصة بأفضل 3 لاعبين في العالم إلى نيمار ثم كيليان مبابي وبعدهما كريم بنزيما، رغم أن مبابي وبنزيما تفوقا كليا على صديق البرغوث المقرب، نيمار، ولكنه كان أمرا جيداً ليكشف حقيقة أن هذه الجوائز لا تمت للمنطق بصلة والدليل الفائز بها.
ميسي أيضا، بالنظر إلى أرقامه في 2022 ومقارنتها بالثنائي الفرنسي الذي حلّ خلفه في الترتيب، لا يستحق مطلقا أن يكون الأفضل في العالم.
كارلو أنشيلوتي، الذي قاطع ناديه، ريال مدريد، جوائز "ذا بيست" -ليس بحثا عن العدل ولكن لأنهم لم ينالوا الجوائز- أكد أنه لن يكشف عن اختياراته لأفضل 3 لاعبين في العالم لعام 2022، لكنه سيختارهم من ريال مدريد، أي أنه على غرار ميسي لا يبحث بالإنجازات والأرقام والحقائق.
اختار روي فيتوريا محمد صلاح، لأن البرتغالي يقود منتخب مصر، وقبل ذلك كان البرتغاليون ينحازون إلى كريستيانو رونالدو، والقصة نفسها في الأرجنتين مع ليونيل ميسي، وغيرها من الأمثلة الشبيهة، ومن ثم يبدو الأمر في النهاية محكوم بالطائفية أو العصبية أو العنصرية أو أي صفة غير الكفاءة الفنية والحُكم العدل.
في النهاية تروق لي تقييمات المباريات الوقتية، التي يضعها محللو "ليكيب" أو "سوفا سكور" عن أفضل لاعب في مباراة ما، وهي أمور تكون لها معايير محددة مبنية على أداء ومجهود وإسهامات تهديفية، قلت أو كثرت، بحسب المباراة، وهي كلها عوامل عادلة عن هذه الموجودة في "ذا بيست" والكرة الذهبية.
لقد فاز ميسي بالكرة الذهبية للفيفا في 2010 وهو ليس بطل كأس العالم ولا دوري أبطال أوروبا، وفاز بها في 2021 لأنه بطل كوبا أمريكا، وفي 2022 بعد موسم مخيب لأنه بطل العالم، فاز بها لسمعته الكروية وليس بناء على أسس عادلة، كما يفترض أن يكون للعبة تنافسية نزيهة ككرة القدم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة