العلاقة الفلسطينية-الأمريكية في 2022.. زخم سياسي واقتصادي بلا نتائج
عادت العلاقة الفلسطينية-الأمريكية في عام 2021 بتسلم إدارة جو بايدن مهامها ولكن عام 2022 شهد زخما سياسيا واقتصاديا دون نتائج واضحة.
وشهد عام 2022 تطورين هامين الأول بإعلان المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية في القدس، والثاني تعيين الإدارة الأمريكية موفدا خاصا للشؤون الفلسطينية.
ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية لم تتمكن من إعادة فتح قنصليتها العامة في القدس ولم تمض بخطوات نحو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
ولكن العام شهد اتصالات سياسية فلسطينية-أمريكية مكثفة من خلال لقاء الرئيس بايدن بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن وزيارة مسؤولين أمريكيين كبار للأراضي الفلسطينية.
كما شهد عام 2022 زخما ملحوظا في المساعدات الأمريكية للفلسطينيين مع إطلاق الحوار الاقتصادي الفلسطيني-الأمريكي.
وقال هادي عمرو، الممثل الخاص الأمريكي للشؤون الفلسطينية، في لقاء عبر الهاتف مع عدد من الصحفيين، بينهم مراسل "العين الإخبارية" إن: "الرئيس بايدن لا يزال ملتزما تماما بحلّ الدولتين، وهو ما أوضحه في القدس في مايو/أيار الماضي، حين قال إن الإدارة تدعم دولتين على طول خطوط 67، مع احتمال القيام بمبادلات متفق عليها، ولعلّ هذه هي الطريقة المثلى لتحقيق تدابير متساوية للأمن والازدهار والحرية والديمقراطية والعدالة للفلسطينيين وكذلك الإسرائيليين".
وأضاف: "صرّح الرئيس بايدن كذلك بأن الشعب الفلسطيني يستحقّ دولة خاصة به تكون مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة ومجاورة، بالإضافة إلى أنه يستحق أن يعيش بأمن وسلام، جنبا إلى جنب مع الإسرائيليين، بينما يتمتع بإجراءات متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية".
وتابع عمرو: "إن تدابير الحرية المتساوية والمقاييس المتساوية للكرامة والتدابير المتساوية للعدالة مهمة في حد ذاتها وضرورية كوسيلة للمضي قدما في حل الدولتين المتفاوض عليه".
وكانت الإدارة الأمريكية أوقفت المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين فيما أوقفت القيادة الفلسطينية الاتصالات السياسية مع الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب بعد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس منتصف العام 2018.
إعادة فتح القنصلية الأمريكية
وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ"العين الإخبارية" إن "إعادة فتح القنصلية الأمريكية العامة هو بند دائم على جدول أعمال الاجتماعات الفلسطينية-الأمريكية".
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "ما زلنا نصر على إعادة فتح القنصلية وبصراحة لا نرى أي مبرر على الإطلاق للتلكؤ أو البحث عن مبررات لعدم إعادة فتح القنصلية".
ومن جهته قال عمرو: "ما زلنا ملتزمين بإعادة فتح قنصلية في القدس. وما زلنا نعتقد أن ذلك يمكن أن يكون وسيلة مهمة لبلدنا للتفاعل بشكل أعمق مع الشعب الفلسطيني، لدينا فريق متخصص حقا من الزملاء الذين يعملون في مكتبنا للشؤون الفلسطينية، وهو يركّز على التواصل والعمل مع الشعب والقيادة الفلسطينية".
وأضاف: "وسنواصل مناقشة الجدول الزمني لإعادة فتح قنصليتنا العامة مع شركائنا الإسرائيليين والفلسطينيين".
تعيين ممثل خاص للشؤون الفلسطينية
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قررت الإدارة الأمريكية تعيين هادي عمرو، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ممثلا خاصا للشؤون الفلسطينية.
وقال متحدث باسم المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية في القدس لـ"العين الإخبارية": "تماشيًا مع التزام الإدارة بتعزيز التواصل الأمريكي مع الفلسطينيين، أنشأت وزارة الخارجية دورًا جديدًا للممثل الخاص للشؤون الفلسطينية وعينت هادي عمرو للخدمة في هذا الموقع".
وأضاف: "سيتواصل الممثل الخاص للشؤون الفلسطينية الذي يتخذ من واشنطن مقراً له عن كثب مع الفلسطينيين وقيادتهم وسيواصل، مع السفير (الأمريكي في إسرائيل توماس) نايدز وفريقه، التواصل مع إسرائيل بشأن القضايا الفلسطينية ذات الصلة".
وتابع المتحدث الأمريكي: "سيعمل مكتبنا للشؤون الفلسطينية في القدس بشكل وثيق مع الممثل الخاص".
وفي هذا الصدد قال عمرو: "أودّ أن أنوّه أنه لشرف حقيقي أن أكون أوّل ممثل للحكومة الأمريكية لدى الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية. إن إنشاء هذا المنصب غير مسبوق وهو يرفع بدون شك من شأن الملف الفلسطيني ومدى انخراطنا فيه. وتتوافق هذه الخطوة تماما مع التزام إدارة بايدن بتعزيز مشاركة الولايات المتحدة مع الشعب الفلسطيني والقيادة التي بدأناها منذ اليوم الأول، وحتى قبل تولي المنصب".
وأضاف: "لا شكّ أن في إنشاء إدارة بايدن لمنصب الممثل الخاص تعزيزا لقدرتنا على إدارة التحديات في العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي الوقت نفسه الترويج لمصالح الفلسطينيين مع علاقتهم مع إسرائيل والشركاء الآخرين في المنطقة الذين سأعمل معهم أيضا".
حل الدولتين
وأعادت الإدارة الأمريكية الحالية التمسك بحل الدولتين في تعاملها مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ولكنها لم تقم بخطوات عملية من أجل تطبيقه.
وقال مسؤول فلسطيني لـ"العين الإخبارية": "طالبناهم مرارا وتكرارا بوضع آليات عملية لتطبيق حل الدولتين في سياق أفق سياسي".
وأضاف: "من ناحيتهم فهم يقولون إن الأجواء ما زالت غير ملائمة لإطلاق مفاوضات سياسية مع الإسرائيليين وإنهم يفضلون العمل بسياسة خطوة خطوة انطلاقا من إعادة بناء الثقة بيننا وبين الإسرائيليين".
واستدرك: "نعتقد أن من شأن ذلك إدارة الصراع وليس حله ولذلك فإنه مطلوب من الإدارة الأمريكية أن تضع خطة سياسية عملية على الطاولة لتطبيق حل الدولتين".
ومن جهته قال عمرو: "رئيس الولايات المتحدة ووزير الخارجية ما زالا يؤمنان بأن حل الدولتين هو أفضل طريقة للمضي قدمًا للإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق تطلعاتهم. وهما يعتقدان أيضًا أن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون، على قدم المساواة، تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة".
وأضاف عمرو: "ولذا فإن ما نركز عليه، في المدى القريب، هو رفع مستوى حياة الفلسطينيين وتحسينها بينما نبحث في الوقت عينه عن طرق لاستعادة الأفق السياسي والعودة إلى حل الدولتين".
المساعدات الاقتصادية
أعادت الإدارة الأمريكية تقديم المساعدات الاقتصادية والمالية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ولمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية والمستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية.
وما زالت الإدارة الأمريكية تمتنع عن تقديم المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية بسبب قوانين تبناها الكونغرس الأمريكي.
وفي هذا الصدد قال عمرو: "الولايات المتحدة هي الآن أكبر مانح للأونروا في العالم. لقد قدمنا حوالي 680 مليون دولار للأونروا على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية وسنظل ملتزمين بدعم تلك المنظمة ودعمها للفلسطينيين الأشد احتياجات".
وأضاف: "عندما تولت إدارة بايدن السلطة في أوائل عام 2021، استأنفنا بسرعة مساعدتنا الاقتصادية للضفة الغربية وقطاع غزة. تذهب الغالبية العظمى من هذه المساعدة إلى المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، حيث نسعى إلى رفع مستوى حياة الفلسطينيين العاديين وإثرائها".
وتابع عمرو: "وقد واصلنا هذه المساعدة في العام الماضي، ونخطّط في العام المقبل – بالتعاون مع الكونغرس وبما يتفق مع قانون الولايات المتحدة – لتوسيع تلك المساعدة إلى ما يقرب من 220 مليون دولار".
وأقيم في رام الله في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أول حوار اقتصادي أمريكي-فلسطيني مباشر منذ ست سنوات تم في إطاره اللقاء مع قادة في القطاع الخاص الفلسطيني.
وأعلنت الإدارة الأمريكية في ختامه اعتزامها العمل مع الفلسطينيين على مدار العام المقبل لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والفلسطينيين والمساعدة في نمو الاقتصاد الفلسطيني.