لبنان في 2022.. محطات الحسم وثغرات الفوضى
3 استحقاقات ينتظرها لبنان في 2022 قد تشكل منعطفا في طريق بلد مثقل بأزماته وترسم مستقبل شعب لأربع سنوات قادمة.
فمن الانتخابات النيابية مرورا بالبلدية وصولا إلى الرئاسية، يترقب اللبنانيون عاما حافلا بمحطات يأملون منها تجاوز عام الانهيار والعبور إلى شاطئ الاستقرار.
بيْد أن ما تحفظه دفاتر التاريخ بين سطورها يستوقف اللبنانيين عند مخاوف ما هو قادم، وهم الذين خبروا الشغور السياسي في سدة الحكم، وحزبا إرهابيا يسعى لتحويل "سويسرا الشرق" إلى جرم يدور في فلك إيران.
وحددت وزارة الداخلية اللبنانية موعد الانتخابات النيابية في 15 مايو/أيار المقبل، فيما يظل التشكيك قائماً في ظل الظروف الاستثنائية اقتصادياً وأمنيا وسياسياً.
ورغم أن الانتخابات النيابية بدأت تتصدر الحياة السياسية في لبنان، فإن قلة من يتحدّثون عن الاستحقاق البلدي على أهميته التي قد تحدث تغييرا في النطاق البلدي، في اقتراع مقرر في مايو/أيار القادم، باعتبار أن آخر انتخابات بلدية جرت في 8 من الشهر نفسه من عام 2016 (6 سنوات).
أما الانتخابات الرئاسية، فستكون من أكثر الاستحقاقات مصيرية في التسلسل الزمني.
عوائق
يبدو أن الانتخابات النيابية تواجه عدداً كبيراً من العوائق، رغم التأكيدات على إجرائها محلياً والضغط الدولي لتفعيل ذلك، إلاّ أنها في الواقع تواجه عقبات أساسية، أولها سياسية تتمثل بعدم رغبة مختلف الأطراف اللبنانية بخوض الاستحقاق خصوصاً بعد احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، والنقمة التي تشكلت على الطبقة الحاكمة بمختلف تشكيلاتها، وسط مخاوفها من تصويت عقابي يطيح بتحكمها بالسلطة، وبالتالي يمكنها اللجوء إلى التمديد لنفسها مرتين كما حصل عامي 2013 و2015.
أما العقبة الثانية فتقنية وتتمثل في تأمين التيار الكهربائي لمراكز الاقتراع، حيث هناك مشكلة حقيقية في تأمين المرفق الحيوي في نحو 1900 مركز اقتراع بكلّ المحافظات، وهو حتّى الساعة لا حلّ له ولا إمكانية للدولة أن تؤمّنه، كما لا توجد طروحات بديلة وسهلة تستطيع الخزينة حلّها.
هذا بالإضافة إلى تأمين الإنترنت لنحو 29 مركزاً لفرز الأصوات إلكترونياً في لجان القيد، بعد نقلها من مراكز الاقتراع إلى اللجان. وسط الحديث عن انقطاع نهائي للإنترنت مطلع 2022.
وفي خضم كل ذلك، تستمر معضلة تأمين الأمن وسلامة العملية الانتخابية وعملية الفرز في المناطق الملتهبة أمنياً، وهنا يبرز السؤال عن مدى جاهزية القوى الأمنية في ظروفها الحالية، وهل تستطيع حماية مراكز الاقتراع ولصناديق في ظلّ الانفلات الحاصل؟
وعلاوة على ما تقدم، فإن الاستحقاق الرئاسي مرتبط إلى حد بعيد بالانتخابات النيابية، حيث إن اتجاه الأكثرية البرلمانية الجديدة هو ما يحدد الرئيس الجديد للبنان.
ولكن ما هو ثابت أن بقاء الرئيس الحالي ميشال عون في موقعه يعتبر أمرا صعبا وفق مراقبين، حتى لو تم تأجيل الانتخابات البرلمانية وبقي المجلس الحالي، فبقاء عون يتطلب ثلثي مجلس النواب، وهذا غير ممكن وفق الخارطة السياسية الحالية بالمجلس الحالي.
فالواقع أن عون في حالة خصومة شديدة مع أبرز الكتل النيابية، أي تكتلات "المستقبل" بزعامة سعد الحريري، وحركة أمل برئاسة نبيه بري، و"القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، وبالتالي إذا لم تغير هذه الكتل رأيها فإنه من المستحيل تأمين ثلثي عدد النواب لتعديل الدستور للتمديد أو التجديد لميشال عون.
لكن عدم بقاء عون لا يعني انتخاب غيره فوراً، فلقد مر لبنان بفراغ رئاسي امتد لمدة سنتين ونصف من 25 مايو/أيار 2014 إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016، يوم انتخاب عون رئيساً، وهذا الحدث يمكن أن يتكرر بعد الرئيس الحالي.
شبح التأجيل
بخصوص المخاوف من تأجيل الاستحقاقات، يقول نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، إيلي الفرزلي، إن "وزير الداخلية وقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتحديدا في آخر أسبوع من نهاية ولاية البرلمان الحالي، ونحن نصلّي من أجل ألا يحصل ما قد يعطّل هذا الاستحقاق الذي نعتبره وجوديا ومصيريا بالنسبة للبنان".
ويضيف الفرزلي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "الخوف دائما موجود لكن لا يمكننا أن نعرف ماذا يدور في الغرف السوداء وبين من قد تنعكس هذه الانتخابات سلبا عليه".
من جانبه، يقول النائب عن تكتل "القوات اللبنانية" فادي سعد: "لا شكّ أنه لدينا خوف من عدم إجراء الانتخابات النيابية لا سيما أن الكثير من الفرقاء السياسيين لا يريدونها خوفا من نتائجها عليهم لأن الأرجح أنها لن تكون في صالحهم".
وأضاف النائب لـ"العين الإخبارية" أن "هذا ما رأيناه مع الطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر بقانون الانتخاب وفشل في تحقيق هدفه حتى الساعة".
ويحذّر سعد "في حال أطيح بالانتخابات التي قد تطيح بذلك بالانتخابات الرئاسية، عندها نخشى أن يدخل لبنان في الفوضى ونكون أمام تحلّل للدولة ومؤسساتها".
أما النائب عن كتلة "المستقبل" محمد الحجار، فيقول لـ"العين الإخبارية": "لا شك أننا نخشى من عدم إجراء الانتخابات النيابية ولذلك اتخذنا قرارنا بالاستقالة من البرلمان إذا حصل هذا الأمر".
ويعزو الحجار ذلك إلى "كل ما يقوم به التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله اللذان يخشيان من نتائج هذا الاستحقاق بعدما كانا حصلا على الأكثرية النيابية في الانتخابات الماضية، بحيث قد يفقدان سيطرتهما على المجلس النيابي".
ويذكر الحجار بما قام به التيار ورئيس الجمهورية ميشال عون في "محاولة لعرقلة الانتخابات النيابية، حيث رفض الأخير التوقيع على قانون الانتخابات الذي أقره مجلس النواب ليعود بعدها نواب "التيار" ويقدموا طعنا به أمام المجلس الدستوري الذي لم يكن قراره كما يشاؤون".
وتابع أنهم "شنوا حملة عليه وأطلقوا المواقف الطائفية والعنصرية في محاولة لاستعادة بعض ما خسره من شعبيته نتيجة فشل عهد ميشال عون، وبالتالي بدأنا نشعر وكأنهم يسعون لتوتير الأجواء وإحداث مشكلات أمنية تحضيرا لأمر ما يطيح بالانتخابات".
ويلفت الحجار إلى تصريحات أطلقها عون ألمح خلالها، كما التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، إلى سعيهم للتمديد لرئاسة الجمهورية رغم كل ما وصل إليه لبنان في عهده وأوصله إلى "جهنم" كما وعد.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز