العالم يبحث عن "الحل" في أفريقيا.. 3 قوى تتصارع على "كنز المستقبل"
لم تكن جولة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في 3 دول أفريقية، من نوعية الزيارات العادية، فهي تحمل ما هو أكبر، حيث تسعى واشنطن لاستعادة ما فقدته في القارة السمراء.
الزيارة التي قامت بها الوزيرة الأمريكية الأسبوع الماضي، لكل من جنوب أفريقيا والسنغال وجنوب أفريقيا، هي خطوة في خطة التعاون بين واشنطن وأفريقيا والتي ستبدأ بحملة كبيرة لإدارة بايدن لإعادة الارتباط بقارة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة وتتمتع بوفرة من الإمكانات الاقتصادية.
تم وضع خطط إدارة بايدن إلى حد كبير في قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول، عندما قال نائب وزير التجارة الأمريكي دون جريفز، "لقد أبعدنا أعيننا عن أفريقيا، والآن على المستثمرون والشركات الأمريكية أن تلعب دورا أكبر".
يلين كانت واضحة في تصريحاتها عندما قالت إن "استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا تتمحور حول إدراك بسيط بأن القارة السمراء ستشكل مستقبل الاقتصاد العالمي".
وأضافت: نحن نعلم أن ازدهار أفريقيا هو في مصلحة الولايات المتحدة.. أفريقيا المزدهرة سوقا كبيرا لسلعنا وخدماتنا.. وهذا يعني المزيد من فرص الاستثمار لشركاتنا والذي يمكن أن يخلق فرص عمل في أفريقيا وعملاء للشركات الأمريكية".
تعد زيارة يلين، بداية لجهود إدارة بايدن لإعادة بناء العلاقات مع أفريقيا في ضوء الوجود الاقتصادي الصيني المتزايد بسرعة في ثاني أكبر قارة في العالم، وموطئ القدم الدبلوماسي لروسيا في أجزاء منها.
تتمتع جنوب أفريقيا، الاقتصاد الأكثر تطورا في القارة والمحورية في الخطة الأمريكية، بعلاقات عميقة مع كل من روسيا والصين، وأثارت القلق في البيت الأبيض عندما أعلن الأسبوع الماضي أنها ستستضيف سفنا حربية روسية وصينية الشهر المقبل وستشارك في البحرية المشتركة في تدريبات معهم قبالة الساحل الشرقي.
وقام وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بزيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا يوم الإثنين، قبل يوم من وصول يلين.
تجنبت يلين ذكر التدريبات البحرية خلال رحلتها، أو موقف جنوب أفريقيا المحايد من الحرب في أوكرانيا وقرارها عدم الانحياز إلى الغرب في إدانة روسيا.
أفريقيا هي أكبر منطقة تجارية منفردة في العالم من حيث عدد البلدان، سكانها من الشباب، وطبقة وسطى مزدهرة، ومن المتوقع أن تكون موطنا لربع سكان العالم بحلول عام 2050.
كما أن لديها عددا لا يحصى من المشاكل، لذا ركزت يلين على إحداها عندما أجرت محادثات مع وزير مالية جنوب أفريقيا إينوك جودونجوان، وقالت يلين إن المحادثات تناولت جزئيا تحويل جنوب أفريقيا من اعتمادها الشديد على الفحم إلى مصادر طاقة أكثر اخضرارا.
تعتمد جنوب أفريقيا على محطات تعمل بالفحم لتوليد حوالي 80% من طاقتها الكهربائية، بالإضافة إلى كونها ملوثا ضخما، أثبتت محطات الفحم أنها غير قادرة على تلبية احتياجات البلاد.
تعاني جنوب أفريقيا حاليا من أزمة كهرباء، مع انقطاع التيار الكهربائي المجدول الذي يضرب الشركات والأسر وسكانها البالغ عددهم 60 مليونا لمدة تصل إلى 10 ساعات يوميا بسبب نقص الديزل والأعطال في محطات الفحم المتقادمة التابعة لمزود الكهرباء المملوك للدولة.
تخطط جنوب أفريقيا لتقليل اعتمادها على الفحم إلى 59% من إنتاجها من الكهرباء بحلول عام 2030، وفقا لـ"أسوشيتد برس"، وتستهدف صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، وقد التزمت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بالمساعدة، حيث تعهدت بتقديم قروض بقيمة 8.5 مليار دولار لتمويل انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا.
وقالت يلين: "جنوب أفريقيا هي الدولة الأولى التي لديها شراكة عادلة في التحول في مجال الطاقة والتي تفخر الولايات المتحدة بالالتزام بها كشريك.. تمثل هذه الشراكة الخطوة الأولى الجريئة لجنوب أفريقيا نحو توسيع الوصول إلى الكهرباء وموثوقيتها وخلق اقتصاد منخفض الكربون ومقاوم للمناخ".
تأتي مهمة يلين لتعزيز الاستثمار والعلاقات الأمريكية في مواجهة تفوق الصين على الولايات المتحدة في الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، حيث قفزت التجارة بين أفريقيا والصين إلى 254 مليار دولار في عام 2021، بزيادة حوالي 35%.