حصاد 2021.. ظاهرة خطيرة تنافس إرهاب الحوثي في تدمير اليمن
عاشت اليمن خلال عام 2021 ظروفا مناخية قاسية تنافس إرهاب الحوثي في تهديد مستقبل اليمن، كونها شملت كل مناطق البلاد.
ومنذ الشهور الأولى من العام، شهدت مناطق واسعة ومختلفة من البلاد أمطارا غزيرة، بعد وقوع البلاد تحت تأثير منخفض جوي عميق، مصدره شمال شبه الجزيرة العربية، والسواحل الشرقية من اليمن.
وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي قالت الأمم المتحدة إن الأمطار الغزيرة والسيول في اليمن خلفت العديد من القتلى وألحقت أضرارا واسعة النطاق بالمنازل والبنية التحتية.
وتضررت آلاف العائلات من الفيضانات التي بدأت في منتصف أبريل/نيسان وتفاقمت مع تزايد هطول الأمطار في الأيام الأخيرة.
الأضرار لم تقف عند الخسائر المادية، بل لقي العديد من المواطنين مصرعهم في عدد من المناطق والمحافظات، خاصةً بمحافظة حضرموت شرق البلاد، ووسطها، والمناطق الغربية الجنوبية.
ففي شهر أبريل/نيسان وحده تضررت منازل 167 أسرة إما جزئيا وإما كليا، وتحديدا في المناطق التي تشتهر ببنائها بيوتها من الطين والطوب الأحمر، في وادي حضرموت، والمناطق الجبلية من المحافظات الغربية والشمالية.
اتساع رقعة المنخفض
المنخفض الجوي الذي ضرب اليمن، بدأ في أبريل/نيسان الماضي، واتسعت تأثيراته حتى مطلع أكتوبر/تشرين الأول.
كما طالت التأثيرات معظم مناطق اليمن، وسقط نتيجة ذلك العشرات من الضحايا، وتضررت المزارع والطرقات في مختلف أنحاء البلاد.
وأدت الصواعق الرعدية والأمطار الغزيرة إلى وفاة 4 أشخاص في محافظة لحج (جنوبا)، و8 أشخاص بينهم أطفال في محافظة الضالع (وسط البلاد)، وفي حجة والمحويت (شمالا).
تدفق السيول الجارفة تسبب بغرق اثنين من المواطنين في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت (شرقا)، وآخرَين في محافظة تعز (جنوب غرب).
وفي محافظة أبين قطعت السيول المتدفقة الطرق الدولية الرابطة بين عدن والمكلا، وتركت عشرات الأسر من المسافرين عالقة على جنبات الطرق لعدة أيام في العراء.
بالإضافة إلى قطع الطريق الدولي بين عدن الضالع، وتعثر تحركات المواطنين وتنقلاتهم الداخلية والدولية، حتى الطرق المؤدية إلى منفذ الوديعة مع السعودية.
مضاعفة آلام النازحين
ولم تكن مخيمات النازحين الفارين من جحيم مليشيات الحوثي، بمنأى عن تأثيرات المنخفض الجوي والتغييرات المناخية التي ضربت اليمن خلال 2021.
وكانت أكثر المخيمات تضررا، تلك الموجودة في محافظة مأرب (الشمال الشرقي)، والتي تحتضن أكبر نسبة من نازحي المليشيات الحوثية على مستوى اليمن.
وهو ما أكده مدير إدارة المخيمات في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب خالد الشجني، في حديثه مع "العين الإخبارية".
مشيرا إلى أن المخيمات تضررت من الأمطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة خلال شهر أبريل/نيسان، وأدت إلى تسريب المياه إلى داخل الخيام والمأوى.
وقال الشجني: إن السيول الناتجة عن الأمطار وصلت بكميات كبيرة إلى المخيمات، وتسببت بتلف المواد الغذائية التي يحتفظ بها النازحون داخل خيامهم.
كما أدت الأمطار والسيول بانقطاع خدمة الكهرباء عن المخيمات، وبات النازحون نتيجة ذلك في ظلام دامس، لافتا إلى القيام بالتدخل عبر توفير "طرابيل" وأغطية للخيام، وتعديلات للمأوى، وجلب أكياس رملية لحماية المخميات من السيول.
إعصار شاهين
تأثيرات المنخفض الجوي العميق، استمرت قرابة نصف عام كامل، من أبريل/نيسان وحتى أواخر سبتمبر/أيلول 2021.
واختتمت فترة المنخفض بقدوم إعصار "شاهين" الذي بدأ بالتشكل في المحيط الهندي وبحر العرب، وضرب السواحل الجنوبية من جزيرة سقطرى اليمنية، والمحافظات الشرقية من البلاد، مطلع أكتوبر/تشرين الأول.
ووفق تقارير مركز الأرصاد الجوية اليمنية، اطعلت عليها "العين الإخبارية" تسبب إعاصر "شاهين" بخسائر باهظة للغاية في الكثير من المحافظات اليمنية.
ونتج عنه وفاة امرأتين وإصابة آخرين، وقد أدى إلى جرف مساحات شاسعة في الكثير من الأراضي الزراعية، وتسبب بقطع الخطوط الرئيسية بين مناطق محافظات اليمن.
ورغم أنه بدأ بضرب المحافظات الشرقية من البلاد، كالمهرة وحضرموت وسقطرى، إلا أن تأثيراته وصلت إلى المرتفعات الغربية والوسطى من البلاد مثل تعز وإب، وقطعت الطريق الوحيد الرابط بين محافظتي تعز وعدن.
كما شهدت محافظات عدن، أبين، شبوة، الضالع ومحافظة الحديدة الساحلية، سقوط أمطار متفاوتة الشدة، وسيولا جارفة غمرت معظم الأراضي الزراعية، وتسببت بجرف مساحات شاسعة منها.
وأدى قطع الطرق إلى تفجير عدد كبير من السدود والحواجز المائية، وأشارت تقارير الأرصاد إلى تسبب السيول والأمطار الغزيرة بانقطاع التيار الكهربائي، وتعطل محطتي توليد رئيسيتين، وتعطل شبكات المياه، وتضرر مئات المنازل الطينية، وعشرات المحال التجارية.
تهديد المدن الساحلية
التغيرات المناخية التي عاشتها اليمن ليس فقط في 2021، وإنما خلال السنوات الأربع الماضية، دفعت العديد من الباحثين والأكاديميين في جامعة عدن إلى دق ناقوس الخطر.
وقال غير واحد من الخبراء في مجال المناخ والتغير الموروفولوجي إن هذه التغيرات قد تهدد مدن اليمن الساحلية بالغرق، مثل عدن والمكلا.
وأكد نائب رئيس مركز الدراسات وعلوم البيئة بجامعة عدن الدكتور فواز باحميش أن ارتفاع منسوب مياه البحر جراء تكرار الأعاصير، والاحتباس الحراري سيؤدي إلى غرق المدن الساحلية.
وأشار أستاذ الموروفولوجيا في حديث مع "العين الإخبارية" إلى أن هذه التحذيرات جدية وغير مبالغ فيها، وترتبط بعمليات بشرية تزيد وتسرّع من غرق المدن.
لافتا إلى أن تلك العمليات البشرية تتمثل في البناء العشوائي من المواطنين في السواحل وعلى مجرى السيول التي تصب في البحر.
ودعا الأكاديمي باحميش إلى ضرورة تدخل السلطات المحلية في البلاد، لإنشاء مركز للتنبوءات المناخية المبكرة في المدن الساحلية، لرصد الأعاصير وأية تغيرات ومناخية للحد من هذه المخاطر.
اليمن وقمة غلاسكو
شارك اليمن في قمة المناخ التي استضافتها العاصمة الاسكتلندية غلاسكو، عبر وفد ترأسه رئيس الهيئة اليمنية العامة لحماية البيئة فيصل الثعالبي.
وقال الثعالبي في تصريحات لـ "العين الإخبارية" إن اليمن قدم رؤيته الخاصة لحماية أراضيه ومدنه من تهديدات التغيرات المناخية، التي تنعمس بشكل حاد عليه.
مؤكدا أن هذه الرؤية جهود اليمن لاعتماد محميات حيوية وطبيعية، وحدائق جيولوجية لدى المنظمات الدولية المعنية، لحمايتها من الانتهاكات والحفاظ على التوازن البيئي.