بعد نحو عام من دخولها أرض المعركة، باتت طائرات الحوثي المسيرة من طراز "رجوم" الإيرانية أكثر سلاح يقوض الهدنة الأممية في اليمن.
ورصدت "العين الإخبارية"، استخداما مكثفا وغير مسبوق لمليشيات الحوثي لطائرات تطلق قذائف عمودية من السماء عشوائيا وذلك في محافظات الضالع وتعز والحديدة ومأرب وحجة، إذ شنت آلاف الضربات الجوية الغادرة التي استهدفت مواقع عسكرية ومدنية.
- منقذو الأرواح باليمن.. إرهاب الحوثي و"القاعدة" يلاحق عمال الإغاثة
- "العمالقة" تعلن إسقاط مسيرة حوثية جنوبي مأرب
وخلال عروض مليشيات الحوثي في صنعاء وذمار والحديدة وعمران مؤخرا ركز الانقلابيون بشكل رئيسي على مسيرات "رجوم" كأهم نوع من الطائرات المسيرة التي يعتمدون عليها في قصف المناطق المحررة.
في المقابل، أسقطت قوات الجيش اليمني والمقاومة المشتركة والمقاومة الجنوبية عشرات الطائرات من نوع "رجوم" في 9 محافظات يمنية شمالا وغربا وجنوبا وشرقا، في برهان آخر على اعتماد مليشيات الحوثي على هذا النوع من "الدرونز" في الجبهات الداخلية.
وأسقطت القوات اليمنية بمعدل طائرة مسيرة للحوثيين من كل 3 خلال الهدنة الأممية فيما وصل أكبر عدد من إسقاط طائرات رجوم في فبراير/شباط الماضي عندما أسقط الجيش اليمني في يوم واحد 10 "مسيرات" في حجة.
وقبل يومين، شنت مليشيات الحوثي سلسلة من الضربات الجوية بالمسيرات على المناطق السكنية لا سيما في حريب في مأرب وقعطبة في الضالع، فيما نجحت قوات العمالقة الجنوبية في إسقاط "مسيرات" في مأرب.
ويتفنن الحوثي يوما تلو الآخر في ابتكار أساليب قتل اليمنيين، باقتناء أحدث ما ترسله إيران في شحنات الموت المهربة، إذ لم يعد بيت يمني أو سوق شعبية مكتظة، آمنا من طائرات حوثية مسيرة تأتي على حين غرة لتريق دماء الأبرياء.
بداية دخول المعركة
وعلمت "العين الإخبارية" من عسكريين مختصين في الدفاع الجوي أن مليشيات الحوثي بدأت مطلع عام 2021 في إجراء تجارب بدائية بدمج "مسيرات" تؤدي دورا مزدوجا (تجسسيا وناريا) بهدف توفير مخزون الطائرات دون طيار واستخدامها في عدة مهام إرهابية.
ويعود هذا التطور الخطير إلى دمج مليشيات الحوثي "أجهزة إلكترونية" مهربة من إيران؛ قادرة على تحرير القذائف فور تلقيها إشارة من قاعدة التحكم، وفقا للخبراء.
وحسب مصادر أمنية أخرى لـ"العين الإخبارية"، فإن الأجهزة الإلكترونية وأنظمة تشويش والتحكم تدفقت للحوثي مع شحنات ومسيرات مجزأة وقطع خاصة بالطائرات دون طيار مؤخرا عبر ميناء الحديدة وسواحل شمالي المحافظة وعبر المنافذ الشرقية للبلاد.
وسخّر الحوثيون دعاية ضخمة لاستعراض طائرات دون طيار عند دخولها المعركة في مارس/آذار 2021، بعد نحو شهرين من معرض عسكري مشابه للحرس الثوري الإيراني.
وقد زعمت المليشيات أنها مصنعة محليا وسمّت أحدها "رجوم"، وهي ذات النوع التي نفذت به المليشيات مجازر عدة في تعز والحديدة ومأرب، وتم إسقاط المئات منها.
خصائص رجوم
وكانت "العين الإخبارية" عرضت مقطع فيديو من حطام طائرة رجوم الحوثية لمختصين في الدفاع الجوي وتبين أنها مسيرة إيرانية مستنسخة؛ بنفس تصميم طائرة مخصصة لأغراض التصوير المدني المعروفة بـ"YD6-1000S".
وبعد مقارنة حجمها تبين أن هناك فارق يقدر بـ15 سنتيمترا بين الطائرة المدنية من ذات الطراز والطائرة الإيرانية البالغ طولها مترا ونصف المتر من نوع "رجوم".
ولجأت مليشيات الحوثي -وفقا للعسكرين اليمنيين- إلى تثبيت قطعة حديدية لحمل 3 من قذائف "الهاون 60 mm" والجهاز الخاص بتحرير القذائف لدى إسقاطها.
كما تُدخل مليشيات الحوثي مستشعرا لتعديل القذائف المستخدمة لتنفجر لدى ارتطامها بالأرض، وعند "تحريرها تتم بنظام تسديد تقديري غير دقيق؛ إذ لا يتم ضرب كبسولتها كما يتم مدفعيا، لأن الغازات المندفعة ستدمر الطائرة ذات الوزن الصغير"، وفق حديث خبراء عسكريين لـ"العين الإخبارية".
سد المناطق الميتة راداريا
وبحسب معلومات خاصة فإن خبراء إيرانيين ومن حزب الله الإرهابي هم من يتولون إعادة تركيب الطائرات، بعد تهريب قطعها المجزأة لليمن، ويتم تحضير بعض الأنواع في ورش وملاجئ بمناطق الحوثيين.
وقال خبير الدفاع الجوي اليمني المقدم وضاح العوبلي في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، إن "خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، يعملون على وضع تصاميم متعددة للجسم الخارجي، فضلا عن الأجنحة الخشبية ويتم استخدام ألواح رقيقة وخفيفة الوزن هنا باليمن".
وتهرب طهران للحوثيين المحركات وعدسات تحت الأشعة الحمراء للتصوير الدقيق من مسافات جوية عالية، فضلا عن قطع أخرى كالحساسات والمستشعرات والهوائيات، ونظام الإرسال والاستقبال والأجهزة الإلكترونية، وفقا للخبير العسكري.
وبالنسبة للخبير اليمني المقدم وضاح العوبلي فإن "مسيرات الموت" الحوثية "رجوم" تكون أكثر خطرا في المناطق الصحراوية والساحلية منها في الجبلية، وكلما اقتربت من الأرض كلما زاد خطر مقذوفاتها.
وأوضح العوبلي في هذا الصدد أن نظام الاستهداف يتم عبر كاميرات الطائرة تحت الحمراء، وتسقط القذائف سقوطا عموديا حرا، وتتأثر بعوامل الرياح وما إلى ذلك؛ ولهذا لا تكون إصاباتها محققة بدقة كبيرة عسكريا في المناطق الجبلية، أما في الصحراء والمدن فيعد استخدام قذائف الهاون "خطرا محدقا خصوصا على المدنيين الأبرياء".
ولفت العوبلي إلى أن "مليشيات الحوثي لجأت بالفعل لتحويل نماذج انتحارية سابقة إلى نماذج مخصصة لإطلاق القذائف، وذلك لتوفير أعداد الطائرات ولتوسيع أنشطتها ومهماتها الإرهابية".
وعن التعامل مع هذا الخطر أكد الخبير اليمني أن هناك أنظمة متقدمة لكن بسبب إمكانيات كافة القوات اليمنية والجيش اليمني يمكن استخدام التقنيات المتاحة والمتوفرة من قبيل استخدام آلية "شيلكا" الروسية.
ونوه بفاعلية هذا النوع من الآليات لامتلاكه رادارات قادرة على الكشف والتتبع الآلي من مسافة 25 كيلومترا وتدمير الأهداف الجوية المنخفضة بسرعة 500كلم/ساعة في دائرة قطرها 3 كيلومترات وبنسبة إصابة 90%.
كما شدد على سد المناطق "الميتة راداريا" تحت 5 درجات بالزاوية والتي تتسلل منها المسيرات الحوثية، ما يستدعي اعتماد الحقول الرادارية متعددة المستويات لتجنب هذه التقنيات الإيرانية التي تلبد سماء اليمن وتقوض السلام والهدنة الأممية.