الانقلاب الحوثي.. نهب متواصل للإغاثات يفاقم معاناة اليمنيين
علاوة على تدمير الاقتصاد وإيقاف المرتبات، تقوم مليشيا الحوثي بنهب المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات وبيعها
يلوح شبح مجاعة كبرى في أنحاء المدن اليمنية الواقعة تحت الاحتلال الحوثي-الإيراني مع تزايد استيلاء تلك المليشيا على المساعدات الإنسانية المقدمة للمحتاجين، خاصة الغذائية منها، والموثقة بأدلة أممية.
- الأمم المتحدة: عرقلة الحوثيين لوصول المساعدات غير مقبول
- الجبير: التحالف العربي يُعد لعملية إنسانية شاملة لإغاثة اليمنيين
وفيما تسعى الحكومة الشرعية، ومن خلفها التحالف العربي والمجتمع الدولي، جاهدين للتخفيف من وطأة تلك الأوضاع، تستمر مليشيا الحوثي الانقلابية في دفع اليمنيين نحو هاوية الموت السحيقة .
إذ لم يكتفِ الحوثيون بتدمير الاقتصاد وإيقاف المرتبات وتجويع اليمنيين فقط، بل تجاوز الأمر ذلك وصولاً إلى سرقة المواد الإغاثية الخاصة بملايين السكان الذين يعانون أوضاعاً بالغة الصعوبة .
فقبل شهور قليلة، وفيما كان عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا الانقلابية، متحمساً وهو يطالب من على شاشة التلفزيون اليمنيين بالصمود والصبر ، كان محمد علي الحوثي رئيس مايسمى بـ"اللجنة الثورية" يصدر تعليماته عبر الهاتف بإفراغ عدد من شاحنات المساعدات الغذائية في مخزن خاص بأحد التجار المقربين في العاصمة صنعاء.
ولاحقاً أعلنت قوات الأمن التابعة للحكومة الشرعية، ضبط 3 شاحنات محملة بمواد إغاثية تحمل شعار منظمة "اليونسيف"، على مشارف عدن، تبين لاحقاً أنها قادمة من صنعاء، وكانت بطريقها لإفراغ حمولتها في مخازن أحد التجار بعدما تم شراؤها من الحوثيين في صنعاء.
سرقة المساعدات
واستمرارًا لذات المسلسل الإجرامي، كشفت وثيقة سرية جرى تسريبها خلال اليومين الماضيين توجيها من محمد الحوثي إلى مدير مشروع التغذية المدرسية والإغاثة الإنسانية حمود الأخرم؛ بصرف 5 آلاف سلة غذائية للمدعو أبو حمزة لتوزيعها على أسر "المجاهدين"، حسبما جاء في الوثيقة.
غير أن مصدرا من داخل الجماعة الحوثية نفى أن تكون هذه السلال الغذائية قد صُرفت لهم، مؤكداً أن مثل تلك الهبات تُمنح فقط لبعض القيادات، بغرض كسب ودهم وضمان بقائهم في جبهات القتال؛ مايعني حرمان المستفيدين الأصليين من حقهم في الحصول على مواد الإغاثة.
وليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الاستيلاء على المساعدات، ففي فبراير/شباط الماضي كشفت قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية عن كميات كبيرة من المساعدات التي تحمل شعارات لمنظمات دولية، كانت مُخزّنة في مستودعات أحد الموالين للحوثي، يدعى "عبدالله محمود طالب الأهدل"، في مديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة، فضلاً عن عثورهم على 2000 سلة غذائية، نهبها القيادي الحوثي "محمد حليصي"، وخزنها في مقر فرع حزب المؤتمر الشعبي بذات البلدة .
وأدت هذه الجرائم إلى خروج مظاهرات في بعض المدن ضد الحوثي للاحتجاج على منع وصول المساعدات لهم.
رضوخ أممي للابتزاز الحوثي
وفي الوقت الذي يتهم ناشطون يمنيون المنظمات الأممية العاملة في مناطق سيطرة الانقلابيين بالاعتماد على موظفين مشكوك في نزاهتهم أو موالين للجماعة الحوثية، ذكرت مسؤولة في إحدى المنظمات الإغاثية لـ"العين الإخبارية"، أن بعض المنظمات تجد نفسها أحياناً أمام خيارات صعبة أمام المليشيا التي تمارس الابتزاز .
وهذا الابتزاز يجبر هذه المنظمات على الرضوخ لمطالب مسؤولي المليشيا بمنحهم نسبة من الحصص الإغاثية تصل أحياناً إلى 30 أو 40% من إجمالي المساعدات المقرر توزيعها .
وقالت المسؤولة الإغاثية التي (فضلت عدم ذكر اسمها)، إن المنظمات تُجبَر في الغالب على الرضوخ لتلك الابتزازات خوفاً من توقف أعمالها، وبالتالي حرمان الآف المحتاجين من الحصول على المساعدات المتبقية .
وتضرب مثلا على ذلك بأنه في العام قبل الماضي كان يوجد برنامج "المساحات الصديقة"، فكرته الأساسية التأهيل النفسي للأطفال المتضررين من الحرب عبر إنشاء حدائق في الأحياء السكنية تحتوي على الألعاب، "لكننا فوجئنا بمسؤولي الجماعة يطلبون 70% من تكلفة المشروع مقابل السماح بتنفيذه، وبعدما رفضنا طلبهم أخبرونا أنهم سيقبلون ب 50% ثم تراجعوا إلى 30% ، لكن كان هناك رفض قاطع من قبل قيادات عليا في المنظمة، ولذا تم إلغاء الفكرة".
شبح المجاعة الكبرى
وفيما يخص نهب المادة الأساسية للغذاء، وهي القمح قال مصدر في العاصمة صنعاء إنه تم اكتشاف أكثر من 15 ألف كيس قمح في مخزن واحد فقط يتبع أحد التجار، مقدمة من منظمات دولية كمساعدات غذائية خاصة بالنازحين، حيث يقوم العاملون في المخزن بتغيير شعارات الأمم المتحدة بعلامة تجارية محلية قبل أن يجري بيعها في السوق المحلية .
ودفع ذلك المنظمات الإنسانية إلى إطلاق تحذيرات عدة بشأن مجاعة كبيرة قد تعصف بأغلب شرائح المجتمع اليمني قريبا.
ويشكو سكان بعض المدن والبلدات اليمنية من عدم وصول أية مساعدات غذائية أو دوائية إليهم على الإطلاق منذ اندلاع الحرب في 26 مارس/آذار 2015 .
غير أن تلك الشكاوى لم تلق التجاوب المفترض، وفضل المسؤولون الأمميون تجاهلها، باستثناء منسق الإغاثة الطارئة الذي اكتفى خلال زيارته لصنعاء نهاية العام الفائت بالإعراب عن قلقه نتيجة ما وصفه ب "تزايد مستويات التدخل والتأثير على عمل المنظمات الإنسانية"، من قبل جماعة الحوثي التي قال إنها تتعمد رفض و تأخير منح تصاريح دخول المعدات والمواد الأساسية.
وفي المقابل، يسعى التحالف العربي إلى تقديم المساعدات لإغاثة اليمنيين، سواء عبر الهلال الأحمر الإماراتي، أو مركز الملك سلمان للإغاثة.
aXA6IDE4LjExOS4xMTMuNzkg
جزيرة ام اند امز