أبجديات العالم.. يمنيون يتعلمون اللغات من أجل المستقبل

يكابد اليمنيون لتحقيق طموحاتهم رغم ظروف حرب الحوثي ضد أبناء الشعب، إذ يخوضون معركة أخرى وهي تعلمهم للغات مختلفة من أجل المستقبل.
وتختلف الطموحات التي يسعى لتحقيقها الشباب اليمني من خلال دراسة اللغات، وفقا لأهداف كل شخص، كالحصول على الوظائف أو تطوير المهارات في مجال معين، أو مواصلة التعليم الأكاديمي.
يأتي ذلك في وقت يواجه تعلم اللغات باليمن تحديات عديدة على المستوى المحلي خاصة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية، حيث باتت المليشيات تنظر إلى معاهد اللغات أنها أوكار للمخابرات الأجنبية.
وهو ما يؤكده الشاب اليمني أحمد مُنعم (27 عاما)، والذي يدرس منذ أشهر في مجال اللغة الإنجليزية في منظمة (أمديست Amidest) بعدن.
ويقول الشاب اليمني أحمد، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن طموحاته من دراسة اللغة الإنجليزية هي الحصول على فرصة عمل كريمة خصوصا والحصول على فرصة عمل في ظل الوضع الحالي يتطلب إجادة اللغة الإنجليزية.
ويضيف أحمد أنه قدم على تعلم اللغة الإنجليزية بعد تخرجه من الجامعة، وذلك لتطوير مهاراته اللغوية وتنمية قدرته المعرفية.
ويؤكد أن رسوم الدراسة والمصاريف الشخصية التي يحتاجها في معيشته اليومية، إضافة إلى ضعف خبراته المعرفية في اللغة الإنجليزية سابقا، جميعها صعوبات تحول دون تعلمه بشكل أسرع مما هو عليه الآن.
إصرار على التعلم
وفي ظل الحرب والحصار، وانتشار المنح عبر الإنترنت، وكذلك عمل المنظمات، اتجه كثير من اليمنيين لتعلم اللغات المختلفة، أبرزها اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، والذي يعد عزيمة وإصرار لتطوير المهارات وبناء قدرات اللغات المعرفية في ظل حرب المليشيات وتدميرها الممنهج للتعليم في اليمن.
هبة القدسي (26 عاما)، خريجة بكالوريوس لغة إنجليزية، جامعة تعز، تقول إنه وبسبب الحرب وما نتج عنها من إغلاق لمراكز ومعاهد تعليم اللغات في مدينة تعز، اضطرت للتسجيل والالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة تعز، حرصا منها على تعلم الإنجليزية والتي كما وصفتها بأنها "شغف" حياتها.
واعتبرت هبة القدسي، خلال حديثها لـ"العين الإخبارية" أنه في الفترة الحالية تعد اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية الأخرى بمثابة جواز سفر، لأنها -خاصة الإنجليزية- متطلبة في جميع المجالات، وفرص العمل لدى المنظمات والمنح الخارجية.
وأشارت إلى أنها ما زالت تتعلم لتطور مهاراتها في اللغة الإنجليزية، لأنها تريد أن تجيد اللغة بطلاقة ممتازة.
وأكدت أن المعاهد التعليمية باللغة ضعفت خلال فترة حرب المليشيات وحصارها المدينة، قائلة: "لن تثنينا الحرب والحصار عن مواصلة تعليمنا في اللغات وتطوير مهاراتنا اللغوية لتحقيق مستقبلنا الذي نرغب به، لا أن يُجهلنا الحوثي كما يعمل في مناطق سيطرته من حملات تحريضية ضد معاهد اللغات".
زيادة فرص العمل
رأى الدكتور المحاضر في كلية الآداب بجامعة تعز، محمد الأصبحي، أنه مع وجود المنظمات والجمعيات خلال سنوات الحرب، أصبحت اللغة تزيد من فرص العمل، إذ زاد الإقبال على تعلم اللغة الإنجليزية، حيث بدأ الناس بالتوجه إلى المعاهد التعليمية للغات، وعبر الإنترنت، إضافة إلى التوجه لقسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب.
وأضاف الدكتور محمد الأصبحي، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن اللغة يستفيد منها الشخص بشكل كبير، خاصة لمن يرغب في مواصلة التعليم في الماجستير والدكتوراه، والتي تكون غالبا في الدول الأخرى باللغة الإنجليزية.
وأشار إلى أن تعلم اللغة يوفر الكثير من الفرص في الدراسات العليا في المنح التي يتم التقديم فيها عبر الإنترنت وتشترط أن يكون التقدم لديه خبرة في اللغة، موضحا أنه من المهارات التي يكتسبها الشخص هو قراءة أبحاث ودراسات أجنبية باللغة الإنجليزية، وهو ما يوفر له عناء البحث عن مترجم آخر.
وبحسب الأكاديمي اليمني، فإن تدهور الوضع الاقتصادي الذي تسببت به حرب المليشيات، إضافة إلى توقف خدمات الدولة كالكهرباء وضعف في التعليم والخدمات الأساسية، تعيق المدرس أو الطالب بالكثير من الأشياء التي بتواجدها سوف تخفف، وفق الأصبحي، من عناء الأكاديمي أو الطالب مع تعلم اللغة.
معوقات
ويصادف الطلبة معوقات أثناء دراستهم للغات وتتمثل بمعوقات مادية كرسوم الدراسة والمصاريف الشخصية وغيرها، إضافة إلى معوقات أخرى كالانشغال بالأعمال خصوصا الأشخاص الذين يعملون أثناء الدراسة.
وأثرت الحرب على النظام التعليمي في البلاد وخصوصا على المعاهد المتخصصة في تدريس اللغات المختلفة خاصة الإنجليزية، فكثير من المدرسين الأجانب الذين كانوا يعملون في معاهد اللغات غادروا البلاد؛ ما جعل الكثير من المعاهد تستعين بمدرسين لا يمتلكون مهارات وقدرات لغوية عالية وهذا بدوره أدى إلى ضعف المخرجات التعليمية.
إضافة إلى أنّ كثير من المعاهد والمؤسسات التعليمية المتخصصة في تدريس اللغات أغلقت أبوابها بفعل حرب المليشيات وهذا ساهم بدوره في تدني المنافسة بين المعاهد والمؤسسات التعليمية في تقديم برامج تعليمية قوية، وفقا لطلاب وأكاديميون.
حملات ممنهجة
تعمدت مليشيات الحوثي شن حملات ممنهجة، ضمن سعيها لتدمير التعليم بمختلف أنواعه (الأساسي بالمدارس، والعالي بالجامعات، والخاص المعاهد)، والذي يحاكي سلوك التنظيمات المتطرفة "داعش" و"القاعدة".
وفي 30 يونيو/حزيران الماضي نفذت مجاميع للمليشات وقفة احتجاجية طالبت بإغلاق معهد "يالي" ومنع الدراسة فيه بحجة الاختلاط والفساد الأخلاقي ونشر الثقافة الأمريكية وتشكيل خطر على الهوية الإيمانية.
ويعد معهد "يالي" الذي شنت المليشيات حملات تحريضية وطائفية ضده من أقدم المؤسسات في تعليم اللغة الإنجليزية في العاصمة صنعاء، حيث تم تأسيسه باتفاق حكومي يمني- أمريكي في سبعينيات القرن الماضي لتأهيل الموظفين العموميين في بعض القطاعات ونشر اللغة الإنجليزية؛ إذ يقدم مناهج تعليمية بالتعاون مع جامعة أكسفورد ومؤسسات دولية أخرى، على أن يحقق موارده من خلال رسوم يدفعها الراغبون في الدراسة فيه.
وفي مطلع العام الجاري حذرت سفارة الأمريكية لدى اليمن من استخدام مليشيات الحوثي العلامة التجارية وشعار معهد "أميدست" التابع للسفارة في صنعاء، بشكل غير قانوني، بعد أن سيطرت المليشيات على جامعة العلوم والتكنولوجيا الخاصة، ومنحت علامة المعهد لإحدى كلياتها التي تدرس اللغة الإنجليزية، رغم أن المعهد لم يعد له وجود في العاصمة صنعاء، وجرى نقل مقره إلى العاصمة المؤقتة عدن.
aXA6IDMuMTQ1LjE4Mi4xODMg جزيرة ام اند امز